مختصون: أسعار النفط تلاقي دعما من تقلص الإمدادات العالمية

  • 5/23/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

توقع مختصون نفطيون أن يستأنف النفط الخام ارتفاعاته السعرية في الأسبوع الجاري، بعد أن أغلق الأسبوع الماضي منخفضا بسبب جني الأرباح وارتفاع مستوى المخزونات، فيما جعل حالة عدم الاستقرار تلقي بظلال ممتدة على أوضاع سوق النفط. واعتبر المختصون أن أسعار الخام تلقت دعما جيدا من تراجع الإمدادات، سواء إنتاج النفط الصخري الأمريكي والإنتاج الكندي وتعطل الإمدادات من نيجيريا وليبيا، إلا أن ارتفاع الأسعار أسهم من جديد في تنشيط المضاربات للاستفادة من نمو الأسعار القياسي في الفترة السابقة. وتواجه أسعار الخام ضغوطا ناجمة عن صعود الدولار أمام بقية العملات الرئيسة، وفي الوقت نفسه استمرار حالة وفرة الإمدادات وتخمة المعروض في الأسواق، فيما جاءت بيانات عن استقرار عدد الحفارات النفطية لتقلل نسبيا من مخاوف انهيار المعروض النفطي، وتجدد بعض الآمال في إمكانية تعاف جديد للإمدادات الأمريكية، خاصة أن الأسعار كانت قرب 50 دولارا للبرميل، فيما يعد بداية مستوى متوسط للأسعار مرشحا للنمو بشكل أكبر في النصف الثاني من العام الجاري. وأوضح لـ "الاقتصادية"، إيليا بورتمان نائب رئيس شركة بريتيش بتروليوم "بي بي" البريطانية لشؤون الشرق الأوسط، أن شركات الطاقة الدولية مطالبة أكثر من أي وقت مضى، وبشكل ليس اختياريا أن تركز على تطوير القدرات البشرية. مشيرا إلى أن شركة بريتيش بتروليوم تعطي أولوية قصوى لبرامج تطوير رأس المال البشري، ولها عديد من المشاريع في هذا المجال، خاصة في العراق وبعض دول العالم. وقال بورتمان إن "بي بي" عندما بدأت نشاطها في كركوك عام 2013 اهتمت بتدريب العمالة المحلية وتأهيلهم للعمل في شركة نفط دولية بحجم الشركة البريطانية، حيث ركز التدريب على الانفتاح ورفع مستوى المهارات لدى القوى العاملة وتشجيع المواهب وزيادة التحديث والتقنيات في الشركات المحلية. وأشار بورتمان إلى أن "بي بي" تعتز باستثماراتها في الشرق الأوسط، خاصة في العراق، حيث إنها الشريك الرئيس في حقل الرميلة، وهو واحد من أكبر حقول النفط في العالم، الذي يضم أكثر من سبعة آلاف عامل و22 ألف مقاول عراقي. وأوضح بورتمان أن استراتيجية عمل بورتمان في الشرق الأوسط تتمحور حول ثلاث ركائز أساسية، وهي تعزيز وزيادة الإنتاج ورفع مستوى كفاءة البشر وصقل مهاراتهم، إلى جانب تعزيز التنمية المستدامة في دول المنطقة. مشيرا إلى أن تجربة العراق تعد نموذجا جيدا وناجحا لهذه الاستراتيجية التي تطلق "بي بي" عليها مسمى استراتيجية "بناء مستقبل في قطاع الطاقة". ويرى بورتمان أن تجربة العمل في الشرق الأوسط نبهت إلى أهمية دور شركة بريتيش بتروليوم في إحداث تأثير إيجابي على المجتمعات التي تعمل فيها من خلال تحسين رأس المال البشري وزيادة قدراته على نطاق واسع، مضيفا أن نجاح استثمارات الطاقة التي تنفذها الشركات العالمية في أي دولة من دول العالم النامي مرتبط ارتباطا وثيقا بالتعاون والتنسيق بين الشركات والحكومات والمجتمع المدني، وهو ما يمكن من تحقيق تأثير إيجابي واضح على المجتمعات المحلية. من جانبه، قال لـ "الاقتصادية"، رينيه تسوانيبول مدير شركة "طاقة" في هولندا، إن تزايد حالات تعطل الإمدادات كان أكبر داعم لنمو الأسعار في الأيام الماضية، ولكن بعض المؤسسات المالية بالغت في تقدير الموقف إلى حد الإعلان عن انتهاء تخمة المعروض، ولكن أغلب التقديرات الاقتصادية تشير إلى أن تخمة المعروض ما زالت مستمرة وإن كانت بحدة أقل. وأشار تسوانيبول إلى أن استمرار صعود الدولار على حساب بقية العملات الرئيسة ووفرة المخزونات النفطية يمثلان عناصر رئيسة لكبح تعافي الأسعار، ما يؤخر استعادة مستوى الأسعار المتوسطة، التي تكفي لإنعاش اقتصاديات الدولة المنتجة، وتحقيق نشاط نسبي للاستثمارات. وأضاف تسوانيبول أن الاجتماع الوزاري المقبل لمنظمة "أوبك" بعد نحو عشرة أيام يأتي في إطار أجواء أفضل نسبيا، مقارنة بالاجتماعات السابقة في ضوء آفاق جيدة لنمو الطلب وتوقعات تعافي الأسعار، لكن الفرص الحقيقية للتوصل إلى مواقف جديدة للسيطرة على المعروض، سواء بالخفض والتجميد ما زالت ضئيلة. مشيرا