بدأت «قوات سوريا الديمقراطية» عملياتها العسكرية بدعم من التحالف الدولي في شمال محافظة الرقة، معقل تنظيم داعش في سوريا؛ حيث شهدت بعض المناطق معارك عنيفة بين الطرفين، فيما تحدثت معلومات عن تهديد «داعش» باستخدام الكيماوي إذا حاول الأكراد التقدم باتجاه مركز المدينة. وأعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن بدء «قوات سوريا»، صباح أمس، عملية عسكرية نحو الرقة، انطلاقا من الريف الجنوبي لمدينة تل أبيض الحدودية، وريف بلدة عين عيسى الواقعة بالريف الشمالي الغربي للرقة، فيما أكد المتحدث باسم «القوات» طلال سلو، أن الهدف اليوم هو تحرير ريف الرقة الشمالي، وليس المدينة التي تعد عاصمة «داعش». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الظروف لغاية الآن ليست مهيئة لمعركة المدينة التي لن تسقط بسهولة وتتطلب استعدادات ضخمة من قبلنا وستكلف «داعش» تضحيات كبيرة». لافتا إلى أن تحرير الريف الشمالي الذي يستفيد منه التنظيم لمهاجمة المناطق الخاضعة لسيطرتنا، من شأنه أن يضيق الخناق عليه ويمهد للوصول إلى المدينة»، مشيرا إلى أنه سيتم تسليم هذه المناطق بعد تحريرها إلى إدارات مدنية عربية - كردية مشتركة». وقالت «قوات سوريا الديمقراطية» على حساب «تويتر» نقلا عن القيادة في هذه القوات روجدا فيلات: «نبدأ عملية تحرير شمال الرقة بمشاركة جميع وحدات (قوات سوريا الديمقراطية) بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن». وأضافت فيلات أن الهدف من العملية «صد العمليات الإرهابية عن الشدادي (جنوب الحسكة) وتل أبيض (شمال الرقة) وكوباني (شمال حلب)»، وهي جميعها مناطق نجح المقاتلون الأكراد في طرد التنظيم منها. وأفاد المرصد أن العملية في مرحلتها الأولى تهدف إلى السيطرة على مثلث تل أبيض - الفرقة 17 - عين عيسى بشمال وشمال غربي مدينة الرقة، ولا تهدف حتى الآن إلى التوغل داخل مدينة الرقة، كما أكدت مصادر للمرصد السوري أن «قوات سوريا الديمقراطية» التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردي عمادها، وافقت على بدء العملية، بعد تفاهم مع قائد القيادة الأميركية في الشرق الأوسط جوزيف فوتيل خلال زيارته المنطقة قبل أيام، وزيارة سياسيين في حزب الاتحاد الديمقراطي والإدارة الذاتية الديمقراطية للعاصمة الأميركية واشنطن قبل أيام. وقال أبو محمد الرقاوي، في «تجمع الرقة تذبح بصمت»: «اليوم يمكن القول: إن المعركة في شمال الرقة قد بدأت فعليا؛ حيث تقع اشتباكات عنيفة بين (قوات سوريا الديمقراطية) وتنظيم داعش في منطقة الهيشة، التي سبق لـ(قوات سوريا) أن سيطرت عليها قبل يومين، قبل أن يستعيدها التنظيم». وفي حين أشارت معلومات إلى أن المعارك وصلت إلى أطراف مدينة الرقة، أوضح أبو محمد لـ«الشرق الأوسط» أن «الاشتباكات ترتكز بشكل أساسي في منطقة الهيشة التي تبعد نحو 40 كلم عن المدينة، التي تفصل بينهما منطقتا تل السمن وحزيمة، علما بأن الوصول إلى المدينة ليس بالأمر السهل؛ نظرا إلى قيام (داعش) بنشر الألغام فيها وتحصين أطراف المدينة وإقامة خنادق». ولفت أبو محمد إلى ارتباك في صفوف التنظيم في مدينة الرقة؛ حيث سجل تجول لسياراته محملة بالأسلحة الثقيلة في الشوارع وإقامة حواجز