بعد جولة موسيقية طويلة جابتا خلالها الأناضول وأفريقيا الغربية، حطت فرقتا «القسطنطينية» و»بيلم- Belem»، رحالهما للمرة الأولى في صالة «بورجي» في مونتريال». وتتألف الأولى من ديو كيبيكي (كيا تاباسيان وديديم باسار من أصول تركية وفارسية) والثانية من ديو بلجيكي (كاتي آدم ودريدي لالوا)، وكلاهما من مشاهير العازفين المحترفين على المسارح العالمية. وقدمت الفرقتان على مدى يومين متتاليين أمام جمهور ملحوظ حفلتين موسيقيتين تحت عنوان «آفاق بعيدة ومساحات مشتركة». يذكر أن الصدفة جمعت هاتين الفرقتين منذ سنتين ونصف السنة في مهرجان بروكسيل للموسيقى وتكررت لقاءتهما في العديد من العواصم الغربية والشرقية. وتأسست «القسطنطينية» عام 1998 في مونتريال، وتنامت خلال العقدين المنصرمين وأصبحت مساحة واسعة لتلاقح الألوان الموسيقية ومنتدى للخلق والإبداع خلف نحو 35 عملاً موسيقياً وأكثر من 132 حفلة في 25 بلداً في العالم. و«القسطنطينية»، مجموعة من «الجوالين الموسيقيين» الذين اختاروا الحل والترحال خارج أوطانهم في الشرق الغرب. وجعلوا من ثقافة التجوال حجر الزاوية لمنظومة موسيقية عابرة لحدود الزمان والمكان. وتستكشف مناهل الألحان والأنغام من أقاصي المنافي والمهاجر وتثريها بإطلالات فنية على فضاءات الجغرافيا والتاريخ والثقافة على اختلاف مصادرها وتنوعها. أما «بيلم» فتتمحور شهرتها أساساً في بلجيكا والعواصم الأوروبية. وتتميز ألوانها الموسيقية بثنائية من الألحان يطغى عليها مزيج من العاطفة والقوة والفرح والحزن وجلها مستوحى من الموسيقى البلغارية والفولكلور الغني بإيقاعاته الشعبية التقليدية فضلاً عن اجتذابه لجمهور واسع من محبي الجاز والبوب روك. اللـقــاء الربــاعي الكيـبــيكي البلجيكي على خشبة المسرح، كان لقاء حميماً ذابت فيه الفوارق الموسيقية واستحال تمييز العازفين عن بعضهم البعض، فضلاً عن أنه حمل الجمهور إلى رحلة ممتعة من الأسفار والتجوال بين الشرق والغرب وأسره بمشاهد موسيقية تثير الدهشة والإعجاب وتسري كالكيمياء في نفوسهم فتفيض بشاشة وغبطة ونشوة وفرحاً. ويقول الناقد الموسيقي في جريدة «لود وفوار ايف برنار» إن سجل «بيلم» الموسيقي العام يتماشى مع التأثيرات الكلاسيكية والمعاصرة بما فيها النبرات الموسيقية الهادئة التي تستدرج محبي رقصة الفالس. ويرى أن «ديو القسطنطينية» أكثر ارتجالاً وتوازناً من نظيره البلجيكي. وهذا الأخير أكثر غنى بإيقاعاته الشاعرية. أما الناقد الموسيقي بينوا برجرون فيعتقد «أنه من الصعب أن تتجذر تقاليد موسيقية فرنسية بلجيكية مجرية سويدية شرقية في مزيج واحد. وحين تستمع إلى معزوفاته لا يمكنك أن تقول أنها من أصل واحد أو آتية من الشرق أو أوروبا، بل هي قبل كل شيء موسيقى إنسانية بامتياز».
مشاركة :