بيروت: «الشرق الأوسط» وافق «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية»، بغالبية أعضائه، على المشاركة في مؤتمر «جنيف 2» المقرر عقده في الثاني والعشرين من يناير (كانون الثاني) الحالي، لإيجاد حل سياسي لأزمة سوريا. وجاء قرار الائتلاف بعد يومين من اجتماع هيئته العامة في مدينة إسطنبول التركية، وإثر انقسامات حادة بين مكوناته، انتهت بموافقة 58 من أعضائه من أصل 75 شاركوا في الاجتماع لصالح الذهاب إلى جنيف مقابل معارضة 14 آخرين وامتناع عضوين عن التصويت. مكونات المعارضة العسكرية كانت قد استبقت قرار الائتلاف بإعلان موافقتها على الذهاب إلى جنيف، بعدما كانت في وقت سابق قد رفضت المشاركة. وأعلن رئيس هيئة الأركان في «الجيش السوري الحر» اللواء سليم إدريس أمس موافقته على المشاركة في كلمة مصورة بثها المكتب الإعلامي لهيئة الأركان على صفحته على موقع «فيس بوك»، وجاء في كلمته أن «الثورة السورية انطلقت سلمية وفرض عليها حمل السلاح، ونحن اليوم ندعم أي حل يدعم انتقالا سياسيا للسلطة بما يحقق أهداف الشعب السوري». وحث إدريس «الذاهبين إلى (جنيف 2) من المعارضة» على «التمسك بأهداف الثورة والمتمثلة في رحيل (الرئيس السوري) بشار الأسد وزمرته عن السلطة، وألا يكون له أي دور في مستقبل سوريا، إضافة إلى رحيل قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية المتورطين في قتل السوريين وتدمير البلاد». كما شدد على «تشكيل هيئة حكم انتقالية بصلاحيات كاملة تشمل الجيش والأمن وعلى إطلاق سراح المعتقلين خاصة النساء والأطفال، وفتح ممرات إنسانية فورا لتمرير المساعدات الغذائية إلى المناطق المحاصرة في داريا والمعضمية ومخيم اليرموك وحمص وغيرها». وكان خلاف قانوني نشب قبل المبادرة إلى عملية التصويت حول «ما إذا كان الائتلاف سيتخذ قراره بموجب موافقة ثلثي أعضائه زائد واحد أم سيكتفي بموافقة النصف زائد واحد»، وفق ما قاله عضو المجلس الوطني عبد الرحمن الحاج لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى «إحالة الخلاف إلى الهيئة العامة التي حسمت القرار لصالح الخيار الثاني»، في ما بدا وكأنه ضمان مسبق للحصول على أصوات كافية لاتخاذ قرار الذهاب إلى جنيف، لكن نتائج التصويت أظهرت اتخاذ القرار بموافقة غالبية أعضاء الهيئة العامة للائتلاف. وتمنع المادة الخامسة في النظام الداخلي المعتمد من قبل «الائتلاف المعارض» إجراء أي مفاوضات مع النظام السوري، وهو ما سبب مشكلة قانونية في مسألة اتخاذ قرار المشاركة في مؤتمر «جنيف 2» الذي سيحضره ممثلون عن النظام السوري. وأوضح الحاج أن «التصويت لم يجر وفق المادة الخامسة، إنما على القرار السابق الذي اتخذته الهيئة العامة بخصوص (جنيف 2)، وأعلنت فيه موافقتها المشروطة». وفي هذا السياق، أوضح عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني المعارض أحمد رمضان، لـ«الشرق الأوسط»، أن «عملية التصويت جرت بمن دون أي تعديل على ميثاق الائتلاف»، موضحا أن القوى العسكرية التي تقاتل على الأرض وافقت على المشاركة في مؤتمر «جنيف 2»، لا سيما هيئة «أركان الجيش الحر» و«الجبهة الإسلامية» وجبهة «ثوار سوريا» و«جيش المجاهدين». وأشار رمضان إلى أن «هذه القوى ستتمثل في الوفد المعارض الذي سيذهب إلى المؤتمر». وكان المتحدث باسم الائتلاف الوطني السوري خالد صالح قد ذكر بالشروط التي يضعها الائتلاف للمشاركة في مؤتمر «جنيف 2»، موضحا أن «الهدف من أي حل سياسي هو تشكيل حكومة انتقالية لا يكون الأسد جزءا فيها، وتتمتع بصلاحيات كاملة وتكلف تنظيم انتخابات شفافة». لكن النظام السوري رفض من جهته هذه الشروط، وكرر أنه لن يتوجه إلى سويسرا «لتسليم السلطة إلى أحد، ولن يقبل عقد صفقات مع أحد»، مؤكدا أنه يعود للأسد أن يقود المرحلة الانتقالية. وكان أعضاء في الائتلاف أبدوا خشيتهم من أن ينعكس قرار الهيئة العامة بالذهاب إلى جنيف على تماسكه الداخلي، إذ تخوف عبد الرحمن الحاج في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» من أن «يؤدي هذا القرار إلى انفراط عقد الائتلاف وانسحاب ينسحب عدد من أعضاء المجلس الوطني»، لكن الائتلاف وخلال اجتماعاته هيئته العامة في اليومين الماضين شكل لجنة للتفاوض معه 44 عضوا سبق أن أعلنوا انسحابهم منه احتجاجا على المشاركة في «جنيف 2» وقد شارك قسم منهم في اجتماع أمس.
مشاركة :