إيمان محمد (أبوظبي) اعتبر الدكتور خالد البلوشي أستاذ مساعد ورئيس قسم الجيولوجيا في جامعة الإمارات العربية المتحدة، أن الأحفوريات بمثابة ناجٍ من حريق، «فهو الوحيد الذي يستطيع إخبارنا ما حدث بالداخل». وكان البلوشي يتحدث في الجلسة الختامية من ملتقى متحف زايد الوطني التي أقيمت مساء أمس الأول في منارة السعديات، حيث قدم البلوشي مع الدكتور مارك بيتش، رئيس قسم التراث الساحلي وعلم الحفريات في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، عرضا شيقا عن تنوع البيئة الطبيعية في الإمارات عبر العصور. وعرض البلوشي أحفورة متحجرة لكائن منقرض ذات مصراعين غير متماثلين عثر عليها في إمارة الشارقة، تعود إلى العصر الطباشيري المتأخر المنتهي منذ أكثر من 65 مليون سنة، فيما عرضت أيضا أحفورة لجمجمة تمساح تعود إلى أواخر العصر الميوسيني، قبل 6 إلى 8 ملايين سنة، والتي عثر عليها في جزيرة «قرين العيش» بالمنطقة الغربية عام 2010. وقدم البلوشي دلائل على التغيرات المناخية الكبرى التي طالت الإمارات عبر العصور، فقد كان الجو باردا والطبيعة مختلفة، إذ عثر على أحفوريات لأشجار صنوبرية وأحجار ضخمة مصقولة بمياه الأنهار العميقة، وهناك ظهور كامل لتسلسل متحف جيولوجي في الطبيعة يمتد من دبا على الساحل الشرقي إلى عُمان، ويمكن رؤية أثر تحركات الألواح التكتونية المكونة للقشرة الأرضية بما فيها تشكلات الحمم البركانية المتدفقة من الشقوق والمعروفة بـ»سمايل افيولايت» وهي الوحيدة في العالم. وشرح عن ظاهرة التكهف التي تظهر في الأرض المكونة من الحجر الجيري والتي تم اكتشافها في أبوظبي والعين منذ 7 سنوات، حيث تتعاون العديد من الجهات لتوظيف علوم الجيوفيزياء لاكتشافها، حيث تزداد بفعل الري والتعرية الحديثة، كما أنه يمكن استخدام هذا العلم القائم على حسابات فيزيائية لاكتشاف مصادر جديدة للمياه، وتحديد الأماكن التي قد تطالها الزلازل المدمرة. وقال «الإنسان عمره بسيط على كوكب الأرض لكن التأثير الذي تركه مدمر، وعلينا إعادة النظر في تعاملنا مع البيئة حتى نترك الأرض سليمة للأجيال القادمة». من جهته شرح بيتش كيفية تشكل الأحفوريات وكيفية البحث عنها وتحديد عمرها، حيث تكثر الأحفوريات في طبقة بينونة الصخرية في المنطقة الغربية والتي تمتد عل مساحة 250 كيلومترا من جبل براكة إلى منطقة الظفرة جنوب مصفح في أبوظبي، إذ عثرت البعثات الآثارية المتعاقبة منذ الأربعينيات على أحفوريات تتعلق بزرافات ذات أعناق قصيرة، وخنازير مخيفة، وأفراس نهر، وخيول هيبورين المنقرضة، وغزلان ذات قرون كبيرة، وقرود نادرة، وتماسيح، وطيور الأنهار، والنعام، وحفريات لحشرات صغيرة، وثلاثة أنواع من الأفيال، وقال «كل هذا كان عندما كانت الصحراء خضراء». وعرض بيتش صورة رقمية حديثة لمسار قطيع الأفيال والغزلان بعد أن تم تجميعها من آلاف الصور الجوية والملتقطة بطائرة من دون طيار، وهو المسار الذي تم رسمه بعد اكتشاف آثار أفيال متحجرة في منطقة بدع المطاوعة عام 2006 وهي تعود إلى حوالى 6 ملايين عام. وكشف بيتش عن تسجيل نوع نادر من سلالة جرذان باسم «أبوظبية» وجدت له أحفورة وحيدة في العاصمة، فأصبح اسم أبوظبي يتردد في الأوساط الجيولوجية العالمية.
مشاركة :