عشرات الأحكام بالسجن في قضية أنستالينغو تشمل الغنوشي

  • 2/6/2025
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

قضت هيئة الدائرة الجنائية الثانية في المحكمة الابتدائية بتونس فجر الأربعاء على رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بـ22 سنة سجنا وغرامة مالية قدرها 80 ألف دينار، فيما عرف بقضية أنستالينغو التي شملت عددا من السياسيين ورجال الأعمال، وكشفت تقارير غربية عن علاقة قطر وتركيا بها. وطالت الأحكام رئيس الوزراء السابق هشام المشيشي الذي حكم عليه بالسجن 35 عاما، بتهمة التآمر على أمن الدولة، والناطق الرسمي السابق باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي بـ13 سنة سجنا، أما القيادي الأمني لزهر لونغو مدير عام المصالح المختصة الأسبق فقد حكم عليه بـ15 سنة سجنا. كما قضت الهيئة بـ27 سنة سجنا ضد الصحافية شهرزاد عكاشة و34 سنة لرفيق بوشلاكة و25 سنة لسميّة الغنوشي و35 سنة لمعاذ الغنوشي و28 سنة لهيثم الكحيلي و54 سنة لسالم الكحيلي و38 سنة ليحي الكحيلي. وقضت حضوريا بـ13 سنة للسيد الفرجاني و12 سنة سجنا في حق المدون سليم الجبالي، و5 سنوات سجنا في حق الصحافية شذى حاج مبارك، و6 سنوات سجنا في حق المدون أشرف بربوش. ويقبع الغنوشي (83 عاما)، رئيس حزب النهضة والمنتقد الشرس للرئيس قيس سعيد، في السجن منذ عام 2023. وحُكم عليه بالسجن أربع سنوات في قضيتين منفصلتين في العامين الماضيين. بينما يعيش المشيشي في الخارج منذ عام 2021، بعد أشهر قليلة من إقالته من قبل الرئيس سعيد. وتقوم السلطات التونسية بحملة واسعة ضد الفساد والمتورطين فيه إضافة إلى قضايا تمس الأمن الوطني، وبينما تقول المعارضة إن الأحكام مسيسة، يرى الكثير من التونسيين أن هذه الملاحقة القانونية ضرورية للقضاء على الفساد ومحاسبة المتورطين فيه، خصوصا خلال فترة تغلغل حركة النهضة في السلطة وما أفرزته من فوضى طالت مؤسسات البلاد، والتي يطلق عليها التونسيون اسم العشرية السوداء. واعتبر المحامي مختار الجماعي أن “هذه أحكام قاسية للغاية وجائرة وهي أحكام سياسية تهدف إلى إبعاد الخصوم السياسيين.” وأضاف أن المحامين سيستأنفون الأحكام التي شملت عددا من السياسيين الآخرين ومسؤولين أمنيين وصحافيتين. وتابع أن الغنوشي قرر مقاطعة المحاكمة لأنه يعتبرها ذات دوافع سياسية. وكما جرت العادة، تصر حركة النهضة على تسييس أي حكم يصدر ضد قيادييها حيث اعتبرت في بيان أن ما حدث هو “محاكمة سياسية ظالمة تأتي في سياق مزيد من التشفي والاعتداء على الحقوق والحريات وتمثل انتهاكا صارخا لاستقلالية القضاء.” لكن التحقيقات تكشف خيوطا معقدة للقضية وتؤكد وجود ارتباط مع جهات خارجية في هذه القضية. وقال بسام حاج مبارك شقيق شذى إن أخته بريئة، واصفا الحكم بأنه قاس على صحافية تقوم بعملها. وتعود قضية أنستالينغو إلى سبتمبر 2021 حيث داهمت الشرطة مقر الشركة في محافظة سوسة وهي شركة مختصة في صناعة المحتوى والاتصال الرقمي، وتوظف صحافيين وتقنيين وإداريين، لمؤسسها المتواجد خارج البلاد والمشمول بالأبحاث من ضمن القائمة التي تضم 37 متهما، منهم من هو في حالة سراح وآخرون بحالة فرار ونحو 10 متهمين مودعين بالسجن. وأفرزت التحقيقات في القضية عام 2022 وجود شبهة غسيل أموال وترابط بين مجموعة من الأشخاص وقع حصر الشبهة في أشخاص بعينهم بعد أن جرت الأبحاث والتحريات بنسق حثيث إذ تقرر الاحتفاظ بــ9 متهمين من بينهم الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية سابقا محمد علي العروي والصحافي لطفي الحيدوري والناشط السياسي بشير