اتفاق روسي ـ أميركي على التهدئة بريف دمشق وموسكو تلزم النظام بهدنة 72 ساعة

  • 5/25/2016
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

يستمر الثنائي الأميركي - الروسي بفرض هدن جزئية ومؤقتة في مناطق سورية محددة ينتقيها، غير آبه باستمرارها وحتى تفاقمها في مناطق أخرى، وهو ما بدأت قوى المعارضة تنظر إليه بريبة، مشددة على وجوب العودة إلى مبدأ الهدنة الشاملة التي تؤسس لانطلاق العملية السياسية والمرحلة الانتقالية. وبعد 24 ساعة على التفجيرات الدموية وغير المسبوقة التي هزّت معقلين للنظام السوري في الساحل وأدّت إلى مقتل 154، انصبّت الاهتمامات الأميركية والروسية على إعادة إحياء الهدنة في الغوطة الشرقية ومدينة داريا المحاصرة قرب دمشق، وذلك قبل ساعات معدودة من انتهاء المهلة التي حددها 39 فصيلا مقاتلا معارضا بينها «جيش الإسلام» الأقوى في الغوطة الشرقية، وتهديده باعتبار اتفاق وقف الأعمال القتالية «في حكم المنهار تماما»، إذا لم يتم إلزام قوات النظام وقف هجماتها قرب دمشق خصوصا داريا. ونجحت موسكو، يوم أمس الثلاثاء، مرة جديدة بإلزام حليفها رئيس النظام السوري بشار الأسد بوقف الأعمال القتالية في المناطق المذكورة، بحيث شهدت داريا والغوطة الشرقية، بحسب رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، هدوءا نسبيا منذ الساعات الأولى من فجر أمس الثلاثاء بعد اشتباكات بين قوات النظام والمعارضة شهدتها منتصف ليل أول من أمس (الاثنين). وقال عبد الرحمن، لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه الاشتباكات «ترافقت مع قصف مكثف من قبل النظام على مناطق الاشتباك، وإطلاقه عدة صواريخ يعتقد أنها من نوع أرض - أرض على مناطق في المدينة». وطلب وزير الخارجية الأميركي جون كيري من نظيره الروسي سيرغي لافروف وخلال اتصال هاتفي بينهما أمس الثلاثاء: «حض النظام على الوقف الفوري لضرباته الجوية ضد قوات المعارضة والمدنيين الأبرياء في حلب وفي محيط دمشق». وحذرت وزارة الخارجية الأميركية من أنه «في حال استمر هذا (عنف النظام)، سنشهد انهيارا كاملا» لوقف الأعمال القتالية. بدورها، وبما يؤكد وصول الطرفين الأميركي والروسي إلى تفاهم على تجديد الهدنة في داريا والغوطة، دعت روسيا إلى فرض تهدئة لمدة 72 ساعة، بحسب ما أعلن رئيس المركز الروسي للمصالحة بين الأطراف السوريين سيرغي كورالينكو، الذي يتخذ من قاعدة حميميم في اللاذقية مقرا له. وقال كورالينكو إن «الفصائل المقاتلة في الغوطة الشرقية رصت صفوفها وأعادت التسلح وتستعد لشن هجوم». واعتبر رئيس مركز حميميم أن «وجود فصائل تصنف بوصفها جزءا من المعارضة المعتدلة، التي تتحكم بها الولايات المتحدة، إلى جانب فصائل تتعاون بشكل نشيط مع جبهة النصرة، ضمن المجموعات التي وقعت على هذا البيان، يثير الدهشة». ومرة جديدة، حثّت واشنطن يوم أمس الفصائل المقاتلة في سوريا على عدم التخلي عن الهدنة. وتوجه المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا مايكل راتني إلى الفصائل المقاتلة بالقول: «التخلي عنها (الهدنة) سيكون خطأ استراتيجيا»، داعيا الفصائل إلى تأكيد التزامها بها. ويتعرض اتفاق وقف الأعمال القتالية الذي تم بدء سريانه عمليا في شهر فبراير (شباط) إلى خروقات كثيرة، خصوصا في المناطق الواقعة قرب دمشق، وكان قد انهار قبل ذلك في مدينة حلب التي قتل فيها 330 مدنيا منذ 22 أبريل (نيسان). ومن أجل ضمان استمرار الهدنة فرضت الولايات المتحدة وروسيا اتفاقات تهدئة مؤقتة في الغوطة الشرقية وحلب. وانتهى نظام التهدئة في الغوطة الشرقية في الرابع من مايو (أيار)، وبعد نحو عشرة أيام شنت قوات النظام هجوما واسعا جنوب الغوطة، ونجحت في استعادة مناطق عدة. أما في داريا، فتدور اشتباكات متقطعة يرافقها قصف لقوات النظام منذ منتصف مايو. وتحدث موقع «المصدر» الإخباري المقرب من النظام السوري عن «عملية عسكرية ضخمة»، لاستعادتها خلال الأيام المقبلة. وتحاصر قوات النظام مدينة داريا منذ عام 2012 وهي تقع جنوب دمشق وبمحاذاة مطار المزة العسكري. وباتت فصائل المعارضة تتعاطى بريبة مع «الهدن المؤقتة» التي يفرضها الثنائي الأميركي الروسي، وهو ما عبّر عنه أبو أحمد العاصمي، عضو المجلس العسكري في «الجيش الحر»، لافتا إلى أنّه «عندما وافقت المعارضة على الالتزام بوقف إطلاق النار إنما وافقت على هدنة شاملة بكل سوريا بوصفها مدخلا للحل السياسي وانطلاق المرحلة الانتقالية». وقال العاصمي، لـ«الشرق الأوسط»: «بتنا نشعر مع مرور الأيام أن الهدن المتنقلة عبارة عن لعبة روسية - أميركية كبيرة يستفيد منها النظام ليستغل قواته في مناطق مشتعلة أخرى». وأكّد العاصمي أن الفصائل «لن تصبر كثيرا على الوضع الحالي»، مشيرا إلى أنّها تعد أن اتفاق وقف إطلاق النار «انتهى تقريبا بعدما خرج عن هدفه الأساسي». من جهته، اعتبر عضو الائتلاف المعارض سمير نشار أن «السعي لإنقاذ الهدن محاولة أميركية أكثر منها روسية، نظرا لكم الانتقادات التي تتعرض لها واشنطن التي أثبتت أنّها عاجزة عن الضغط على النظام، ليسمح بإدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة وأبرزها داريا، وبالتالي فقدت تأثيرها ليس فقط على قوى المعارضة بل على الدول الإقليمية التي تدعم الثورة». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «واشنطن باتت أشبه بوسيط في الحرب السورية وأبعد ما تكون عن الحليف أو الصديق للثورة، وقد يكون دورها بات أشبه بالدور الذي تقوم به الأمم المتحدة، فيما موسكو كانت ولا تزال الداعم والمقاتل الأبرز إلى جانب النظام».

مشاركة :