بغداد - يستمر العراق بدوره المؤثر في تهدئة التوترات في المنطقة وعدم جرها إلى حرب جديدة بسبب تطورات الأحداث في سوريا والحرب الإسرائيلية على غزة، حيث يعتزم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني التوجه غدا الاثنين، إلى المملكة المتحدة، في زيارة رسمية لبحث ملفات مهمة، بعد أيام من اختتامه زيارة إلى العاصمة الإيرانية طهران. فقد ذكر موقع "ذا نيو ريجن"، اليوم الأحد، أن "السوداني سيجري غدا الاثنين زيارة رسمية إلى لندن بناء على دعوة رسمية وجهت له مسبقا". ولم يشر الموقع إلى جدول أعمال الزيارة، لكنه أفاد بأن السوداني سيبقى في لندن حتى الأربعاء على الأقل. وتأتي الزيارة بعد اجتماع مع السفير البريطاني لدى العراق ستيفن هيتشن في 30 ديسمبر الماضي، حيث تمت مناقشة الاستعدادات لزيارة السوداني إلى المملكة المتحدة بعد دعوة رسمية. وكان من المقرر أن يزور السوداني لندن في أوائل أكتوبر 2024، ولكن الزيارة تأخرت بسبب التطورات الإقليمية في ذلك الحين، بحسب مكتبه الاعلامي. إلى ذلك، كشفت مصادرحكومية مطلعة على الزيارة الأحد، عن أبرز الملفات التي سيبحثها السوداني خلال زيارته لندن. ونقلت وكالة "شفق نيوز" عن مصدر حكومي مطلع على الزيارة قوله إن "زيارة السوداني الرسمية سوف تقتصر على يوم واحد وسوف يناقش مع المسؤولين هناك التطورات الإقليمية الأخيرة، وجهود العراق بإبعاد نفسه عن دائرة الصراع والحرب". وبحسب المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، فإن رئيس الوزاء العراقي سيبحث مع المسؤولين البريطانيين ملف التسليح (لاسيما وأن العراق، مكبل بالاتفاقية الاستراتيجية مع واشنطن) فضلا عن عدد من الملفات الاقتصادية بين البلدين. وأضاف المصدر أن "السوداني سوف يركز في حواراته في بريطانيا على الملف الأمني، وسوف يبين لهم خطوات الحكومة العراقية في السيطرة على المشهد الأمني وخطواتها تجاه السيطرة على السلاح خارج إطار الدولة، وملف الفصائل سيكون ضمن مباحثات السوداني هناك، فهناك رغبة دولية بأن يتم الحد من سلاح الفصائل، خلال المرحلة المقبلة". وتعد المملكة المتحدة حليفا قويًا للعراق في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وشاركت القوات البريطانية ضمن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة والذي تم نشره في العراق بناءً على طلب الحكومة العراقية في عام 2014 في محاربة التنظيم المتشدد الذي اجتاح آنذاك مساحات شاسعة من الأراضي العراقية في شمال وغرب البلاد. وتأتى زيارة السوداني في ظل المتغيرات الجديدة التي تشهدها المنطقة وبدء العد العكسي لتولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الحكم في البيت الأبيض في 20 يناير الجاري والحديث عن عقوبات أميركية جديدة على العراق وحل الفصائل المسلحة. وكانت وسائل إعلام محلية، أفادت مؤخرا، عن زيارة مرتقبة لمبعوث الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب إلى العراق، حاملاً معه رسالة إلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، تتعلق برؤية ترامب الجديدة حول المنطقة والفصائل في العراق. وأجرى السوداني في 8 يناير الجاري زيارة رسمية إلى العاصمة الإيرانية طهران هي الأولى له في عهد الحكومة الإيرانية الحالية منذ تشكيلها في آب أغسطس 2024، حيث التقى بالرئيس الإيراني مسعود بزشكيان والمرشد الإيراني علي خامنئي، حيث أكد خلالها عدم جعل العراق ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية، وعدم زجه في المتغيرات السياسية في المنطقة، فضلا عن مناقشة عدد من الملفات تتعلق باستيراد الغاز والديون المترتبة على العراق. وأجرى السوداني زيارات عديدة إلى دول المنطقة بعد سقوط نظام بشار الأسد، منها الأردن والسعودية، حيث ناقش مع قادة هذه الدول قضايا أمنية، كما شارك العراق في مؤتمر العقبة الذي عقد في الأردن، بمشاركة دول عدة بينها الولايات المتحدة. وكانت مصادر سياسية مطلعة في العراق كشفت في ديسمبر الماضي عن تلقي الحكومة العراقية رسالة أميركية تطالبها بحل الحشد الشعبي ومكافحة السلاح المنفلت وتحصين قرارها السيادي من تأثيرات إيران. ويرجع تشكيل هيئة الحشد الشعبي في العراق إلى عام 2014 عندما أصدر المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني في النجف فتوى بتشكيل حشود شعبية لمواجهة خطر تنظيم داعش، الذي توغل داخل مدن عراقية وسيطر على ثلث أراضي العراق، ووصل إلى مشارف العاصمة بغداد. وهبت الحشود، وتطوع ما يقارب المليون شخص لحمل السلاح وتوجهوا إلى جبهات القتال مع الجيش العراقي، وبعد مرور عامين أصدر مجلس النواب العراقي عام 2016، عقب طلب رفعه نواب من الكتل الشيعية، قانونا خاصا بالحشد الشعبي في العراق، باعتباره أحد تشكيلات القوات المسلحة العراقية. ويمثل الحشد عبئا كبيرا على الحكومة العراقية سياسيا وأمنيا وماليا. وقد تم تخصيص ما مقداره خمسة عشر في المئة من موازنة الدولة العراقية، البالغة حوالي 153 مليار دولار للسنوات الثلاث من 2023 إلى 2025، للإنفاق الأمني والعسكري. مع سقوط النظام السوري والتوجه نحو تشكيل حكومة بديلة، يواجه العراق تحديا استراتيجيا يتمثل في الحفاظ على مصالحه الوطنية وبناء علاقات إيجابية مع القيادة السورية الجديدة، بشكل يخدم استقرار المنطقة ورفاهية شعوبها، إذ ينبغي لصانع القرار العراقي أن يأخذ النقاط التالية بعين الاعتبار فهم القوى الجديدة وتحليل امتداداتها، وعوامل قوتها وضعفها وتحصين الحدود.
مشاركة :