رحبت أوساط دبلوماسية وسياسية روسية بتصريحات تركية بشأن إمكانية تطبيع العلاقات بين البلدين، بعد أزمة الأشهر الماضية التي أشعلها إسقاط الطائرة الروسية التي اخترقت المجال التركي أواخر نوفمبر من العام الماضي. وكان نائب رئيس الوزراء التركي، نعمان كورتولموش، أعلن في وقت سابق، أنه لا يرى في العلاقات مع روسيا قضايا لا يمكن حلها، معربا عن أمله في تطبيع العلاقات الثنائية بين البلدين قريبا. وقال "لم تكن لدينا نية لإسقاط الطائرة الروسية، ونعول على تصحيح العلاقات مع موسكو خلال فترة قصيرة". ودعما لهذه المبادرة، دعا وزير الخارجية التركي مولود أوغلو أيضا، إلى تشكيل فريق عمل خاص بتطبيع العلاقات، وقال إنه من الممكن إجراء لقاءات رسمية وغير رسمية من أجل التوصل إلى حل وسط. تلميحات روسية جاءت المبادرة التركية بعد يومين فقط من تصريحات الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، حين قال إن بلاده تود استئناف العلاقات مع تركيا، وتنتظر خطوات محددة من قبل أنقرة في هذا الاتجاه، لكن الأخيرة لم تقدم بعد على خطوات كهذه. ويسود الأوساط السياسية والدبلوماسية الروسية اعتقاد بأن بوتين يعول على التغييرات التي جرت على تركيبة الحكومة الجديدة في أنقرة، وظهور رئيس الوزراء الجديد بن علي يلديرم على الساحة، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن قيام الرئيس رجب إردوغان بإبعاد داود أغلو من المشهد السياسي يهدف إلى أشياء كثيرة، على رأسها التعامل مع ملفات كثيرة معقدة وعالقة، يمكن أن تسبب كثيرا من المشكلات والأزمات لتركيا، وذلك بصرف النظر عن الصراع بين الاثنين، وتناقض وجهات النظر بينهما في ملفات عديدة. مناقشات مطولة شهدت كواليس السياسة والدبلوماسية الروسية مناقشات مطولة، خلال الأسابيع الأخيرة، بشأن ملابسات إسقاط سلاح الجو التركي القاذفة الروسية، استندت إلى تقارير أمنية محلية تشير إلى تفاصيل مهمة بشأن ملابسات الحادث وكيفية وقوعه والأهداف السياسية والاقتصادية من ورائه. على الصعيد ذاته، أشارت تقارير إلى أنه كان من المتوقع أن تنفعل روسيا وترد عسكريا على إسقاط القاذفة الروسية، وذهب كثير من التحليلات إلى اشتعال الموقف، وتوقعات سوداوية ومتشائمة، ولكن ذلك لم يحدث، لأن موسكو تعاملت بعقلانية مع هذه المسألة المعقدة، وفقا لمراقبين. إيضاحات لا اعتذار أشارت مصادر قريبة من عملية تطبيع العلاقات المقبلة بين موسكو وأنقرة إلى أن بوتين كرر مجددا بأن "السلطات التركية قدمت إيضاحات دون أن تقدم اعتذارا، ولم تعبر عن استعدادها للتعويض، ونسمع تصريحات حول الرغبة في استئناف العلاقات، ونحن أيضا نود استئنافها رغم أننا لسنا من قوضها. نحن قمنا بكل ما بوسعنا طوال عقود لنقل العلاقات إلى مستوى غير مسبوق للشراكة والصداقة، وصداقة الشعبين الروسي والتركي وصلت بالفعل إلى مستوى عال". وجاء التصريح الروسي نتيجة نقاشات وتقارير كثيرة، إضافة إلى اتصالات جرت بين موسكو وأنقرة رغم تردي العلاقات. وفي الوقت نفسه أصبح تصريح بوتين مؤشرا على انطلاقة لتطبيع العلاقات بين البلدين، وهو ما ستشهده الأيام القليلة المقبلة.
مشاركة :