في عدد صحيفة المدينة الصادر يوم 22 محرم 1395هـ/ 3 فبراير 1975م نجد خبرا مهما ومثيرا عنوانه (بدعوة من الأمير فيصل بن فهد: 19 شخصية أدبية وصحفية تحضر لاجتماعات بحث إحياء سوق عكاظ)، وقد قال الأمير فيصل يرحمه الله في دعوته لتلك الشخصيات البارزة «إن رعاية الشباب وقد آنست فيكم الكفاية العلمية والمقدرة على الإسهام في كل ما يرفع كلمة الوطن عالية فيسرها دعوتكم للمشاركة في اجتماعات اللجنة التحضيرية لبحث إحياء سوق عكاظ الذي سيقام في الصيف القادم». وعلقت الصحيفة على ذلك الخبر بقولها: «وإنا لنرجو من سمو الأمير الشاب الطموح العامل أن يتولى إحياء تراثنا الذي أوشكت أن تمحوه الأيام، وبلادنا غنية بهذا التراث». رحمك الله يا فيصل بن فهد، لقد أراد أن يحتفل بإحياء سوق عكاظ في صيف عام 1975، أي قبل 39 عاما، لكن ذلك لم يتحقق له، وبعده لم يبادر أحد لتحقيق أمنيته ورجاء المجتمع الذي عبرت عنه الصحيفة حتى جاء الفارس الواعي، الأمير خالد الفيصل، الذي يعرف القيمة التأريخية الاستثنائية لذلك السوق فأصر على إحيائه من مواته الطويل وبعث فيه الحياة من جديد. وقد كان الأمير فيصل بن فهد على درجة رفيعة من الوعي والشجاعة أيضا وصاحب مبادرات متقدمة، وهذا ما يجعلنا نستنتج أنه لم يقف أمام طموحه بإحياء سوق عكاظ إلا قوة طاغية التأثير استطاعت إجهاض الفكرة، إنها بالتأكيد قوة التيار الذي هيمن على كل مفاصل المجتمع وسيطر على توجيه الرأي وتغلغل في الأوعية المؤدية إلى مراكز إصدار القرارات، تيار الغلو والتشدد والتحريم والقطيعة مع الوعي والمنطق والانفصال عن كل السياقات الإنسانية الطبيعية التي تعيشها كل شعوب الأرض. بلادنا تزخر بالفعل بتأريخ وتراث عريق في كل منطقة وشواهد حضارات شهيرة ضاربة في أعماق التأريخ لكن ذلك التيار حولها إلى محرمات وجعل مجرد الحديث عنها دخولا في مزالق الشرك والكفر فأهملت وكاد يمحوها الزمن، ولم تسلم حتى الآثار الإسلامية التي تخص كل المسلمين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فهدم الكثير منها أو طمست معالمه. إن الوقوف موقف العداء من التأريخ والعدوان عليه لم تقترفه أي أمة سوانا، وما دمنا بدأنا التفكير في الخروج من هذه الخطيئة هل نستمر ونكفر عنها ونفتح صفحات موروثنا وتأريخنا العظيم دون توقف، أم سنسمح مرة أخرى لكوماندوز اختطاف العقول بمعاودة نشاطه؟. عكاظ
مشاركة :