صوت العقل «ساكن» .. وأزمة «الصحافيين» مستمرة في مصر

  • 6/2/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

لم تُطْوَ بعدُ أزمة نقابة الصحافيين مع وزارة الداخلية المصرية التي انطلقت في أعقاب تنفيذ قوات الأمن قرار ضبط وإحضار ضد اثنين من الصحافيين بادرا بالاعتصام داخل مقر النقابة، حتى وصل الأمر إلى احتجاز نقيب الصحافيين يحيى قلاش واثنين من أعضاء مجلس إدارة النقابة في قسم شرطة قصر النيل بتهمة التستر على مطلوبين للعدالة، قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد دفع كفالة مالية. وبدأت النقابة التصعيد ضد وزارة الداخلية مطلع الشهر الماضي، عندما اعتبرت إلقاء القبض على اثنين من الصحافيين داخل مقرها اقتحاماً، وهو التعبير الذي ترفضه الداخلية، وتؤكد قانونية موقفها في تنفيذ أمر الضبط والإحضار، ما أدى إلى انقسامات في أوساط صاحبة الجلالة حول هذه الواقعة والاتهامات التي تلاحق النقابة ومجلسها. ورأت نقابة الصحافيين في عملية تنفيذ الأمن قرار ضبط وإحضار داخل مقر النقابة انتهاكاً غير مسبوق، ودعت إلى إجراءات تصعيدية، فعقدت اجتماعاً حاشداً في بداية الشهر الماضي، تزامن معه تظاهر مئات الصحافيين أمام مقر نقابتهم ليدعموا موقف مجلس النقابة. واتخذ مجلس النقابة سلسلة من القرارات -قبل أن يتراجع لاحقاً عن بعضها- من بينها المطالبة بإقالة وزير الداخلية، مع وضع صورته نيغاتيف في كل الصحف المصرية، وزادت على ذلك طلب اعتذار الرئيس عبد الفتاح السيسي. لا أزمة وذكر نقيب الصحافيين المصريين الأسبق الكاتب الصحافي مكرم محمد أحمد أنه لا توجد أزمة من الأساس، معتبراً أن النقابة يجب ألا تكون متسترة على صحافيين صدر قرار من النيابة ضدهما، فيما انتقد نقيب الصحافيين ومجلس نقابته، واصفاً مواقفهم بـغير المبررة، وأدت إلى تسييس الوضع، في الوقت الذي رأى فيه أنه كان من الممكن أن يتم احتواء الموقف من البداية بالحوار دون تصدير أزمات، مطالباً باعتذار الطرفين (الداخلية والنقابة). وانتقد عدد من شيوخ المهنة موقف نقابة الصحافيين، وعقدوا اجتماعاً بمقر صحيفة الأهرام العريقة، أكدوا خلاله أنهم ليسوا دعاة صدام أو تحريض، ويسعون إلى حفظ كرامة الصحافي والنقابة.. كما أكدوا كل الاحترام لرئيس الجمهورية، فيما طالب البعض -خلال الاجتماع ذاته- بعض أعضاء مجلس إدارة النقابة بالاستقالة، بعد أن أخطؤوا بتصعيد موقفهم على ذلك النحو. وتتمسك وزارة الداخلية بموقفها القاضي بقانونية ما أقدمت عليه من تنفيذ قرار النيابة، ولم ترَ في ذلك أية مخالفة للقانون، وهو الأمر الذي اتفق عليه بعض القانونيين. وساطة وتلا هذه الوقائع التي ترافقت ومحاولات وساطة -لم تدفع بتدارك الأزمة- من جانب المجلس القومي لحقوق الإنسان ونواب في البرلمان تراجع النقابة عن جزء من مواقفها، فسحبت طلبها باعتذار السيسي، وشددت على ضرورة الحوار، فيما عقدت اجتماعاً الشهر الماضي، استعرض خلاله النقيب ما تم من خطوات.. مؤكداً أن مجلس نقابته فعل كل شيء من أجل إزالة آثار التصريحات السلبية التي صدرت خلال الفترة السابقة من النقابة، مجدداً تمسك النقابة بمواقفها دفاعاً عن كرامة الصحافيين وفق تعبيره. خُدعنا، ولسنا أكبر من الاعتذار، هكذا قال رئيس تحرير صحيفة اليوم السابع المصرية خالد صلاح الذي ذكر أن المعلومات الواردة إلى الصحافيين بشأن اقتحام النقابة اتضح أنها شائعات مضلّلة ونوع من التضليل المتعمد. واستخدم معارضو مجلس نقابة الصحافيين هذا الرأي في تعزيز اتهاماتهم لمجلس النقابة بأنه مُسيس ويسيطر عليه بعض الأسماء التي لديها خصومة أو على أقل تقدير وجهات نظر مختلفة مع الدولة المصرية وتريد إشعال الموقف. ضرورة الحوار وشدد الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة الكاتب الصحافي صلاح عيسى على ضرورة الحوار كحلٍ لتجاوز هذه الأزمة الناشبة بين النقابة ووزارة الداخلية، وكذلك على ضرورة تدخل أطراف سياسية لحل الأزمة، انطلاقاً من أن موقف النقابة في الوقت الحالي صار أقل حدة من موقفها في بداية الأزمة، وهناك موقف مرن الآن من جانبها. وقررت النيابة المصرية، الاثنين الماضي، إخلاء سبيل نقيب الصحافيين يحيى قلاش واثنين من الأعضاء (جمال عبد الرحيم وخالد البلشي) بكفالة 10 آلاف جنيه مصرية لكل منهم، بعد التحقيق معهم عشر ساعات. وعبّرت أحزاب وقوى سياسية مصرية عن تضامنها مع نقابة الصحافيين المصريين، معربةً عن قلقها إزاء هذا التطور اللافت للأزمة الذي لم يحدث من ذي قبل بشأن حجز النقيب. كما دعا برلمانيون إلى عدم التصعيد في هذا الملف وإحكام العقل، وهو ما أكده رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان النائب محمد أنور السادات الذي رأى أن الجميع قد أخطأ في تعامله مع أزمة نقابة الصحافيين، بما فيهم مجلس النواب. وقال السادات، في بيان صحافي له الثلاثاء، إن التصعيد ليس حلاً وليس في مصلحة أحد، وسيكون له ثمنه داخلياً وخارجياً. وبرغم سلامة الإجراءات القانونية -وفق تأكيدات قانونيين مصريين- فيما يتعلق بآليات التعامل مع نقابة الصحافيين، فقد أثارت هذه الأزمة قلق المنظمات الحقوقية المحلية، فاعتبرت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أن هذه الوقائع تؤكد أن مهنة الصحافة ما زالت تتعرض لانتهاكات خطرة، وفق وصف المنظمة. وأوضح رئيس المنظمة حافظ أبو سعدة أن التحقيق مع ثلاثة من أعضاء مجلس النقابة يعد ضربة للعمل النقابي، وهي الواقعة الأولى التي يحدث فيها هذا على مر العصور.

مشاركة :