عقد وزراء خارجية دول مجلس التعاون ثلاثة اجتماعات وزارية مهمة مع نظرائهم على التوالي، وزير الخارجية الأمريكي، ثم الروسي، ثم البريطاني وأعتقد في جدول أعمال الوزراء اجتماعات أخرى مع وزيري خارجيتي فرنسا والصين، حتى تكتمل خارطة مباحثات دول الخليج مع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن. اجتماع الوزراء مع وزير خارجية أمريكا يُعد اجتماعاً شبه دوري، ويبحث تفعيل التحالف الإستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية خصوصاً بعد تخلي أمريكا عن بعض التزاماتها، وبالذات في دعم جهود دول الخليج العربية في التصدي للإرهاب، وبخاصة في مواجهة النظام الإيراني الذي ازداد تفلُّتاً بعد الاتفاق النووي مع دول الغرب الذي فهم الإيرانيون منه أن أمريكا وحلفاءها الأربعة قد أطلقوا يدها في المنطقة، وبالذات في إقليم الخليج العربي، ولهذا فإن وزراء خارجية دول الخليج العربية كانوا واضحين وصريحين في إظهار عتبهم من التجاهل الأمريكي لما يقوم به نظام ملالي إيران من تجاوزات واختراق لا يمكن السكوت عنه من دول الخليج العربية وتدخله السافر في الشؤون الداخلية لها، إضافة إلى هيمنته وسيطرته التي تُذكِّر دول المنطقة بفترة الاستعمار، ولكن هذه المرة بنكهة فارسية لكل من العراق وسوريا ولبنان، عتبٌ نال أيضاً الحليف البريطاني الذي جاء وفق هوى الأمريكان، فسكتوا عن أفعال إيران في المنطقة وهي التي لها من المصالح ما يتساوى مع أمريكا إن لم تزد عليها بحكم أقدميتها في المنطقة. يأتي الاجتماع الثالث الذي جمع الوزراء بنظيرهم الروسي، ودول الخليج العربية تعلم أن روسيا لها من العلاقات الإستراتيجية والسياسية والاقتصادية مع النظام الإيراني، ولذلك فإن المباحثات لا تعوّل على إنهاء مثل هذه العلاقات، إلا أنها في نفس الوقت تعمل على أن تكون علاقات روسيا مع دول الخليج العربية وإيران علاقات متوازنة لمصلحة الأطراف الثلاثة، وفعلاً بقدر ما كانت دول الخليج واضحة في تلك المباحثات كان الروس أيضاً واضحين، وعلى هذه الأرضية من الوضوح والتفاهم تم التوصل إلى آلية للتنسيق والتشاور بين روسيا ودول الخليج لتفعيل دور روسيا للعب دور واضح وغير منحاز في مكافحة الإرهاب ومواجهة الأزمات في المنطقة من خلال التأثير على أصدقائهم في المنطقة، ومنهم الإيرانيون وجعلهم أكثر تعقُّلاً والتزاماً بالسلوك الدولي القويم والمواثيق الدولية.
مشاركة :