نفّذت قوات النظام تهديدها يوم أمس باقتحام سجن حماه المركزي، وساد غموض في المعلومات طوال يوم أمس حول وضع المعتقلين والصور التي تناقلها الناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي التي تظهر حشد العناصر ومحاصرة السجن، فيما كانت الدعوات من الائتلاف الوطني والناشطين ومنظمات حقوقية، تحذر من وقوع مجزرة بعد إعطاء النظام مهلة محددة للمعتقلين لإنهاء احتجاجاتهم. وتناقل الناشطون مقاطع فيديو لأولى لحظات الاقتحام، بعدما كانت مواقع تابعة للمعارضة، أعلنت أنه وبعد فشل المفاوضات، أعطى النظام مهلة حتى الساعة الخامسة صباح أمس، بتوقيت دمشق، لفك العصيان، مهددا باقتحام السجن من خلال عملية عسكرية. وحذر الائتلاف الوطني لقوى الثورة من مجزرة يُحضر النظام لارتكابها في سجن حماه، حيث يواجه المعتقلون خطر الإبادة الجماعية، بعد العصيان الذي بدأوا بتنفيذه منذ عدة أيام احتجاجًا على محاولة قوات النظام إعدام بعض المعتقلين، بحسب ما جاء في بيان له. من جهته، أشار مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، إلى أنه ومنذ بدء الاحتجاجات قبل 4 أيام في سجن حماه، أفرج النظام عن 46 معتقلا، في وقت جمّد نقل المعتقلين إلى سجن صيدنايا، وهو الأمر الذي كان قد أدى إلى بدء الاحتجاجات في السجن. ولفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هناك رهائن من عناصر النظام لا يزالون في قبضة المعتقلين. وفي حين قال رئيس الائتلاف السابق هادي البحرة، إن في سجن حماه يقبع 1600 سجين، بينهم 830 معتقل رأي وسياسي. وتقدّر «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» عدد المعتقلين في سجن حماه بـ762 شخصا، يخضع معظمهم لمحكمة «مكافحة الإرهاب» و«المحكمة العسكرية» و«محكمة الميدان العسكرية»، يتحدّر معظمهم من الرقة وحماه وريف دمشق، بحسب ما يقول المتحدث باسم الشبكة، وائل عجة. وأشار البحرة لـ«الشرق الأوسط» إلى قيام الائتلاف بالتواصل مع جهات دولية عدّة، من بينها الأمم المتحدة التي وعدت بالمساعدة، ولفت إلى الأوضاع المأساوية التي يعاني منها المعتقلون، في غياب الماء والكهرباء والطعام، مبديا تخوفه من تنفيذ قوات النظام مجزرة بحق المعتقلين، بعدما حشدت عناصرها ونشرت في محيطه آليات عسكرية. وقال عجة لـ«الشرق الأوسط» إن الشبكة نجحت في التواصل مع عدد من معتقلي سجن حماه، وعبّر جميعهم عن تخوفهم من اقتحام قوات النظام للسجن والانتقام من المعتقلين، أو تنفيذ مجزرة بحقهم جميعا. وهذه الاحتجاجات في سجن حماه هي الثالثة من نوعها منذ بدء الأزمة السورية، وذلك على خلفية إصدار أحكام بالإعدام بحق عدد منهم. وكان التمرّد الحالي قد بدأ عند محاولة قوات النظام نقل عدد من المعتقلين إلى سجن صيدنايا، لتنفيذ حكم الإعدام فيهم، بحسب ما تقول مصادر في المعارضة. وكانت الشبكة أشارت في تقرير سابق لها، إلى أن «محكمة مكافحة الإرهاب»، أصدرت أحكاما في وقت سابق، بحق 56 معتقلا في سجن حماه، بينها 15 حكما بالإعدام. وأوضح عجة أن في يوم الاثنين الماضي، دخلت عناصر قوات النظام إلى جناح «الشغب والإرهاب» في السجن، حيث يتواجد معتقلون احتجزوا نتيجة مشاركتهم بالمظاهرات الشعبية، وحاولت اقتياد 5 معتقلين محكومين بالإعدام، وهم: أنور فرزات، وخالد مشيمش، ومحمود علوان، وعبد اللطيف حنو، وخالد زريقو، ما أدى إلى تصادم بينها وبين مجموعة من معتقلين آخرين، نتج عنه أسر ضابط و8 عناصر من قوات النظام، وسيطرة المعتقلين على السجن. وهو الأمر الذي أدى إلى إطلاق قوات النظام القنابل المسيلة للدموع، ما تسبب باختناق نحو 56 معتقلا، بينهم كبار في السن، واندلاع حرائق، كما تم قطع الطعام والمياه والكهرباء عن المعتقلين. وأشار عجة إلى أنه وبعد مفاوضات بين إدارة السجن والأفرع الأمنية من جهة والمعتقلين من جهة أخرى عبر «الهلال الأحمر» ولجنة المصالحة في حماه، وعدد من الشخصيات الدينية في المدينة، أطلق سراح دفعتين من المعتقلين الذين يخضعون لمحكمة مكافحة الإرهاب، لافتا إلى أنه في الدفعة الأولى أفرج عن 32 معتقلا من سجن حماه المركزي، 31 منهم غير محكومين، وفي الثانية أفرج عن 14 كانوا موقوفين لصالح «محكمة مكافحة الإرهاب». وأول من أمس، رفض المعتقلون الإفراج عن 15 شخصا وافقت قوات النظام على إطلاق سراحهم، خوفا على حياتهم في غياب ضمانات، وبعد رفض الحكومة استمرار وساطة «الهلال الأحمر». وكان الائتلاف قد طالب برقابة دولية دائمة ومنظمة على السجون السورية من خلال هيئة تابعة للأمم المتحدة تقيم في سوريا، وتقدم تقارير دورية إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن عنها. وحث المنظمات الدولية المتواجدة في سوريا، ومنها «الهلال الأحمر» و«الصليب الأحمر»، على التحرك الفوري، والتوجه إلى السجن والوقوف على الوقائع. كما حثّ، في بيانه، منظمة الأمم المتحدة على الضغط الفوري على النظام، بخصوص هذا الملف الجزئي، وكذلك بخصوص كامل الوضع في سوريا، وضمان وقف القصف وتهيئة الظروف لعملية الانتقال السياسي.
مشاركة :