عاد الهدوء يوم أمس إلى سجن حماه المركزي بعد ساعات من العصيان الذي نفذه المعتقلون، للمرة الثانية خلال هذا الشهر، احتجاجا على عدم تنفيذ النظام لوعوده المتعلقة بإطلاق سراحهم بناء على الاتفاق الأخير الذي تم التوصل إليه بين الطرفين قبل نحو أسبوعين. وقال شاب معتقل في سجن حماه في اتصال مع «الشرق الأوسط»: «توصلنا إلى اتفاق مع النظام على إيقاف العصيان مقابل وعود بأن يتم الإفراج عن المساجين بدءا من يوم غد السبت، وإذا لم يتم التنفيذ عندها سيكون الرد قاسيا هذه المرة ولن نتراجع حتى لو كلفنا ذلك دما». من جهته، أوضح معتقل آخر في السجن، لـ«الشرق الأوسط»، أن «العصيان بدأ يوم الأربعاء نتيجة تقاعس النظام عن تنفيذ وعوده التي كانت تنص على إطلاق سراح جميع المعتقلين، بحيث لم يفرج إلا عن نحو 180 شخصا من أصل ما يقارب 850 سجينا، وهو الأمر الذي وضع النظام تحت الأمر الواقع، بحيث تمّت إحالة قضيتنا من وزارة العدل إلى وزارة الداخلية واجتمع وفد من المعتقلين بممثلين عن وزير الداخلية محمد الشعار، وتم التوصل إلى اتفاق مفاده إيقاف العصيان، مقابل أن يفرج عن المعتقلين على دفعات، وقد تم اليوم، أمس إطلاق سراح أربعة منهم، على أن يتم الإفراج عن المعتقلين الصادرة بحقهم أحكام ميدانية بدءا من السادس من شهر يونيو (حزيران) المقبل». ولفتت بعض المصادر إلى أن وفدا مكونا من قائد شرطة حماه وعميدين كانوا قد تولوا مهمة المفاوضات مع المعتقلين. وفي حين رجّحت مصادر معارضة متابعة لقضية سجن حماه، أن يتم الإفراج عن نحو نصف عدد المعتقلين، لفتت لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ النظام، يتعامل مع الاحتجاجات التي يقوم بها المعتقلون بعيدا عن العنف الذي اعتاد عليه، مرجحة أن يكون هذا الأمر نتيجة الضغوط الروسية التي يتعرض لها وأن قضية سجن حماه بالتحديد باتت تدار من قبل مركز حميميم، حيث القاعدة العسكرية الروسية». ورأت المصادر أن توقيف العصيان والاحتجاجات في السجن كانت لمصلحة المعتقلين في وقت تبذل روسيا جهودا لإرساء الهدن في سوريا، وأن أي مغامرة للنظام في هذا السجن ستنعكس سلبا على النظام وجهود موسكو وتضعف موقف الأخيرة». وكان السجناء أعلنوا مساء الأربعاء السيطرة على سجن حماه المركزي (وسط سوريا) وأسر ضابط وعدد من عناصر الأمن. واتهم السجناء النظام السوري بعدم الالتزام بالإفراج عن العدد المتفق عليه خلال الهدنة التي توصلوا إليها في وقت سابق من الشهر الجاري. وكان نحو ثمانمائة سجين - معظمهم معتقلون سياسيون - قد بدأوا بداية الشهر الحالي في عصيان داخل السجن من أجل منع قوات النظام من نقل خمسة معتقلين إلى سجن صيدنايا لإعدامهم، تنفيذا لأحكام عسكرية صدرت بحقهم. وقامت قوات النظام السوري بمحاولات لاقتحام السجن والسيطرة على المعتقلين، لكنها لم تتمكن من اقتحامه قبل التوصل إلى الاتفاق بإنهاء الاعتصام الذي تضمن تخفيض عقوبة جميع المعتقلين في صيدنايا إلى النصف، وإطلاق سراح جميع المتهمين بالإرهاب على دفعات خلال مدة أقصاها أربعة أشهر. كما نصّ الاتفاق على عدم إعادة أي معتقل إلى سجن صيدنايا أو الفروع الأمنية، وإبقاء الهاتف الجوال مع السجناء، وتقديم الطعام لهم وإعادة الكهرباء والمياه. ووجه السجناء في سجن حماه المركزي نداءات إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر عقب قطع مسؤولي السجن الكهرباء والماء، وسط نقص في الطعام ووجود حالات طبية حرجة بين السجناء. وفي حين يقول رئيس الائتلاف السابق هادي البحرة، إن في سجن حماه، يقبع 1600 سجين، بينهم 830 معتقل رأي، تقدّر «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» عدد المعتقلين في سجن حماه بـ762 شخصا، يخضع معظمهم لمحكمة «مكافحة الإرهاب» و«المحكمة العسكرية» و«محكمة الميدان العسكرية»، يتحدّر معظمهم من الرقة وحماه وريف دمشق.
مشاركة :