بينما يستعد أهالي محافظة تعز، ثالثة كبرى المدن اليمنية، لاستقبال شهر رمضان المبارك، لا تزال ميليشيات الحوثي والمخلوع علي عبد الله صالح، ترتكب يوميا المجازر ضد أهالي المدينة العُزل من خلال القصف بمختلف الأسلحة على الأحياء السكنية لقرى وأرياف المحافظة. وقال مصدر في المقاومة الشعبية في تعز لـ«الشرق الأوسط» إن «الميليشيات الانقلابية تواصل قصفها وبصورة عشوائية على الأحياء السكنية بالمدينة بمختلف الأسلحة، وكذا قرى المحافظة، ومن بينها منطقة البعرارة، غرب المدينة، وأحياء وسط المدينة وشرق وغرب وشمال المدينة في استمرار للقصف وخرق الهدنة المزعومة التي لم تلتزم بها الميليشيا منذ بدء سريانها». وشدد عضو المقاومة الشعبية على مطالباتهم للتحالف العربي التي تقوده السعودية بضرورة «دعمهم بالأسلحة اللازمة لتحرير المحافظة من الميليشيات الانقلابية وفك الحصار عنها قبل حلول شهر رمضان المبارك، خصوصا مع دفع الميليشيات بحشود وتعزيزات عسكرية كبيرة إلى محيط تعز والمناطق المسيطرة عليها، واشتداد المواجهات في مختلف جبهات تعز». ورافق القصف تشديد الحصار على المدينة من جميع منافذها لتمنع بذلك دخول المواد الغذائية والدوائية والطبية والإغاثية وجميع المستلزمات، الأمر الذي تسبب في رفع أسعار المواد الغذائية والدوائية، علاوة على انتشار الأمراض والأوبئة. كما شهدت منطقة الحقيقية بمديرية ذباب، غرب المدينة، ومحيط السجن المركزي، لليوم الثالث على التوالي، وشارع الثلاثين، غربا، اشتباكات عنيفة مع الميليشيات الانقلابية، تمكنت فيها قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من إفشال تقدم الميليشيات، وسقط قتلى وجرحى من الجانبين. وقال العميد الركن صادق سرحان، رئيس المجلس العسكري في تعز وقائد «اللواء 22 ميكا»، إن «المشروع الإيراني لا يتفق إطلاقا مع مشروع الدولة الوطنية التي ينشدها الجميع، والتاريخ علمنا أن المشاريع المذهبية الضيقة آيلة للسقوط والتلاشي، ولا مكان للمشروع الفارسي الحوثي في البلاد». وأضاف: «نحن لسنا دعاة حرب، لكن فرضت علينا الحرب من قبل المتمردين، ولم نترك الوطن يعبث به العابثون، كما أننا في تعز لسنا مع أي حزب أو طائفة أو جهة، نحن حزب اليمن بالكامل وحزب تعز خاصة». ودعا العميد سرحان، خلال الاحتفال بالذكرى الأولى لـ«استشهاد» نجل قائد المقاومة الشعبية في تعز أسامة حمود سعيد المخلافي، مجلس الأمن إلى أن «يحترم قراراته ويسعى للضغط من أجل تنفيذها دون الحاجة إلى حوارات أو التفاف عليها وتبني وجهات نظر متعارضة». إلى ذلك، عقد في تعز لقاء تشاوري برئاسة مدير عام الشرطة في المحافظة العميد محمد عبد الرزاق المغبشي تحت شعار «الأمن مسؤولية الجميع»، وحضره عدد من القيادات العسكرية والأمنية والسلطة المحلية ومجلس تنسيق المقاومة ومنظمات المجتمع المدني بالمحافظة، حيث دعت قيادة الشرعية الجميع إلى التعاون مع الأجهزة الأمنية من أجل ضبط مرتكبي الشغب وأعمال الفوضى واتخاذ الإجراءات اللازمة لإحالتهم إلى القضاء. وأكدت قيادة شرطة محافظة تعز على ضرورة البدء في عملية تسلم المؤسسات الأمنية للمباني والمقرات التابعة للمؤسسات الرسمية، وتفعيل الأجهزة الأمنية، وعدم تجاوز مؤسساتها والرجوع إليها في أي عمل أمني؛ ابتداء من عقال الحارات وأقسام الشرطة، عبر التسلسل الهرمي المعروف للمؤسسات. من جانبه، أكد مدير عام شرطة المحافظة العميد محمود المغبشي، أن الوضع يتطلب