الله يذكرك بالخير يا «غراتسيا»

  • 1/20/2014
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أذكر زميلا من أيام الدراسة بإيطاليا، أن هام غراما بفتاة رائعة الجمال تدعى (غراتسيا) إلى درجة أن (الأهبل) عقد العزم على الاقتران بها، وأرادت هي أن تعرفه في البداية على والدها. وبما أن ذلك الزميل كان خجولا إلى درجة تكسف، فقد ترجاني أن أذهب معه لكي أشجعه وأشد من أزره، وهذا ما حصل. فأخذتنا البنت إلى مكان عمل والدها، وتفاجأت أنه مجرد حوش كبير ممتلئ بالتوابيت من مختلف الأشكال والأحجام، فأسقط بيدي وأصابني الرعب، وأول ما خطر على بالي هو الهروب، وانطبق علي المثل القائل: جيتك يا عبدالمعين تعينني، وإذا أنت الذي تنعان. خرج علينا والدها وهو لا يزال يحمل بيديه عدة الشغل، كان الرجل أشعث أغبر كث اللحية ذكرني شكله (بعزرائيل)، وأخذت أتساءل بيني وبين نفسي: كيف يا سبحان الله خرجت تلك البنت (القطقوطة) من صلب هذا الإنسان (الغوريلا) البشع. مد لي يده التي تشبه (المرزبة)، وضغط على يدي إلى أن كادت عظام أصابعي أن تتحطم، وأخذ يشرح لنا طبيعة عمله، ولكي يهدئ علينا و(يستظرف) معنا، وعدنا -بعد عمر طويل- أنه سوف يمنح كل واحد منا تابوتا مزخرفا بدون أي مقابل. ولكي يستميلنا صب لنا كأسي عصير من زجاجة أمامه، استنكفت أنا أن أشرب منها قطرة واحدة، وما صدقت على الله أننا خرجنا من مصنع الأموات هذا، قائلا لزميلي: الله يهنيك بعروستك، وأرجوك أبعد عني، ولا توريني وجهك بعد اليوم، وفعلا تركته، وركبت أول أتوبيس صادفته في الشارع، وهذاك هو وجه الضيف، غير أنه اتصل بي تلفونيا بعد أسبوع ذاكرا لي أنه فسخ خطوبته من بنت الحانوتي. والذي تداعى إلى ذهني وجعلني أسترجع الذكريات وأكتب لكم عن ذلك الموقف غير الطريف وغير المشرف في نفس الوقت، هو ما قرأته بالأخبار عن طريقة أخرى تشرح الخاطر بالاحتفاء بالموتى. حيث إن شركة أسترالية اسمها (اشزآند اشز)، تعرض فيه تعبئة (رماد الموتى)، ثم تنثره بالهواء الطلق، تحت عزف الأغاني الفرايحية، ويصاحبها مهرجان صاخب للألعاب النارية، مع فرقة كاملة من الألعاب البهلوانية. والغريب أنه حسب ما ذكره (كريغ هال) -وهو صاحب الشركة-: أن الحجوزات من أهل الموتى فاقت جميع التوقعات، إلى درجة أن بعضهم لا يأتيه الدور إلا بعد أكثر من شهر. وفي النهاية لا أملك إلا أن أقول: الله يذكرك بالخير (يا غراتسيا) أنت وصويحباتك.

مشاركة :