قال فضيلة د. محمد حسن المريخي إن رمضان شهر عظيم وموسم كريم، مضيفاً أنه كم من إنسان خطط لهذا الشهر ليفعل فيها ويعمل ويبني ويصحّح ويعدل فحالت المنيّة بينه وبين ما كان ينوي فعله.. وأوضح د. المريخي في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بمسجد عثمان بن عفان بالخور أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اقترب رمضان جمع أصحابه وذكّرهم بفضائل الله عز وجل فيه فيقول لهم عليه الصلاة والسلام (أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم). مكانة الشهر وذكر الخطيب إن من بين أهم ما يستقبل به الشهر هو الاستشعار حيث ينبغي على المسلم أن يستشعر مكانة الشهر وقدره ليقدره حق قدره ، وذلك بالوقوف على ما جاء في القرآن والسنّة في بيان مكانة شهر رمضان كقوله تعالى (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان). وقد بيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فيه من الأجور والدرجات والثواب لمن اعتنى به وأدى ما افترض الله وشرعه، حيث قال عليه الصلاة والسلام، يقول الله عز وجل: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به). إخفاء الثواب وأشار خطيب مسجد عثمان بن عفان إلى أن المولى عز وجل أخفى ثواب الصيام ووعد بأنه يجزي به وهو الكريم المنّان، ولا يتوقع من الكريم إلا العطية المُجزية، مسترشداً بقوله عليه الصلاة والسلام (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدّم من ذنبه)، وقوله صلى الله عليه وسلم (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدّم من ذنبه). وأضاف: قال عليه الصلاة والسلام مبيناً مقام شهر رمضان وعظم أجر قيامه وصيامه (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدّم من ذنبه)، وقال (اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه). مقام رمضان ونوه بأنه إذا وقف المسلم على ما بيّنه الله ورسوله في مقام شهر رمضان فإنه سيعظّمه ويقدّره، فإذا قدّر الشهر ووقف على كبير فضله وعظيم جزائه وجب عليه أن يُبادر إلى اغتنامه والفوز بدرجاته ومنازله وثوابه، لأن هذه المواسم تنزل مسرعة فتحتاج إلى من يُبادرها ويتلقفها وإلا فسوف تفوته وتمضي فلهذا أمر الله بالمسارعة إلى اغتنامها. ومضى د. المريخي إلى القول: أنتم على أعتاب شهر تولّى الله بنفسه جزاء من عمل فيه ابتغاء مرضاته، فاستقبلوا شهركم بالتوبة والذكر والشكر على النعم والنية الحسنة والهمة وبالإكثار من تلاوة القرآن فهذا زمان نزوله. تطهير القلوب ودعا إلى تطهير القلوب بالقرآن وشرح الصدور به وإمتاع النظر والاتعاظ بتدبر الآيات، موضحاً أن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم كانوا يعكفون على قراءة القرآن تلهج ألسنتهم بقراءته وتدبر آياته يبتغون الأجر والمغفرة والرضوان. وأكد أنه ما أحوجنا للقرآن نتدبّر آياته ونطهّر أنفسنا به مما علق بها، لافتاً إلى قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ). شفاعة الصيام وأشار إلى قوله صلى الله عليه وسلم: (الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيشفعان)، وتابع: نحن في الزمان الأخير من الدنيا حيث نزول الفتن ووقوع المتغيّرات والتحولات وكثرة المغرورين والشاردين عن رحاب الشريعة والدين وهذا كله وغيره لا يرده بعد الله تعالى إلا العمل الصالح الخالص. اغتنام الأوقات وأوضح أن النبي عليه الصلاة والسلام ربط بين الدعوة والمُبادرة إلى العمل الصالح واغتنام أوقاته ومواسمه وبين التحذير من الفتن المظلمة والحوادث المدلهمة، فقال: (بادروا بالأعمال فستكون فتن كقطع الليل المظلم يُصبح الرجل مؤمناً ويُمسي كافراً ويُمسي مؤمناً ويُصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا). وبيّن خطيب مسجد عثمان بن عفان أن العمل الصالح الخالص قارب نجاة أو سفينة نجاة تنجي بإذن الله من الفتن وتنقذ من المصائب والمحن، لافتاً إلى الحديث الشريف (بادروا بالأعمال سبعاً هل تنتظرون إلا فقراً منسياً أو غنى مطغياً أو مرضاً مُفسداً أو هرماً مفنداً أو موتاً مجهزاً أو الدجال فشر غائب ينتظر أو الساعة فالساعة أدهى وأمر). شهر الرحمة وذكر أن شهر رمضان شهر الرحمة والطاعة وليس شهر الجوع والعطش، داعياً إلى الحذر من الإسراف والتبذير في الأكل والشرب فإن المبذّرين والمسرفين إخوة للشياطين، والحذر كل الحذر مما أعدّه الشياطين من المبطلات الحسيّة والمعنوية المُفسدة للصيام خاصة ما تبثه الفضائيات والإعلام الهادم، ناصحاً باستقبال الشهر بالطاعة وتحقيق المطلوب منا شرعاً.
مشاركة :