تعتزم شركة "لوفتهانزا" أكبر شركة طيران في ألمانيا وقف خدماتها إلى فنزويلا اعتبارا من الشهر المقبل بسبب الأزمة الاقتصادية الحادة في البلاد.وبحسب "الألمانية"، فقد عللت الشركة ذلك القرار بتراجع الطلب على الرحلات بين فرانكفورت والعاصمة الفنزويلية كاراكاس خلال العام الماضي، مضيفة أنها تضررت بسبب ضوابط العملة في البلاد التي تهدف إلى وقف هروب رؤوس الأموال. وتواجه شركات الطيران الدولية صعوبة منذ سنوات في استعادة عائدات تبلغ قيمتها مليارات الدولارات محتجزة بالعملة الفنزويلية المحلية "البوليفار" بسبب قيود على الصرف الأجنبي ما دفع شركات كثيرة إلى الحد من خدماتها وإلزام الركاب بدفع قيمة التذاكر بالدولار. وقالت الشركة في بيان "نأسف بشدة أنه نتيجة لهذه الأسباب وسنضطر لتعليق خدمتنا بين كراكاس وفرانكفورت ابتداء من 18 حزيران (يونيو) المقبل، مشيرة إلى أن الطلب على الرحلات الدولية إلى كراكاس تراجع في 2015 وفي الربع الأول من 2016. ولا تعتزم "لوفتهانزا" إغلاق مكتبها في كراكاس، وكانت شركة "أمريكان إيرلاينز" قد اضطرت في آذار (مارس) إلى إلغاء خط طيران مباشر كان قد أعيد تشغيله في الآونة الأخيرة بين كراكاس ونيويورك بسبب قلة الطلب. وبعد تراجع لمدة عامين في أسعار النفط تواجه فنزويلا العضو في "أوبك" ركودا عميقا وأكبر معدل تضخم في العالم ما جعل السفر للخارج أمرا بعيد المنال بالنسبة لمعظم مواطنيها. ويتزامن هذا القرار مع ما يعيشه البلد الواقع على الساحل الشمالي لأمريكا الجنوبية من نقص حاد في الغذاء والسلع الاستهلاكية الأساسية والإمدادات الطبية، بينما ينتشر انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع والكثير من المكاتب الحكومية تفتح يومين فقط أسبوعيا لتوفير الكهرباء. وقررت الحكومة الفنزويلية تمديد إجراء بدأ العمل به في نهاية نيسان (أبريل) يقضي بأن يعمل الموظفون ليومين فقط أسبوعيا وذلك بهدف الاقتصاد في الكهرباء ولمواجهة آثار شح الأمطار. وأعلنت اريكا فارياس حاكمة ولاية كوجيديس من القصر الرئاسي في كراكاس أنه تم تمديد العمل بمرسوم النظام الخاص لأيام العطلة لمدة 15 يوما إضافية، لأن الأمطار المنتظرة لم تكن كافية، مضيفة أن الإجراء يشمل "استمرار تعليق الدروس الجمعة" من الحضانة حتى المعاهد الثانوية. وتقول السلطات إن خزانات الماء في فنزويلا تعاني جفافا بسبب ظاهرة النينو الشديدة الوقع في دول أمريكا اللاتينية، لكن المعارضة تتهم الحكومة بعدم الاستثمار بما يكفي في شبكة الكهرباء لمواجهة الطلب. وإزاء هذا الجفاف الذي اعتبره الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو"الأسوأ" منذ 40 عاما، اتخذت الحكومة عدة إجراءات بينها بالخصوص فرض قطع يومي للكهرباء وتغيير المنطقة الزمنية بنصف ساعة وإضافة أيام عطل وتقليص ساعات العمل إلى ست ساعات يوميا في الوزارات. وفي هذا البلد الذي يختزن أكبر احتياطي نفطي في العالم لكنه يستورد القسم الأكبر من سلعه، فإن أيام البذخ باتت ذكريات بعيدة، والآن مع التراجع الكبير في أسعار الخام، أصبحت المتاجر خالية من السلع، فيما يعاني الفنزويليون أسوأ معدلات التضخم في العالم (180 في المائة). وأعلنت الشركة الأمريكية العملاقة "كوكاكولا" الإثنين الماضي تعليق قسم كبير من إنتاجها في فنزويلا من جراء فقدان مادة السكر، لتكون بذلك آخر شركة كبيرة تقع ضحية نقص المواد الغذائية بعد "كرافت هاينز"، وفي اليوم ذاته، اضطرت الحكومة التي تتحكم في أسعار العديد من المواد الغذائية لمواجهة التضخم، إلى رفع سعر دقيق الذرة عشر مرات والدجاج 13 مرة تحت ضغوط المنتجين. ونجحت الحكومة الاشتراكية في الحفاظ على سعر دقيق الذرة الذي يشكل مادة غذائية أساسية عند 19 بوليفارا للكيلو جرام الواحد على مدى 15 شهرا، ولكن منذ الإثنين الماضي ارتفع سعره إلى 190 بوليفارا أو 19 دولارا وفق سعر الصرف المخصص لاستيراد المواد الأساسية كالأغذية والأدوية. وتتحكم الحكومة بأسعار السلع الغذائية مثل دقيق الذرة المستخدم في إعداد الفطائر المحلية التي تضاهي الخبز في بلدان أخرى، وبات من الصعب العثور على الدقيق في المتاجر ومنذ أشهر تطالب جمعية مصانع الدقيق بمراجعة سعر البيع معتبرة أنه لم يعد يغطي تكلفة الإنتاج، وأعلنت هيئة تصحيح الأسعار التي تشرف على القطاع أن سعر كيلوجرام الدجاج المجمد منذ شباط (فبراير) 2015 ارتفع من 65 إلى 850 بوليفارا أو 85 دولارا. وبدافع من الغضب الناجم عن المتاعب اليومية، إضافة إلى تخفيض ساعات التغذية بالتيار الكهربائي لتوفير الطاقة، أعرب 68 في المائة من الفنزويليين عن رغبتهم في تنحي مادورو الذي تستمر ولايته حتى عام 2019. وتغتنم المعارضة هذا السخط الشعبي لتنظيم استفتاء ضده، وهو إجراء يتضمنه الدستور وتم اللجوء إليه مرة واحدة فقط من دون نجاح في تاريخ البلاد في عام 2004 ضد سلفه هوجو تشافيز (1999-2013). وانخفض إجمالي الناتج المحلي في فنزويلا بمعدل 5.7 في المائة في 2015، ويتوقع أن يتراجع 8 في المائة هذه السنة وفق صندوق النقد الدولي في حين بلغ التضخم 180 في المائة في 2015 وفق البنك المركزي، فيما يتوقع صندوق النقد أن يصل التضخم إلى 700 في المائة في 2016.
مشاركة :