قال د.محمد حسن المريخي إن رمضان شهر الرحمة والطاعة والغفران وليس شهر الجوع والعطش، محذراً من الإسراف والتبذير فيه خاصة في الأكل والشرب لأن المبذرين والمسرفين إخوة للشياطين، كما حذر أيضاً مما أعدّه الشياطين من المبطلات الحسيّة والمعنويّة المُفسدة للصيام خاصة ما تبثه الفضائيات والإعلام الهادم. وذكّر فضيلته المصلين في بداية الخطبة بما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم عند قدوم الشهر الفضيل، موضحاً أنه كان يجمع أصحابه ويذكرهم بفضائل الله فيقول (أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغلّ فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حرم). مكانة رمضان وأكد فضيلته أن أهم ما يستقبل به الشهر أمران موضحاً أن الأمر الأول هو: بالاستشعار، لافتاً إلى أنه ينبغي على المسلم أن يستشعر مكانة الشهر وقدره ليقدره حق قدره، وذلك بالوقوف على ما جاء في القرآن والسنّة في بيان مكانة شهر رمضان كقوله تعالى (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان)، فالشهر عظيم لاختيار الله تعالى له لنزول أعظم وحي أنزله الله على البشرية، وقول الله تعالى (يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم). مضيفاً إنه في رمضان شرع الله هذه الطاعة والعبادة العالمية (الصيام) التي فرضها الله على العالمين، وصف الله تعالى الليلة التي أنزل فيها القرآن بأنها ليلة مباركة وأنها خير من ألف شهر (أربع وثمانين) سنة (إنا أنزلناه في ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر) (إنا أنزلناه في ليلة مباركة) فالليلة ذات قدر كبير عند الله لعظم ما ينزل فيها من القرآن والملائكة والروح والسلام والأمان. شهر عظيم ودعا للنظر إلى عظم شهر رمضان، مشيراً إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بيّن ما فيه من الأجور والدرجات والثواب لمن اعتنى به وأدّى ما افترض الله وشرعه، يقول رسول الله، يقول الله تعالى (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) فأخفى الله ثواب الصيام ووعد بأنه يجزي به وهو الكريم المنان، ولا يتوقع من الكريم إلا العطية المجزية، ويقول عليه الصلاة والسلام (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) ويقول (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) فأي فضل وأي فوز أعظم من أن تمحى ذنوب العبد كلها، ومن غفر الله له ذنوبه فقد رحمه، يقول تعالى (وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم). وقال عليه الصلاة والسلام مبيناً مقام شهر رمضان وعظم أجر قيامه وصيامه (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) وقال (اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه) فإذا وقف المسلم على ما بينه الله ورسوله في مقام شهر رمضان فإنه سيعظمه ويقدّره، فإذا قدّر الشهر ووقف على كبير فضله وعظيم جزائه وجب عليه أن يبادر إلى اغتنامه والفوز بدرجاته ومنازله وثوابه، لأن هذه المواسم تنزل مسرعة فتحتاج إلى من يبادرها ويتلقفها وإلا فسوف تفوته وتمضي فلهذا أمر الله بالمسارعة إلى اغتنامها، يقول تعالى (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدّت للمتقين) وقال (سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدّت للذين آمنوا بالله ورسله)، ويقول عز وجل (فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعاً). تدبر القرآن وخاطب فضيلته المصلين قائلاً، أنتم على أعتاب شهر تولى الله بنفسه جزاء من عمل فيه ابتغاء مرضاته (إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) فاستقبلوا شهركم بالتوبة والذكر والشكر على النعم والنية الحسنة والهمة، استقبلوا شهر رمضان بالإكثار من تلاوة القرآن فهذا زمان نزوله (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) طهروا القلوب بالقرآن واشرحوا به الصدور ومتعوا به النظر واتعظوا واعتبروا بتدبّر الآيات، فقد كان الصحابة يعكفون على قراءة القرآن تلهج ألسنتهم بقراءته وتدبر آياته يبتغون الأجر والمغفرة والرضوان، ألا وإن في القلوب حيرة وضيقاً وفي الناس حاسدين وحاقدين وفي الأوزار واقعين وللدنيا متابعين وعن الدين والشريعة مُعرضين فما أحوجنا للقرآن نتدبّر آياته ونطهّر أنفسنا به مما علق بها، يقول تعالى (يأيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين). الشفاعة والغفران وشدد فضيلته على أن القراءن الكريم ظهير لشهر رمضان بالشفاعة والغفران، يقول صلى الله عليه وسلم (الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيشفعان). وقال اغتنموا رمضان للدعاء لأنفسكم وإنقاذ الأنفس من متغيّرات الدنيا وتحوّلاتها وحوادثها، جاء الأمر بالدعاء مقروناً بآيات الصيام يقول تعالى (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون)، وما أحوجنا للدعاء ليحفظ الله علينا أمتنا وبلادنا وإسلامنا وأخلاقنا في وقت استهدفنا عدونا ومن زاغت به الأبصار والقلوب، ما أحوجنا للدعاء لولاة أمورنا ثبتهم الله ووفقهم لما يحبه ويرضاه. وتابع قائلاً: لقد ربط النبي عليه الصلاة والسلام بين الدعوة والمبادرة إلى العمل الصالح واغتنام أوقاته ومواسمه وبين التحذير من الفتن المظلمة والحوادث المدلهمة فقال (بادروا بالأعمال فستكون فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا) رواه مسلم. قارب نجاة وأشار إلى أن العمل الصالح الخالص قارب نجاة أو سفينة نجاة تنجي من الفتن وتنقذ من المصائب والمحن، في الحديث (بادروا بالأعمال سبعاً هل تنتظرون إلا فقراً منسياً أو غنى مطغياً أو مرضاً مفسداً أو هرماً مفنداً أو موتاً مجهزاً أو الدجال فشر غائب ينتظر أو الساعة فالساعة أدهى وأمر).
مشاركة :