متنقلة». من جهته، قال الناشط أبو شام الرقة، لـ«الشرق الأوسط»: «الهجوم في ريف الرقة الشمالي قد بدأ و(قوات سوريا) تحاول التقدم باتجاه المدينة في ظل تصد من قبل التنظيم»، مشيرا إلى أن المعارك إذا وصلت إلى الرقة حيث يقطن 700 ألف مدني ستؤدي إلى دمار شامل». ولفت إلى «أن (داعش) يتحدث داخل مدينة الرقة أنه سوف يرد بسلاح كيماوي إذا تقدمت الأحزاب الكردية باتجاه مركز المدينة». وقال عبد الرحمن: «تقصف طائرات حربية تابعة للتحالف الدولي منذ الصباح بعشرات الغارات مواقع للتنظيم في ريف الرقة الشمالي والأطراف الشمالية لمدينة الرقة وداخلها، تمهيدا لتقدم (قوات سوريا الديمقراطية) في شمال الرقة». وأسفرت الغارات حتى الآن بحسب عبد الرحمن عن مقتل «22 عنصرا من التنظيم المتطرف على الأقل». ونقل المرصد عن مصادر موثوقة أن «(قوات سوريا الديمقراطية) بدأت صباحا عملية عسكرية نحو الرقة؛ حيث بدأ مقاتلوها بالتحرك نحو المدينة انطلاقا من الريف الجنوبي لمدينة تل أبيض الحدودية، وريف بلدة عين عيسى الواقعة بالريف الشمالي الغربي للرقة، وأشار إلى وقوع اشتباكات متفاوتة العنف بين مقاتلي (قوات سوريا الديمقراطية) المسندة بطائرات التحالف من جهة، وعناصر تنظيم داعش من جهة أخرى، بالتزامن مع استهداف كل طرف لمواقع الطرف الآخر، كما ترافقت الاشتباكات مع ضربات جوية مكثفة وعنيفة لطائرات التحالف على مدينة الرقة وأطرافها، بالإضافة إلى استهداف تمركزات ومواقع عناصر التنظيم في منطقة الاشتباك». وكان المقاتلون الأكراد طردوا تنظيم داعش من تل أبيض في في يونيو (حزيران) 2015 ومن عين عيسى في يوليو (تموز) من العام ذاته. وقبل أيام أعلن بريت ماكغورك، المبعوث الخاص للرئيس الأميركي لدى التحالف ضد تنظيم داعش، في تغريدة على «تويتر» أن قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط الجنرال جوي فوتيل زار سوريا السبت «للتحضير للهجوم على الرقة». وعرضت يوم أمس، قناة «سي إن إن»، فيديو لرحلة الجنرال جوزيف فوتيل المشرف على الحرب ضد «داعش»، السرية إلى سوريا، وهو أعلى ضابط أميركي رتبة يدخل إلى سوريا. وقال قائد القيادة المركزية الأميركية للقناة: «هدف زيارتي الأساسي كان مقابلة بعض قيادات (القوات السورية الديمقراطية) في عدد من المواقع، بالإضافة إلى مقابلة فريقنا الاستشاري». وطلب الجنرال الأميركي عدم الإفصاح عن الكثير من التفاصيل عن كيفية وصول الجميع إلى سوريا، معتبرا أن ذلك جزء من الحرب وعلى رأس الأولويات. وكان المرصد أعلن أن اجتماعا جمع فوتيل بـ«قوات سوريا الديمقراطية» وممثلين عن فصائل عربية وتركمانية من أبناء المنطقة، بالإضافة إلى فصائل من محافظة الرقة؛ حيث جرى الاتفاق على التحضير لعمليات عسكرية واسعة بغطاء من قوات التحالف الدولي لطرد تنظيم داعش من مناطق سيطرته في سوريا، و«تحرير سوريا من الإرهاب». وسبق اجتماع الجنرال فوتيل في الريف الشمال الغربي للحسكة، اجتماع له في منطقة عين العرب (كوباني) بفصائل ممثلة لمنبج وجرابلس ومناطق ريف حلب الشمالي الشرقي، وجرى البحث في التطورات التي ستجري في المنطقة وآليات التحضير لعملية عسكرية جديدة ضد التنظيم؛ حيث تنقل القيادي إلى محافظة الحسكة بوساطة طائرات مروحية، بحسب المرصد.
مشاركة :