يحدث أن تعرف شخصا لديه ظروف معقدة فتراعي ظروفه وتتفهم أسباب فشله، ولكننا منذ سنتين تقريبا تعرفنا على وزارة لديها ظروف صعبة، وأصبحنا نراعي ظروفها بدلا من أن تراعي هي ظروفنا، وهذه الوزارة هي وزارة الإسكان التي نحاول دائما خداع أنفسنا، فلا نعترف بفشلها الذريع في التصدي للمشكلة الإسكانية، وأشغلنا أنفسنا بمهمة البحث عن أعذار لها، فبعد الخطط والدراسات والجولات والندوات نشرت أخبار صحفية حول اعتزام وزارة الإسكان توزيع الوحدات السكنية الجاهزة بعد سبعة أشهر، ممتاز جدا.. لقد صبرنا سنوات طويلة في انتظار حل المشكلة الإسكانية، ولن يضرنا كثيرا أن نصبر سبعة أشهر أخرى، ولكن بعد تفحص هذه الأخبار اتضح أن عدد الوحدات السكنية التي يتم توزيعها بعد كل هذا العمل الدؤوب هو 940 وحدة سكنية فقط لا غير في طول البلاد وعرضها!. هل تتخيلون حجم الإنجاز؟!، 940 وحدة سكنية فقط في جيزان وخيبر وبريدة في بلد يعد فيه منتظرو الرعاية السكنية بمئات الآلاف، بل إن بعض الإحصاءات الحكومية تقدرهم بمليوني مواطن!، لو كلفنا إحدى الجمعيات الخيرية بمشروع سكني لأنتجت وحدات سكنية تفوق في عددها وحدات وزارة الإسكان التي طال انتظارها!، بل إن فاعل خير واحدا يمكن أن يقوم بما تنوي القيام به هذه الوزارة الطويلة العريضة بكل ملياراتها وموظفيها ومستشاريها ودراساتها وتحالفاتها مع القطاع الخاص، وهو بالتأكيد سوف يحتاج وقتا أقل من ذلك الوقت الطويل الذي استهلكته الوزارة في تحقيق هذا الإنجاز التاريخي!. يبدو الأمر وكأنه محاولة لإغلاق البحر بسدادة فلين، فهذا الرقم لن يغير شيئا على أرض الواقع، باستثناء أن الوزارة سوف تنشر صور هذه الوحدات السكنية في الصحف، فيتوهم الكثيرون بأن المشكلة في طريقها إلى الحل، ويحلم البسطاء بالبيوت التي لن يسكنوها أبدا إذا ما استمر عمل الوزارة على هذا النحو، ولن يكون غريبا لو نشرت تقارير صحفية عن عيوب هذه الوحدات السكنية أو مميزاتها، فينشغل الناس عن حقيقية أنها ليست شيئا على الإطلاق، فهي مجرد وسيلة لتمرير الوهم الكبير بأن هذه الوزارة قادرة على حل المشكلة الإسكانية. ومن يدري؟!، فقد تمر الأشهر السبعة دون أن تستطيع الوزارة تسليم هذا العدد الضئيل من البيوت إلى أصحابها، فيتم تأجيل هذا (الإنجاز) إلى حين ميسرة، أو يتم تخفيض الأعداد بحيث يتم توزيع الوحدات السكنية في مناطق أخرى، وقد يكون بعض هذه الوحدات السكنية قد تم إقراره قبل إنشاء الوزارة، فسعت إلى ضمها كي تقنع الذين ما زالوا يتشبثون بالوهم بأنها قادرة على فعل شيء ما. لذلك، عزيزي المواطن، إذا كنت من الـ940 المحظوظين الذين سوف يستلمون هذه الوحدات السكنية، فإننا نبارك لك بالحصول على بيت العمر بعد كل هذا الانتظار، أما إذا كنت من المليوني مواطن الذين ينتظرون دورهم، فما عليك سوى أن تمسك بالآلة الحاسبة وتقسم مليونين على 940 طلبا إسكانيا، وحين تصل إلى عدد الدفعات الذي يزيد على ألفي دفعة، عليك أن تضربها بسنتين ليصلك الدور بعد أربعة آلاف سنة بالتمام والكمال، وحينها سوف تكون قد تحللت وتحولت إلى بترول خام وتم تصديرك إلى كوريا الجنوبية!. klfhrbe@gmail.com للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ،636250 موبايلي، 738303 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة
مشاركة :