قُتل 23 مدنياً على الأقل جرّاء غارات روسية مكثفة استهدفت، الليلة قبل الماضية، مدينة إدلب في شمال غرب سورية، فيما نفت روسيا شن طائراتها ضربات في مدينة إدلب، الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة. في حين صد تنظيم «داعش» هجوماً شنته، أمس، الفصائل المقاتلة في محاولة لإبعاد التنظيم عن مدينة إعزاز، أهم معاقلها في محافظة حلب في شمال سورية. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، لـ«فرانس برس»، أمس، إن 23 مدنياً على الأقل قتلوا، وأصيب العشرات بجروح جراء غارات مكثفة شنتها طائرات روسية على أحياء عدة في مدينة إدلب، مركز محافظة إدلب التي يسيطر عليها «جيش الفتح»، المؤلف من تحالف فصائل مقاتلة أبرزها «جبهة النصرة». وبحسب المرصد، فإن خمسة أطفال وامرأتين في عداد القتلى. وفي صور التقطها مصور لـ«فرانس برس» داخل مشفى في إدلب تم نقل الضحايا إليه، يحمل رجل طفلاً يبكي في قسم الإسعاف، فيما يعمل مسعفون على رعاية طفلة في ثياب النوم أصيبت جراء القصف. كما يمكن رؤية جثتين ملفوفتين بأغطية على الأرض، فيما ينتظر مصابون يجلسون على مقاعد دورهم لتلقي العلاج. ويظهر شريط فيديو نشره المرصد عمال إنقاذ وهم يتسلقون إلى الطبقة العليا من مبنى تضرر بشكل كبير جراء القصف، ويحاولون بصعوبة البحث عن ضحايا تحت الأنقاض. وبحسب عبدالرحمن، فإن «سرباً من الطائرات نفذ الغارات في وقت واحد على مناطق عدة في المدينة»، وشرح عبدالرحمن أن الطائرات الروسية عادة ما تخرج أسراباً من القاعدة العسكرية في مطار حميميم في اللاذقية لتقصف أهدافها، بينما تحلق الطائرات السورية منفردة. ولفت عبدالرحمن إلى أن «هذا القصف الجوي هو الأعنف على المدينة منذ بدء سريان وقف الأعمال القتالية في 27 فبراير». لكن وزارة الدفاع الروسية نفت استهداف مدينة إدلب. وقال المتحدث العسكري الروسي، ايغور كوناشينكوف، أمس، إن «الطيران الروسي لم يقم بأي عمليات عسكرية، وعلى وجه الخصوص في محافظة إدلب». وعلى الرغم من أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بموجب تفاهم روسي ـ أميركي، برعاية الأمم المتحدة، يستثني مناطق سيطرة «جبهة النصرة» و«داعش»، فإن مدينة إدلب شهدت وفق عبدالرحمن «هدوءاً نسبياً في ظل غارات متقطعة» منذ بدء الهدنة. وأعلنت روسيا، في وقت سابق، أنها كانت ستبدأ الأربعاء الماضي ضرب مقاتلي «جبهة النصرة»، لكنها عادت وأعلنت تأجيل بدء القصف بغرض إتاحة الوقت أمام المعارضة لكي تنأى بنفسها عن «المقاتلين الإرهابيين في جبهة النصرة». وتسيطر فصائل «جيش الفتح»، منذ الصيف الماضي، على محافظة إدلب بشكل شبه كامل. وبات وجود قوات النظام يقتصر على قوات الدفاع الوطني ومسلحين موالين في بلدتي الفوعة وكفريا ذات الأغلبية الشيعية. في السياق، قالت وزارة الخارجية التركية إن الضربات على مدينة إدلب أسفرت عن مقتل أكثر من 60 مدنياً، ونددت، في بيان، بما سمته الجرائم التي «لا يمكن تبريرها» للحكومتين الروسية والسورية. إلى ذلك، صد «داعش» هجوماً للفصائل المقاتلة في محاولة لإبعاده عن مدينة إعزاز، أهم معاقلها في محافظة حلب. وقال عبدالرحمن «شنت الفصائل المقاتلة هجوما على قرية كفر كلبين التي استولى عليها داعش، قبل أيام، جنوب شرق إعزاز في ريف حلب الشمالي، في محاولة لإبعاد التنظيم عن هذه المدينة». وأضاف أن التنظيم تمكن من صد الهجوم الذي قتل فيه ستة عناصر من الفصائل المقاتلة. والى جانب حماية إعزاز، تسعى الفصائل المقاتلة إلى كسر الطوق الذي فرضه التنظيم على مدينة مارع، ثاني أهم معاقلها في المنطقة. وشن التنظيم، يوم الجمعة الماضي، هجوماً على مناطق واقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في ريف حلب الشمالي، وتمكن من السيطرة على خمس قرى بينها كلجبرين وكفر كلبين، وقطع بذلك طريق الإمداد الوحيد للفصائل بين مارع وإعزاز. وأجبر هجوم التنظيم الآلاف على الفرار إلى المنطقة الحدودية مع تركيا شمال مدينة إعزاز، ليضاف هؤلاء إلى عشرات آلاف النازحين الموجودين أصلاً هناك. وفي شمال البلاد، اندلعت اشتباكات عنيفة بين «قوات سورية الديمقراطية»، أمس، و«داعش»، بعدما وسعت القوات نطاق عملياتها انطلاقاً من عين عيسى باتجاه مدينة الطبقة، التي يسيطر عليها التنظيم غرب مدينة الرقة، وفق المرصد. وتأتي هذه المعارك غداة تمكن القوات، بدعم جوي من التحالف الدولي بقيادة أميركية، من السيطرة على 12 قرية ومزرعة على محور الطبقة، ليرتفع إلى 23 قرية ومزرعة عدد المناطق التي سيطرت عليها هذه القوات منذ بدء هجومها في ريف الرقة الشمالي قبل أسبوع.
مشاركة :