هذه المرة لن نقول «اسمع يا رضا»، بل «لتكن قوة سنودن معك» باقتباس عبارة «لتكون القوة معك» الشهيرة في سلسلة أفلام «حرب النجوم» التي أطلقها المخرج فرانسيس فورد كوبولا.
قبل ستين سنة بالضبط، صدر عن «مطبعة الكريم- جونية» كتاب «اسمع يا رضا» للكاتب اللبناني أنيس فريحة، وفيه مقارنة تمزج الطرافة بالذكاء، بين ألعاب أجيال خلت، وما شاهده فريحة من ألعاب أحفاده. دخلت عبارة «اسمع يا رضا» ذاكرة اللبنانيّين إلى حدّ أنها اقتبست مطلعاً لأغنية أدّاها جوزيف صقر، قبل عقود أيضاً.
إذاً، لطفولة رقمية للقرن 21، الأرجح أن نقول «لتكن قوّة سنودن معك»، مع تذكّر أن الجيل المتمسك بالشاشات اللامعة وأزرارها وأدواتها، ربما يرحب أن يكبر ليكون الخبير المعلوماتي إدوارد سنودن، الذي أصبح من رموز الدفاع عن الحريّات على الإنترنت. ما هي القوّة التي حازها سنودن أصلاً؟ كان سنودن خبيراً بارعاً في التشفير والترميز («كودنغ» Coding) الرقمي، وهو أيضاً وضع جوليان أسانغ، صاحب موقع «ويكيليكس» WikiLeaks الشهير.
إذاً، الأرجح أنك تستطيع إثارة خيال طفلك إذا أهديته جهاز «رازبري باي» Rasperry Pi، وتعاونت معه في تعلّم التشفير. (ربما تكون مناسبة للآباء كي يتعلّموا هم التشفير أيضاً).
ويجمع اسم الجهاز كلمتي «رازبري» (تعني حرفيّاً «فراولة») و«باي»، وهي الرقم الشهير الذي يستعمل في حساب محيط الدائرة، وتظهر في كتب الأطفال في المرحلة الابتدائية.
ويتميّز «رازبري باي» برخص ثمنه نسبيّاً (30 دولاراً)، وهو جهاز قابل للفك والتركيب والإضافة، ما يعني أنه يعلم الطفل مجموعة كبيرة من المهارات المتصلة بالكومبيوتر والأجهزة الإلكترونيّة، إضافة إلى التشفير.
وفيما يلي بعض الألعاب التي تعلّم ابنك التشفير، وتذكّر أنّ ذلك مفيد لمستقبله، بمعنى أن التشفير هو جزء من الحياة الرقميّة، ربما كما كانت جداول الضرب والقسمة لأجيال مضت.
1- هناك موقع مخصّص لهواة ذلك الجهاز الذي يربط إلى الكومبيوتر كي يتصل بالإنترنت. (هذه فرصة لتكون نشاطات الأبناء على الشبكة تحت أعين الآباء، وبمشاركتهم أيضاً). يحمل الموقع اسم «رازبري جامز» Rasperry Jams. ويدار الموقع من قِبَل اختصاصيّين يدربون على كتابة الشيفرة، واستخدام نظام «لينوكس» Linux المفتوح المصدر الذي غالباً ما يكون موجوداً في جهاز «باي».
2- عند زيارة موقع جهاز «رازبري باي»، هناك موقع مخصّص لمجموعة من المشاريع التي تدرّب الطفل على كتابة الشيفرة انطلاقاً من الصفر، وتحمل اسم «سكراتش» Scratch. يبرز من بينها مشروع «سكراتش» المتصّل بـ»معهد ماساشوستس للتقنية». ويعلم ذلك المشروع الأطفال كتابة الشيفرة بطريقة سهلة، تعتمد على الرسوم الملوّنة. ويعني ذلك أنه يكسر الطابع الجاف للتشفير، عبر تعليم الطفل كيف يحوّل الشيفرة إلى رسوم تتحرك وألعاب يبنيها بنفسه.
3- بعد الانتهاء من التدريب الأولي في «سكراتش»، يمكن الانتقال إلى موقع «بايتون» Python. ويتميّز بأنه يعلّم التشفير بطريقة تتميّز بالسهولة في القراءة والبساطة في الكتابة. ويتميّز الموقع بوجود كتاب إلكتروني من صنعه، وهو مبسّط ومخصّص لتعليم الأطفال الشيفرات الإلكترونيّة. ويلامس سعره الـ18 دولاراً، ما يجعله ربما هدية أخرى للطفل!
4- لا شيء يعلّم الأطفال مثل الألعاب. وبالأرقام، يبدو أن لعبة «ماينكرافت» Minecraft هي الأكثر جذباً لأطفال الجيل الرقمي. (ربما لذلك السبب اشترتها شركة «مايكروسوفت»). ومن المستطاع وصف «ماينكرافت» بأنها لعبة «ليغو» رقميّة، فهي تعطي كل ميزات لعبة الـ»ليغو» الشهيرة، لكن كونها رقميّة يتيح لها أن تعلّم الطفل بناء ما لا يحصى من الأشياء. ومنذ بعض الوقت، يوجد على موقع «ماينكرافت» قسم مخصّص لجهاز «رازبري باي» يهتم بتعليم الأطفال كتابة الشيفرة عبر سلسلة من ألعاب «ماينكرافت»، بل يعلمهم كتابة شيفرة لصنع ألعاب إلكترونيّة مبسّطة، باستخدام طريقة «بايتون» التي شرحت أعلاه.
5- مع موقع «سنس هات» Sense HAT، تصبح اللعبة أكثر تشويقاً وتعطي الطفل مهارات التعامل مع الأجهزة الإلكترونيّة، لكنها تتضمّن أكلافاً أخرى. ويعرض الموقع لوح إلكتروني يصل ثمنه إلى قرابة خمسين دولاراً، بل ربما كلّف أكثر من ذلك إذا تطلب الأمر شحنه بالبريد، خصوصاً أن بعض الدول العربيّة لا تتقيّد بمبادرة «الضريبة صفر» على الأجهزة الإلكترونيّة!