✍د.محمد الحلفي مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عزمه عقد لقاء قمة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في العاصمة السعودية الرياض، يتجلى مجددًا الدور المحوري الذي تلعبه المملكة العربية السعودية على الساحة الدولية. ويعكس اختيار الرياض لاستضافة هذا الحدث المهم مكانتها الراسخة كصانعة للسلام العالمي، وقوتها السياسية والدبلوماسية التي تؤهلها للعب دور فاعل في حل الأزمات الدولية. لم يكن اختيار السعودية لاستضافة القمة بمحض الصدفة، بل هو نتيجة لنهج استراتيجي متزن تبنته المملكة في سياساتها الخارجية، والتي ترتكز على تعزيز الاستقرار وحل النزاعات من خلال الحوار والدبلوماسية. فقد نجحت السعودية في لعب دور الوسيط المحايد في العديد من القضايا الدولية، وكان لها دور بارز في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة، كما فعلت في ملف الحرب الروسية الأوكرانية. وتعد هذه القمة فرصة لتعزيز الجهود الدبلوماسية الرامية إلى حل هذا النزاع الذي ألقى بظلاله على الاستقرار الدولي. وتؤكد المعطيات أن هذا الحدث يعكس مكانة المملكة وثقة المجتمع الدولي بها، ليس فقط على المستوى الإقليمي، بل عالميًا، ويؤكد على دورها المتوازن في التعامل مع الأزمات الدولية. وتبنت الرياض نهج الحياد الإيجابي، وهو ما جعلها محل ثقة القوى العالمية. كما أن نجاحها في استضافة عدد من المفاوضات والاجتماعات السياسية خلال الأعوام الأخيرة يعزز مكانتها كدولة لها وزن دبلوماسي قوي قادر على بناء جسور الحوار بين مختلف الأطراف. السعودية لم تكتفِ باتخاذ موقف محايد من الصراع الروسي الأوكراني، بل كانت وسيطًا فاعلًا من خلال مبادراتها الدبلوماسية المستمرة، والتي تكللت بإطلاق عدد من الأسرى بوساطتها، وهو ما عزز من مكانتها كوسيط مقبول من جميع الأطراف. كما أن سياستها الخارجية، التي تقوم على بناء علاقات متوازنة مع مختلف القوى العالمية، جعلت منها الوجهة الأمثل لاستضافة مفاوضات تهدف إلى إنهاء النزاع. إن اختيار السعودية لاستضافة القمة يعد ثمرة لسياسة خارجية متزنة تبنتها المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وولي العهد الأمير محمد بن سلمان آل سعود، والتي جعلت منها قوة دبلوماسية مؤثرة وفاعلة في المشهد الدولي. كما أن المملكة، من خلال مواقفها الثابتة، قدمت نفسها كقوة محايدة قادرة على توفير بيئة حوار مثالية تضمن نجاح أي مفاوضات دبلوماسية. تتمتع الدبلوماسية السعودية بمبدأ الثقة وضمانات النجاح في المفاوضات، وهو ما جعلها الخيار الأول لاستضافة القمة المرتقبة. فليس من السهل العثور على وسيط يحظى بثقة طرفي النزاع والقوى الداعمة لكل منهما، لكن الرياض أثبتت أنها تمتلك هذه الميزة من خلال سياساتها الحكيمة وتوازنها الدبلوماسي. إن المملكة لم تكن مجرد جهة مضيفة لهذه القمة، بل تسعى لأن تكون عاملًا فعالًا في تحقيق تقدم ملموس نحو حل النزاع. إن اختيار الرياض لاستضافة اللقاء بين ترامب وبوتين يعكس نجاح السياسة السعودية في لعب دور متوازن بين القوى الكبرى، ويؤكد أن المملكة ليست مجرد لاعب إقليمي، بل شريك فاعل في حل الأزمات العالمية. فالدبلوماسية السعودية تقوم على منهجية طويلة الأمد تهدف إلى بناء بيئة مستقرة قائمة على الحوار وتبادل المصالح المشتركة. لا يمكن النظر إلى هذا الحدث بعيدًا عن رؤية المملكة 2030، والتي وضعت ضمن أولوياتها تعزيز الدور السعودي على الساحة الدولية عبر سياسات قائمة على التعاون والتكامل والشراكات الاستراتيجية. فهذه الرؤية ليست فقط خطة اقتصادية، بل تشمل توجهات سياسية ودبلوماسية تعزز مكانة المملكة، وتجعل منها نقطة التقاء بين مختلف القوى العالمية. لقد باتت الرياض، بفضل سياساتها الحكيمة والمتوازنة، نقطة التقاء للقوى العالمية، ووسيطًا موثوقًا به في حل النزاعات. واستضافة القمة المرتقبة بين ترامب وبوتين ليست سوى امتداد لدور سعودي متنامٍ في الساحة الدولية، يؤكد مكانتها كعاصمة للسلام وصانعة للاستقرار في العالم. ومن خلال هذا الحدث، ترسخ المملكة موقعها كجهة موثوقة لحل الأزمات الدولية، مما يجعلها ركيزة أساسية في تحقيق الأمن والاستقرار العالمي.
مشاركة :