من «الجميع رفع درجة اليقظة والجاهزية، والحفاظ على ممتلكات المواطنين، ومراقبة أي تحركات مشبوهة تحاول زعزعة أمن وسكينة المواطن». في المقابل، دشن ائتلاف الإغاثة الإنسانية بمحافظة تعز، أمس الأربعاء، مشروع توزيع مائة ألف سلة غذائية، ومائتي طن من التمور، للمتضررين في المديريات المحاصرة والأشد ضررًا في محافظة بتعز، بتمويل من «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية». وجرى التدشين برعاية من وزير الإدارة المحلية رئيس اللجنة العليا للإغاثة، الدكتور عبد الرقيب فتح، ومحافظ تعز، علي المعمري، وبحضور وكيل المحافظة رشاد الأكحلي، وقائد الجبهة الغربية عبده حمود الصغير، والنائب عبد الكريم شيبان عضو مجلس النواب اليمني (البرلمان)، وقادة الأحزاب والمكونات السياسية، وشخصيات ووجاهات اجتماعية، ورؤساء المؤسسات والمنظمات والجمعيات والمبادرات الأعضاء في الائتلاف. وقال بيان للائتلاف، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن «المساعدات الإغاثية المقدمة من (مركز الملك سلمان) والمتمثلة في مائة ألف سلة غذائية ومائتي طن من التمور ستوزع لمديريات المدينة المحاصرة والأشد تضررًا جراء الحرب التي شهدتها مناطق القاهرة، والمظفر، وصالة، ومشرعة وحدنان، وصبر الموادم والمسراخ». من جانبه، أشاد وكيل المحافظة، المهندس رشاد الأكحلي، بالدور الذي يقوم به ائتلاف الإغاثة في توزيع المساعدات على المتضررين في المحافظة المنكوبة، وقيامه بعملية مسح ميداني شاملة لكل المديريات والعزل في المحافظة. كما عبر عن شكره لـ«مركز الملك سلمان» الذي قال إنه «ما زال يقدم المساعدات الإغاثية من الغذاء والدواء والمستلزمات الطبية للمتضررين في محافظة تعز». وقال الأكحلي إن «إجمالي ما يصل إلى المدينة من مساعدات إغاثية ليس كافيا، خصوصًا مع اقتراب شهر رمضان، مقارنة بالاحتياج الكبير من قبل المواطنين، الذين وصل معظمهم إلى مرحلة الفقر المدقع جراء الحرب الظالمة والحصار الخانق الذي فرض على مدينة تعز». بدوره، عبر رئيس ائتلاف الإغاثة الإنسانية في تعز الدكتور عبد الكريم شمسان، عن شكره لـ«مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، الذي قال إنه «كان له السبق في كسر الحصار عن المدينة من خلال الإنزال الجوي للأدوية والمستلزمات الطبية، وإدخال المواد الغذائية إلى مناطق الحصار من خلال الطرق البدائية». كم وزعت المؤسسة الرائدة الخيرية للتنمية الإنسانية، عضو ائتلاف الإغاثة الإنسانية في تعز، 314 سلة غذائية على الأسر الفقيرة والمعدمين والمحتاجين، في منطقة التعزية (مخلاف) جنوب تعز. واستهدف المشروع مناطق الحباري، وكندة، وعسق، وربع وقطران، وذلك ضمن خطة للمؤسسة تسعى من خلالها إلى توزيع 5 آلاف سلة غذائية ضمن مشاريع شهر رمضان المبارك. من جهة أخرى، اختتمت «مؤسسة مروج للتنمية الإنسانية»، عضو ائتلاف الإغاثة الإنسانية في تعز، برنامج الدعم النفسي المتكامل لأبناء وأسر «شهداء تعز». وقال المنظمون للبرنامج إن هذا البرنامج «يهتم بأبناء وزوجات (الشهداء) ويهدف إلى مساعدتهم في مواجهة الظروف النفسية التي خلفتها الحرب». وقالت رئيسة المؤسسة، هيام القدسي، إن هذا البرنامج «يعد المرحلة الأولى والأول من نوعه الذي يستهدف هذه الشريحة ببرامج دعم نفسية متخصصة، والمؤسسة ستعمل على التجهيز لمرحلة ثانية من البرنامج، غير أن التكاليف المادية تقف سببا وراء تأخير إقامته».
مشاركة :