يبدو أن المخاوف التي تسود الأوساط المالية من التعامل مع إيران، قد أعاقت إيران من عقد صفقة شراء طائرات من شركة إيرباص الأوروبية تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات، وفقًا لتصريحات مدير المبيعات لشركة صناعة الطائرات الأوروبية. وقال جون ليهي، الرئيس التنفيذي للعمليات لقسم العملاء في «إيرباص»، «علينا أن نجد السبيل أولاً لضمان الحصول على المال من إيران من خلال النظام المصرفي». وصرح ليهي بأن القضية المصرفية واحدة من أكبر العقبات أمام إتمام صفقة الطائرات مع طهران، وأضاف ليهي - في مؤتمر صحافي عقده في باريس أمس الأربعاء - أنه في حين تم إحراز تقدم، فإنه أبطأ مما كان متوقعا. كانت إيران قد أعلنت عن عزمها على عقد صفقة شراء 118 طائرة مدنية من شركة إيرباص الأوروبية، بقيمة 27 مليار دولار. وتشمل الصفقة، التي لم تكتمل بعد، كل أنواع طائرات «إيرباص» ذات الممر الواحد إلى 12 من سوبر جامبو A380 الرائدة، التي يبلغ سعرها أكثر من 432.6 مليون دولار. وفي تقديرات سابقة، أعلن مسؤولون في صناعة الطيران بإيران والغرب أن طهران - التي يبلغ عدد سكانها 80 مليون نسمة - بحاجة إلى 400 طائرة أو أكثر في العقد القادم لتجديد أسطولها المتقادم الذي عانى من عدة حوادث تحطم مميتة في السنوات القليلة الماضية. ولا تزال البنوك تحجم عن إبرام صفقات مع إيران بعد أن أحجمت حكومات الولايات المتحدة والدول الأوروبية عن تعزيز المعاملات. وتتجاوز المشكلة المصرفية صفقة الطائرات، حيث كافحت شركات النفط أيضا لتحصل على دعم البنوك الكبيرة لإتمام الصفقات أو إقراضها لتغطية الديون. وفي بعض الحالات، كان عليهم اللجوء إلى مقايضة ترتيبات أو استخدام البنوك الصغيرة. وكشف عباس عراقجي، مساعد وزير الخارجية الإيراني، في مايو (أيار) الماضي، عن أن البنوك الأوروبية الكبرى ترفض التعامل مع البنوك داخل إيران، وأرجع ذلك إلى «تأثير اللوبيات المعارضة لإيران داخل الولايات المتحدة»، وكذلك «ضعف بنية البنوك الإيرانية فيما يخص الانضباط المالي». وقال عراقجي، في حوار هاتفي مع القناة الأولى بالتلفزيون الإيراني، إن «البنوك الأوروبية الكبرى لم تبدأ بعد تعاملها مع البنوك داخل البلاد، إلا أن بعض البنوك المتوسطة والصغيرة كان لها تعامل وافتتحت اعتمادات مستندية للبنوك الإيرانية». وفي اجتماع - عُقد خلال مايو - مع نحو عشرة مصارف في لندن بحضور وزير الخارجية البريطاني والمبعوث التجاري إلى إيران، أكد وزير الخارجية الأميركية جون كيري أن الولايات المتحدة لن تعاقب البنوك الأوروبية التي تستأنف علاقاتها التجارية مع إيران بشكل مشروع، في محاولة لتبديد مخاوف تلك البنوك من التعامل مع طهران. لكن يظل ضعف الانضباط المالي داخل البنوك الإيرانية هو العائق الرئيسي لتعامل المصارف الأوروبية معها. وكانت الولايات المتحدة وأوروبا رفعتا بعض العقوبات الاقتصادية عن طهران في يناير (كانون الثاني) الماضي، بموجب اتفاق مع إيران للحد من برنامجها النووي، لكن عقوبات أميركية أخرى ما زالت باقية، ومن بينها حظر تسوية المعاملات الدولارية المرتبطة بإيران عبر النظام المالي الأميركي. وكان من المفترض أن ينتج عن الاتفاق النووي إطلاق سراح عشرات المليارات من الدولارات المجمدة في أرصدة إيران لدى البنوك الأجنبية، بما يسمح لإيران بالتجارة بحرية مع العملاء في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك صناعة الطائرات. لكن لن يلغي الاتفاق العقوبات الأميركية على أنشطة إيرانية أخرى، مثل دعمها الإرهاب، وتطوير صواريخ باليستية وانتهاكات حقوق الإنسان. وعلى الرغم من الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه مع إيران، فإن الولايات المتحدة لا تزال تمنع وصول إيران إلى النظام المالي الأميركي.
مشاركة :