اليوسفي والمدونان سليم الجبالي وأشرف بربوش ورجل الأعمال عادل الدعداع. وأذنت النيابة العمومية آنذاك بفتح بحث تحقيقي ضد 27 متهما من بينهم الغنوشي حيث تم ذكر اسمه في التحقيقات من قبل أكثر من متهم، وصهره رفيق عبدالسلام وابنته وآخرون بحالة فرار وأجانب، وذلك من أجل ارتكاب جرائم تتعلق بغسيل الأموال في إطار وفاق وباستغلال التسهيلات التي خولتها خصائص الوظيفة والنشاط المهني والاجتماعي والاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة وحمل السكان على مواجهة بعضهم بعضا وإثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي وارتكاب أمر موحش ضد رئيس الدولة والاعتداء على أمن الدولة الخارجي وذلك بمحاولة المس بسلامة التراب التونسي حسب القانون المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال طبق أحكام الفصول 61 و67 و72 من المجلة الجزائية، والفصل 94 من القانون عدد 26 لسنة 2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال. وبحسب التهم الموجهة إلى المتهمين في القضية قد تصل العقوبات حد الإعدام كما وردت في الفصل 72 من المجلة الجزائية. ويتهم الدعداع بلعب الدور المركزي في قضية أنستالينغو بالتنسيق مع زعماء من حركة النهضة للإشراف على حملة زعزعة الاستقرار على الشبكات الاجتماعية وفق ما ذكره تقرير لموقع أفريك أنتيليجنس الذي أضاف “يشتبه في أن عادل الدعداع كان زعيم الشبكة المالية بين أنستالينغو والنهضة حتى أنه لا يخفي أنه أقرض المال للعديد من شخصيات النهضة قرابة المليون يورو أي 3.4 مليون دينار تونسي وتم تسجيل حركات مالية باليورو على حسابه طوال عشر سنوات والرابط المالي الذي لاحظه المحققون يتعلق بصفقة بينه وبين يحيى الكحيلي شقيق مدير أنستالينغو هيثم الكحيلي.” وحسب تقرير أفريك أنتيليجنس اعترف عادل الدعداع بوجود هذه الصفقة لكنه بررها ببيع سيارة بورش ماكان ليحيى الكحيلي، عائداتها تقريبا 77 ألف يورو -تم تحويلها إلى حساب ابنته مريم الدعداع المعنية أيضا في هذه القضية. من جانبه قال يحيى الكحيلي الذي بالفعل أدار وكالة لبيع السيارات، وأعاد بيع السيارة لها بـ95 ألف يورو، وبناء على عناصر التحقيق والبيانات المحالة إلى المحاكم من قبل الهيئة التونسية للتحليل المالي، إن الشركة أيضا استفادت من التمويل القطري والتركي والسعودي ولاسيما بالتعاون مع صحافيين سابقين من قناة الجزيرة القطرية، وفق الموقع الفرنسي. وتشير التحقيقات التي اطلع عليها الموقع إلى وجود “مشروع استخباراتي تركي – قطري”، وهو “أنستالينغو”، وبالتالي اتُهم بأنه أحد “الفروع الإعلامية” للحزب الإسلامي. ويتم استهداف متهمين آخرين بسبب صلاتهم بتركيا من بينهم وزير الاستثمار والتعاون الدولي السابق بين عامي 2011 و2013 رياض بالطيب والمتحدث الرسمي السابق لوزارة الداخلية والملحق الأمني بالسفارة التونسية بأنقرة حتى 2021 محمد علي العروي الذي يشتبه المحققون في وجود علاقة بينه وبين المخابرات التركية، كما أظهرت صور من محتويات هاتف الدعداع وجود شبهات بشأن تورط تركي افتراضي في هذه القضية بالتنسيق مع النهضة. وفي التحقيق ينفي عادل الدعداع الطابع السري المفترض والدافع وراء الاجتماع، فيما يشتبه القضاء التونسي في أن رياض بالطيب، الذي لا يزال في سجن المسعدين بسوسة، لعب دور الوساطة بين أنقرة وحركة النهضة. كما يشتبه في كون رئيس الحكومة السابق هشام المشيشي متهم بالاستفادة من الحملة على مواقع التواصل الاجتماعي ويعمل حاليا كمستشار في قطر ولا ينوي، حسب معلومات أفريكا أنتيليجنس، تقديم نفسه للعدالة التونسية.

مشاركة :