إلى توقعات روسية باستمرار تفوق المعروض خلال العام الجاري على الطلب بنحو 1.5 مليون برميل يوميا. في سياق متصل، أوضح لـ "الاقتصادية"، الدكتور إمبرجيو فاسولي مدير مركز دراسات الطاقة في مدينة لوزان السويسرية، أن شركات النفط الصخري الأمريكي شهدت زيادة في حالات إشهار الإفلاس، كما تفاقمت الأزمة الاقتصادية في فنزويلا، ما أدى إلى تراجع واسع للإمدادات لم يكن له التأثير نفسه المواز على نمو الأسعار بسبب استمرار ارتفاع مستوى المخزونات. وأشار تسوانيبول إلى أن الاستثمارات تقلصت بشكل كبير في العامين الماضيين، بعد انهيار الأسعار، ولكن السوق ما زالت تتلقى إمدادات مرتفعة بسبب بعض المشاريع طويلة الأجل التي تم بدء عملها، عندما كانت أسعار النفط مرتفعة وتتجاوز 100 دولار في النصف الأول من عام 2014، ومن المتوقع أن يستمر إمدادها لسنوات مقبلة. وأشاد تسوانيبول باهتمام كبار الدول المنتجة للنفط، وفي مقدمتها السعودية بإجراء إصلاحات هيكلية في الاقتصاد من خلال التوسع في الخصخصة وتهيئة بيئة الأعمال لانطلاق القطاع الخاص وإصلاح وتطوير الآداء الحكومي وتوسيع الشراكة الاقتصادية وتعزيز مستويات الشفافية. من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، فقد تراجعت أسعار النفط في ختام الأسبوع المنصرم، بعد أن شجع صعود الدولار المستثمرين على مبيعات لجني الأرباح للاستفادة من ثاني أسبوع من المكاسب في سوق الخام التي ما زالت تركز على تقييم التأثير المحتمل لتعطلات غير مقررة في الإمدادات على تخمة عالمية عنيدة. وقفز الدولار إلى أعلى مستوى في أكثر من ثلاثة أسابيع أمام الين الياباني، وسجل ثالث أسبوع من المكاسب، مع تزايد التوقعات بأن البنك المركزي الأمريكي سيرفع أسعار الفائدة هذا الصيف، ويجعل الدولار عقود النفط المقومة بالعملة الأمريكية أكثر تكلفة على حائزي العملات الأخرى. وبحسب "رويترز"، فقد أنهت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت لأقرب استحقاق جلسة التداول منخفضة تسعة سنتات لتسجل عند التسوية 48.72 دولار للبرميل، بينما تراجعت عقود الخام الأمريكي 41 سنتا لتغلق عند 47.75 دولار للبرميل. وسجل النفط ثاني أسبوع على التوالي من المكاسب مع ارتفاع الانقطاعات المفاجئة في الإمدادات إلى أعلى مستوى لها في خمس سنوات على الأقل بسبب حرائق غابات في كندا وانخفاضات في إنتاج الخام في نيجيريا وليبيا وفنزويلا، وأنهى الخام الأمريكي الأسبوع المنصرم على مكاسب قدرها 3.3 في المائة، بينما ارتفع برنت 1.7 في المائة. وقالت شركة "بيكر هيوز" للخدمات النفطية إن شركات الطاقة الأمريكية أبقت عدد الحفارات النفطية بلا تغيير للمرة الأولى هذا العام مع تداول عقود الخام قرب أعلى مستوى في سبعة أشهر، مضيفة في تقريرها الذي يحظى بمتابعة وثيقة أن عدد الحفارات النفطية قيد التشغيل في الولايات المتحدة استقر عند 318 في الأسبوع المنتهي في الـ 20 من أيار (مايو) عند أدنى مستوى منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2009. وفي مثل هذا الأسبوع من العام الماضي بلغ عدد الحفارات النفطية قيد التشغيل 659 حفارا، وقبل هذا الأسبوع أضافت شركات الحفر حفارا نفطيا واحدا فقط منذ بداية العام في الأسبوع المنتهي في 18 آذار (مارس)، وخفضت الشركات عدد الحفارات النفطية في المتوسط بمقدار 11 حفارا للأسبوع، وبلغ إجمالي الخفض حتى الآن 218 حفارا. وفي 2015 أوقفت شركات الحفر في المتوسط تشغيل 18 حفارا نفطيا إسبوعيا بانخفاض إجمالي بلغ 963 حفارا، وهو أكبر انخفاض سنوي منذ عام 1988 على الأقل وسط أكبر هبوط في أسعار النفط في 25 عاما. وقلصت شركات الطاقة بشكل حاد عمليات الحفر النفطية منذ أن بدأ انهيار الأسعار في أسواق النفط في منتصف 2014 مع هبوط عقود الخام الأمريكي من أكثر من 107 دولارات للبرميل إلى أدنى مستوى في 13 عاما عند نحو 26 دولارا للبرميل في شباط (فبراير) الماضي. لكن مع إغلاق عقود الخام الأمريكي فوق 48 دولارا للبرميل معظم الأسبوع المنصرم بدعم من مخاوف بشأن الإنتاج في نيجيريا وفنزويلا يتوقع معظم المحللين أن عدد الحفارات سيتوقف عن الانخفاض قريبا قبل أن يتجه للارتفاع في وقت لاحق هذا العام مع توقع صعود الأسعار في الأشهر المقبلة.

مشاركة :