أمضى الملك فهد يرحمه الله زمنا يبحث عن وزير كفء يحمل حقيبة الصحة، ولديه من المهارات ما يمكنه من حل مشكلاتها العويصة، ومن الأفكار الخلاقة ما يؤدي لتطوير خدماتها. وجد ما يتطلع إليه في الوزير الراحل الدكتور غازي القصيبي رحمه الله، ولو لم يجد فربما تولاها بنفسه لإيمانه الشديد بأهمية الوزارة المسؤولة عن صحة الإنسان. بعد هذه المرحلة المتقدمة من تاريخ الوزارة المثيرة للجدل في السعودية توالى على قيادة دفتها عدد غير قليل من الوزراء، ورغم تفاوت أدائهم إلا أن كثيرا من المشكلات الأساسية بقيت دون حل. الدولة في كل مرة تحاول أن تسند الأمر لمن يصنع الفارق عمليا في الميدان. فارق يلمسه الجميع ويحوز على الرضا، لذلك سلمت حقيبة الوزارة للدكتور توفيق الربيعة وزير التجارة السابق ترافقه عدة نجاحات حققها في الوزارة السابقة، وهي تبث مؤشرات بقدرة الوزير على النجاح رغم التباين بين الوزارتين في المهام و الاختصاصات، ونوعية المشكلات إلا أن ثمة أمور ربما تبشر بنجاح قادم شريطة توافر العناصر و الإمكانات الأخرى المساعدة على النجاح. قد لا يكون المهم من هو الوزير بقدر ماذا سيقدم من عمل جبار في قطاع كبير جدا عانى الأمرين خلال سنوات تراكمت فيها مشكلات وأخطاء إدارية و طبية واستحالت بسببها الحلول. المريض الذي يتألم من شدة المرض بالتأكيد سيبحث عن العلاج العاجل فلا يتحمل التأخير أو التسويف أو المماطلة أو الانضمام إلى طوابير طويلة لا نهاية لها من المنتظرين بأمل موعد كشف أو عملية أو سرير . مواعيد تمتد لشهور طويلة يتضاعف خلالها الألم ويسري المرض، وحين يصله الدور فربما وقتها يستحيل العلاج إن كان المريض ما زال على قيد الحياة، أو تدبر أمره فعالج في مكان آخر. أعلم كما يعرف غيري الصعوبات التي ستواجه أي وزير قادم لقطاع كبير في طياته إرث ضخم، لكن حصر المشكلات والتعامل معها وفق خطة زمنية تأخذ في حسبانها الأمور الملحة وذات الأولوية القصوى، مثل وضع حد نهائي للأخطاء الطبية التي أدت في فترات سابقة لنتائج كارثية، وبناء عدد من المستشفيات والمراكز لزيادة الطاقة الاستيعابية مع النظر في المشاريع المتعثرة والمتوقفة لأسباب بعضها معلوم والآخر غير معلوم، وإعادة الأطباء من المناصب الإدارية إلى العيادات، وتأهيل الشباب السعودي في المجالات الطبية، والطبية المساعدة، وتشغيل المراكز الصحية في الأحياء على مدار الساعة وفي الإجازات حيث يكون العمل بنظام المناوبات والطوارئ فليس من المعقول إقفالها لفترات طويلة والناس بحاجة ماسة لخدماتها، وتوفير العلاج فليس كل شخص قادر على شراء الأدوية من الصيدليات . المستشفيات الأهلية وكذلك المجمعات الطبية والمستوصفات الخاصة تكاليفها باهظة، وأفضل حل منح المواطنين التأمين الطبي للعلاج في هذه المرافق الصحية الخاصة وبالذات إذا تعذر العلاج في مستشفيات ومراكز وزارة الصحة. أمام معالي الوزير الربيعة فرص ذهبية لصناعة فارق ملموس ينقل قطاع الصحة لمرتبة متقدمة تحقق تطلعات القيادة ورضا الناس.
مشاركة :