أيام قليلة تفصلنا عن شهر رمضان الكريم، وكما هي العادة تتلخص مظاهره العربية في مظهرين رئيسيين: جنون التسوق الذي يجسده المشهد السعودي في أشد تجلياته، وطوفان المسلسلات وبرامج الفضائيات. بالنسبة لموضوع التسوق وآلاف السلع المعروضة لا ندري ماذا سيفعل بنا التجار هذه المرة، فعادتنا لن تتوقف بكل طبقاتنا وشرائحنا في تكديس المواد الغذائية التي تكفي دول مجلس التعاون والإقليم المحيط به ليذهب معظمها في حاويات القمامة وفي صورة من أبشع صور الاستهتار بالنعمة حتى مع الظروف والتحولات التي نعيشها الآن وسوف تستمر ولن تعود إلى الوراء أبدا، والمجاعات القاسية التي تمر بها شعوب شقيقة حولنا، رجائي لشعبنا المسرف أن يتعاطف هذه المرة وهذه المرة على الأقل «شعبيا» وليس على المستوى الرسمي بالمساعدات والهبات، أن يتعاطف مع الآخرين بمراجعة سلوكه الاستهلاكي، ويتذكر وجود أفواه جففها الظمأ وبطون اعتصرها الجوع وأطفال يتساقطون بجلود وعظام واهنة وعجائز وشيوخ تتساقط دموعهم على أوطانهم وبيوتهم، وقد كانوا أعزة فأصبحوا أذلة بفعل مؤامرات الشر ضدهم.وفي جانب آخر ومن أجل جيوبكم أيها الشعب السعودي يجب أن تتذكروا أن الأوضاع تغيرت وقائمة الأولويات والفواتير تغيرت، وكذلك لا ندري ماذا سيحدث في سوقنا الاستهلاكي خلال رمضاننا القادم. وبمعنى أوضح فقد شهدت وزارة التجارة خلال المدة الماضية فترة ذهبية علا فيها كعب المواطن قليلا على كعب التاجر، وأصبح التاجر يحسب حسابا كبيرا لبلاغات المواطن ضد الأسعار، لكننا الآن في فترة انتقالية لا نعلم ما سيحدث فيها، هل سيستمر الحزم أم سيعود «الفلتان» مرة أخرى، ولكن في كل الأحوال انتبه هذه المرة أيها المواطن السعودي. انتبه لأسباب كثيرة يصعب حصرها هنا، لكنها لا تغيب عن فطنتك.
مشاركة :