الزخرفة المعمارية.. إبداع العصور المختلفة

  • 5/30/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يعد فن الزخرفة المعمارية من أقدم الفنون وأكثرها انتشاراً وتنوعاً في العالم، وقد شهدت الحضارة الإسلامية عبر عصورها المختلفة، وامتدادها على مساحات جغرافية واسعة، استخداماً كبيراً لهذا الفن في العمائر وتزيينها الداخلي والخارجي، في عمل الزخارف المتعددة سواء كانت زخارف هندسية أو نباتية أو حروفية. وتظهر منحوتات العصور الإسلامية المختلفة وخاصة المبكرة منها، من خلال الزخارف التي تبقت في القصور، والمنازل، والمساجد الكثيرة التي شيدت في مختلف الأقطار الإسلامية أيام الخلفاء الأمويين والعباسيين، وتدل هذه الآثار والعناصر المعمارية التي ما زالت قائمة، كتيجان الأعمدة والمحاريب.. الخ، على عظمة الزخارف وروعتها في العصور الإسلامية الأولى، سواء في المنحوتات الجصية أو الحجرية، ويعتبر قصر المشتى الأموي، من أعظم الآثار الإسلامية أهمية، وقد انتقلت واجهة القصر الحجرية الغنية بزخارفها المنحوتة إلى متحف الدولة في برلين. أما ما وصل من آثار العصر العباسي الأول، المنحوتة على الحجر أو الجص أو الخشب، فتبرز فيها نشأة أشكال التوريق والأرابيسك في الزخرفة الإسلامية، وتبدو أهمية هذه الزخارف في مجموعة التيجان المرمرية التي عثر عليها في الرقة في سوريا، ويحتفظ متحف المتروبوليتان بثلاثة من هذه التيجان، كما تحتفظ متاحف برلين وإسطنبول بأمثلة أخرى منها. وقد نحت الفنانون المسلمون على خامات مختلفة، منها النحت الجصي الذي اشتهرت به مدينة سامراء العراقية، كما عرفت مصر وبلاد الشام النحت الجصي، كتلك التي ترجع إلى العصر الطولوني والموجودة في جامع أحمد بن طولون ذلك الجامع المميز بمئذنته ذات السلالم الخارجية، وهذه الزخارف الجصية كثيراً ما تشاهد في واجهة الأروقة المشرفة على الصحن، ويحتوي جامع أحمد بن طولون على كل من الزخارف الهندسية والنباتية، وكانت تنحت تلك الزخارف مباشرة على الجص بعد جفافه، وكان تصميمها يتبع التصميم المسطح وهو الذي يختصر فيه التجسيم بحيث تظهر الأشكال كأنها على مستوى واحد. وظل النحت المباشر متبعاً في العصر الفاطمي، ولكن الأرضية أصبحت واضحة فازداد وضوح التفاصيل، ثم إن التصميم المسطح كاد يختفي ويحل محله التصميم المجسم. وإلى جانب الحجارة والجص، استخدم النحاتون المسلمون الخشب، وحفروا عليه الزخارف والخطوط، وهناك نماذج عظيمة من النحت الخشبي الإسلامي في متحف بناكي في مدينة أثينا، ويرجع تاريخها إلى العصر الأموي، وكذلك في المتحف الإسلامي في القاهرة توجد نماذج يعود تاريخها إلى العصر الفاطمي تشمل أبواباً ومحاريب. وفي متحف دمشق ومتاحف طشقند وسمرقند وأكرا، نماذج متعددة من النحت الخشبي والتي ترجه إلى حقب إسلامية مختلفة. وإلى جانب الخامات السابقة (الحجر والخشب والجص)، استخدم النحاتون المسلمون العاج والعظم فنحتوا منها الأبواق والصناديق والعلب، وحشوا بها الأبواب وزخرفوا بها الأثاث مستخدمين أساليب التطعيم والتجميع والترصيع. كما عرفت المدن العربية النحت على الرخام، ويعد المسجد الأموي في دمشق مشهورا بالزخارف الرخامية الجميلة التي تغطي أرضيته وأجزاء من جدرانه، ومن الآثار الأموية في النحت في الرخام ألواح على جانبي المحراب الذي شيده المستنصر في جامع قرطبة وزخارفها نباتية محفورة حفراً دقيقاً شاملاً في السطح كله وتمثل زخارف الطراز الأندلسي خير تمثيل ونرى فيها الإبداع في تحوير الأوراق النباتية والمراوح النخيلية والسيقان اللينة.

مشاركة :