أصدرت محكمة الاستئناف في مملكة البحرين أمس حكمًا بالسجن تسع سنوات على أمين عام جمعية الوفاق علي سلمان في أربع قضايا أدين فيها، ناقضة بذلك حكم صدر ضده بالسجن أربع سنوات في منتصف يونيو (حزيران) من العام 2015. وتقدمت النيابة العامة البحرينية في يوليو (تموز) من العام 2015 باستئناف ضد الحكم الصادر بحق علي سلمان، أمين عام جمعية الوفاق الإسلامية، كبرى جمعيات المعارضة السياسية في البحرين والذي قضى بتبرئته من تهمة «التحريض ضد نظام الحكم والترويج لتغييره بالقوة والتهديد وبوسائل غير مشروعة». في حين علق عضو في فريق الدفاع عن أمين عام جمعية الوفاق بأن الحكم الصادر بحق موكله كان «صادمًا»، حيث كان يتوقع فريق الدفاع أن تكتفي محكمة الاستئناف بالحكم السابق في القضية. وقال: إن فريق الدفاع سيذهب بالقضية إلى محكمة التمييز. يشار إلى أن القانون البحريني يقر التقاضي على ثلاث درجات، وهي «حكم أولي واستئناف وتمييز». ويوم أمس، صرّح هارون الزياني المحامي العام بأن المحكمة العليا الاستئنافية الأولى، قد أصدرت حكمها في القضية المتهم فيها الأمين العام لإحدى الجمعيات السياسية لارتكابه «جرائم الترويج لتغيير النظام السياسي بالقوة، والتهديد وبوسائل غير مشروعة، والتحريض علانية على بغض طائفة من الناس من شأنه اضطراب السلم العام». كما ضمت التهم التي أدين فيها أمين جمعية الوفاق الإسلامية «التحريض على عدم الانقياد للقوانين وتحسين أمور تشكّل جرائم، وأهان علانية هيئة نظامية بأن وصف منتسبيها علنًا بالمرتزقة، وزعم انتماء بعضهم إلى تنظيمات إرهابية». وقضت المحكمة بقبول استئنافي النيابة والدفاع شكلا، وفي الموضوع برفض استئناف الدفاع وقبول استئناف النيابة العامة بمعاقبته بالسجن سبع سَنَوات عن التهم الأولى والثانية والثالثة، والتأييد فيما عدا ذلك بحبسه سنتين عن التهمة الرابعة بما مجموعه تسع سنوات. وكان القضاء البحريني قد أصدر حكما قضائيا في يونيو من العام 2015 بحق علي سلمان، يقضي بسجنه أربع سنوات عن ثلاث تهم، هي التحريض علانية على بغض طائفة من الناس، وإهانة وزارة الداخلية والتحريض على عدم الانقياد للنظام. وأسقطت المحكمة تهمة «الدعوة لتغيير الحكم بالقوة والتهديد باستخدام وسائل غير مشروعة، ومطالبة الدول الكبرى بالتدخل في الشأن الداخلي البحريني وتغيير النظام». ووفق النيابة العامة، قد أسندت إلى أمين عام جمعية الوفاق ارتكابه عدة جرائم في ضوء ما ثبت لها من التحقيقات من قيامه بالتحريض ضد نظام الحكم والترويج لتغييره بالقوة والتهديد وبوسائل غير مشروعة، وأنه قد درج على هذا التحريض وذلك الترويج من خلال خطبه وكلماته التي يلقيها في محافل وفعاليات مختلفة، والتي تضمنت دعاوى متطرفة تبرر أعمال العنف والتخريب. وقالت النيابة إنه أضفى على ذلك صبغة دينية بجعله الخروج على النظام والتحرك ضده واجبا دينيًا، وقد باشر هذه الممارسات المؤثمة بشكل تصاعدي، إلى حد أن تكرر منه التهديد باستخدام القوة العسكرية، وذلك بإفصاحه علانية عن أن الخيار العسكري كان مطروحًا وما زال، وباحتمالية اللجوء إلى ذلك الخيار في أي وقت، على غرار ما اتبعته بعض الفصائل والطوائف في الخارج والذي شهدت المنطقة مثيلاً له. كما طالب الدول بالتدخل في الشأن البحريني من أجل دعمه لتغيير نظام الحكم المرسوم بالدستور، بدعوى أن ذلك سيحقق مصالح تلك الدول. وفي إطار تحقيقها، اطّلعت النيابة على التسجيلات التي تشتمل على الخطب والكلمات المنسوبة إلى المتهم. كما قامت باستجوابه في حضور محاميه، وواجهته بما تضمنته خطبه وكلماته المسجلة التي ألقاها في محافل عامة، والتي اشتملت بالإضافة إلى ما سلف بيانه على دعوة صريحة إلى عدم الالتزام بأحكام القانون فيما يتعلق بتحديد أماكن سير المسيرات، وحثّ ما يسمى بـ«المجلس العلمائي» بالاستمرار في ممارسة نشاطه وعدم الاعتداد بالحكم القضائي الصادر بحلّ ذلك المجلس. كما أثبتت النيابة العامة كذلك تحريضه علانية ضد مكتسبي الجنسية البحرينية بنفي ولائهم للوطن، ووصفهم بالمرتزقة والادعاء باستئثارهم بنصيب المواطنين الأصليين في ثروات البلاد وخدماتها، وقوله بأن في مكنتهم ارتكاب أعمال إرهابية. كما لمح إلى إمكان ترحيل مكتسبي الجنسية من البلاد في توابيت الموتى، فضلاً عن تصريحه بأنه قد عُرض على المعارضة أن تحول البلد إلى معركة عسكرية، مفصلاً ذلك بأنه أثناء وجوده بالخارج التقى ببعض المجموعات التي أبدت له استعدادها إلى دعم ما يسمى بـ«الحراك في البحرين»، وتزويده بالسلاح. إلى ذلك، قالت النيابة العامة إن أمين عام جمعية الوفاق قد أقر لدى مواجهته بالتحقيق بإلقائه كافة الخطب والتصريحات العلانية موضوع التحقيقات وبسائر العبارات التي اشتملت عليها، فأحالته النيابة محبوسًا إلى المحكمة التي نظرت القضية على جلسات علنية في حضور المتهم ومعه فريق من المحامين، استمعت خلالها لشهود الإثبات والنفي، ومكنت المحامين الحاضرين مع المتهم ومنذ الجلسة الأولى بتسلم صورة كاملة من أوراق الدعوى ونسخ من كافة الأقراص المسجلة والمصورة والتقارير المرفقة بالقضية. كما أمرت المحكمة بإعداد نسخة كاملة من أوراق القضية ومشتملاتها وتسليمها للمتهم. ومن ناحية أخرى، استمعت المحكمة خلال تلك الجلسات إلى المتهم شخصيًا وأبدى لها دفاعه كاملاً، واستمعت إلى مرافعات المحامين بعد أن قدمت النيابة مرافعتها، ثم أصدرت حكمها في القضية. ويسمح النظام القضائي البحريني للمتهم بالطعن على الحكم الصادر أمام محكمة التمييز في المواعيد المقررة قانونًا إذا قامت أسباب قانونية تحمله لذلك، وهي من الضمانات القانونية المكفولة لأي متهم.
مشاركة :