حركات الإسلام السياسي لم تلب طموحات الجماهير للأمن والعيش الكريم

  • 1/19/2014
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

مضى أكثر من ثمانين عاما على نشوء حركات الإسلام السياسي في العالم العربي، ومنذ ذلك الوقت نشب صراع مزمن بين تلك الحركات والأنظمة السياسية الجديدة في المشرق والمغرب، حيث اشتد أواره في البداية في المشرق معظم القرن العشرين، ولا سيما سورية، وانتقل بعد ذلك إلى دول المغرب العربي في أواخر القرن الماضي، وكذلك في مصر في الثمانينات والتسعينات، إضافة إلى الاضطراب شبه الدائم في السودان والمتمحور حول الحركة الإسلامية فيه، والتي وصلت إلى السلطة بانقلاب عسكري، أواخر الثمانينات، ثم تشققت صفوفها وراح بعض أفرادها يقاتل بعضها الآخر، أو يتناحر على الحكم، ومع انتشار شرارات الربيع العربي انطلاقا من تونس إلى سورية، سنحت الفرصة لتلك الحركات للوصول لأول مرة إلى سدة الحكم، فنجحت مبدئيا في تونس ومصر، وتعثرت في ليبيا، وتحولت إلى معضلة في سورية، قبل أن يسقط حكم الإخوان بمصر بعد سنة واحدة بثورة شعبية أخرى، ثم تهاوي حكومتي النهضة على التوالي تحت ضغط المعارضة، أما في تركيا نفسها وبعد تعدد الأسماء وتناوب الوجوه، استطاع حزب العدالة والتنمية وهو الذي خرج من عباءة أربكان، التعايش مع النظام العلماني والتحول إلى حزب سياسي كباقي الأحزاب التركية، لكن ورغم تحوله إلى نموذج مقبول غربيا ومطلوب تعميمه في المنطقة، انفجر خلاف عميق أخيرا بين الحزب بقيادة أردوغان وحليفه السابق فتح الله غولن زعيم الجماعة التربوية المعروفة، ما يهدد بنسف كل الإنجازات التي حققها الحزب على مدى عشر سنوات. حول تعثر تجارب حركات الإسلام السياسي في الحكم: أوضح الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية الدكتور عبدالرحيم الخليفي لـ«عكاظ» أن حركات الإسلام السياسي استغلت ظروف انهيار الدولة العثمانية التي أنهكها الصراع ضد الدولة الفارسية والبندقية والتاج الإسباني وأخيرا الاحتلال الغربي المباشر عقب الحرب العالمية الأولى، وشرعت في الاضطلاع بدور الدعوة لمكافحة المحتل، لكنها تصادمت مع أنظمة بلدانها أيديولوجيا، وبعضها وصل إلى درجة الصدام المسلح، وظلت الحركات الإسلامية تطرح مشروعها من زوايا مختلفة وباجتهادات متنوعة حتى سنوات قريبة، وقال: «في سنة 2010 انفجرت ثورة في تونس ضد الاستبداد، فباغتت العالم وأخذته على حين غرة، حيث لا نعثر على أي تقرير استراتيجي حول العالم سنة 2010 أو ما قبله يشير إلى احتمال الثورة، وامتد مداها إلى بلدان أخرى. وخاض الإسلاميون الانتخابات في إطار الديـمقراطية وبمشاركة التيارات السياسية الـمختلفة فوصلوا إلى السلطة، لكنها سرعان ما وقعت في الأخطاء ما جعلها فرصة جديرة بالاقتناص من قبل خصومهم. أما تجربة الحكم في السودان فتعتبر الفرصة الضائعة، بل ارتدت سلبا على المنطقة وساهمت في تقديم المشروع الإسلامي بألوان قاتمة وكئيبة». ومن جهته، رأى أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية الدكتور أنطوان متى أن حركات الإسلام السياسي اتسمت بالضيق الأفق أيديولوجيا وحزبيا، بصورة تماثلت مع تجربة الأحزاب الماركسية التي حكمت أوروبا الشرقية أكثر من سبعة عقود، مضيفا لـ«عكاظ» أن الحركات الإسلامية وقعت عبر تجربتها القصيرة في الحكم بأخطاء الأحزاب الشمولية الأخرى، حيث لم تلب آمال الجماهير وتطلعاتها بالأمن والعيش الكريم، بالإضافة إلى خطئها في محاولة اختصار الإسلام في صيغها، فيما الإسلام بمبادئه الرحبة منفتح على العالم وعلى تطورات العصر ومنجزاته الحضارية.

مشاركة :