الكوكب «إكس التاسع» يعود إلى الواجهة من جديد

  • 6/4/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

المعروف أن نظامنا الشمسي بات يتكون من 8 كواكب، 4 صخرية (عطارد والزهرة والأرض والمريخ) و4 غازية (المشتري، وزحل، وأورانوس، ونبتون)، وكلها تدور حول الشمس على مسافة تصل إلى نحو 5 مليارات كم. ولكن أبعد من ذلك بكثير، وعند مسافة تقترب بين 200 و300 مليار كم، يمكن أن يتخفى ما يمكن تسميته بالكوكب التاسع، أو الكوكب إكس. حتى هذه اللحظة يمكننا القول إن الأمر ربما تفوح منه رائحة الخيال العلمي. فهذا الكوكب غير المعروف الذي يقع في مكان ما، في نظامنا الشمسي، والذي لم يتمكن أحد حتى الآن من رؤيته، على الرغم من التقدم الذي أحرزه الإنسان في مجال مراقبة السماء، لا يزال بالنسبة للبعض عالماً شبحياً، إذ إنه ربما يبلغ حجم الأرض، أو حتى يبلغ ضخامة نبتون العملاق، أو يسبح إلى جانبنا، لكنه مختف تماماً عن الأنظار. هل هناك مصداقية حول هذا الكوكب فعلاً؟ إنها قضية جادة وخطرة فهي تؤرق علماء الفلك منذ نحو 200 عام. والواقع أنه كلما كان الفلكيون يرصدون حالة شاذة في مسار الأجرام منذ القرن التاسع عشر، كانت فرضية الكوكب إكس، تعاود الظهور على السطح على الرغم من أن جميع تلك الحالات الشاذة في نهاية المطاف، كانت تجد لها تفسيراً، ولكن الأمر كان يختلف مع هذا الكوكب الغامض. وفي نهاية القرن العشرين، كان علماء الفلك عازمين على وضع حد لنزواتهم وخيالاتهم، ليس فقط لأن أحدث التلسكوبات لم تكشف عن أي شيء، بل لأن النظرية التي تصف التطور الديناميكي للكواكب تسير بشكل جيد للغاية، من دون وجود لهذا الكوكب التاسع المفترض. فالنظام الشمسي متسق تماماً ب 8 كواكب، ولسنا بحاجة لكوكب تاسع، كما لخص الأمر مارك فوشار، الفلكي في معهد الميكانيكا السماوية والتقويم الفلكي. وتغيرت الأمور تماماً بصدفة دفعت علماء الفلك لإحياء تلك القصة القديمة حول الكوكب التاسع. إذ أعلن الأمريكيان تشاد تروجيللو من مرصد جيميني بهاواي، وسكوت شيبارد من معهد كارنيجي في واشنطن، عن اكتشاف جرم له مسار غريب. اسمه (2012 VP113)، لكن يبدو أن هذا الجرم، لم يكن الكوكب إكس المتوقع. فوفقاً للباحثين، يبلغ قطر هذا الجرم 450 كم، وهو ما يعتبر قليلاً جداً ليكون كوكباً، وكُشف عنه عند مسافة تبلغ 80 وحدة فلكية من الشمس، خارج حزام كويبر. والحقيقة حسب وصف الباحثين أن اتجاه الجرم (2012 VP113) هو الذي كان مميزاً ومتفرداً، فكانت نقطة حضيضة (الأقرب) بالنسبة للشمس، متسقة عملياً، وإلى حد كبير مع مستوى الخط الكسوفي (أي خط مسير الشمس الظاهري، وغالبية أجرام المنظومة الشمسية، ككوكب المشتري، وزحل، والكويكبات والأرض) وكأن شيئاً ما، جذبه إلى هذا المكان، على الرغم من أنه يوجد على بعد مليارات الكيلومترات عن أقرب كوكب معروف، وهو نبتون. الجدير بالذكر أن علماء الفلك اكتشفوا في هذه المنطقة جرماً في العام 2004 يبلغ قطره نحو 1000 كم، واسمه سيدنا، وأظهر اتجاه مداره نفس المحاذاة التي أظهرها الجرم الجديد. ويشير مارك فوشار، إلى أنه جرت في ذلك الحين دراسات لشرح هذا التوافق، وأرجعها البعض إلى وجود كوكب مستتر، يؤثر على الكويكبات الصغيرة، ولكن مع جرم واحد فقط، ماذا نستنتج؟ الحقيقة أنه مع اكتشاف الجرم (2012 VP113)، لم يكن الجرم (سيدنا) وحيداً، ولم يكن كل من سكوت شيبارد وتشاد تروخيو، مؤمنين بهذه المصادفة، خصوصاً أنه من خلال مراقبة مدارات الأجسام في حزام كويبر، وجدا 10 كويكبات لديها أيضاً نفس الاتجاه، ولذلك لم يكن لديهما نموذجان فقط، بل 12 نموذجاً. ومن هنا لم يكن بالأمر المستغرب أن تكون مدارات الكويكبات في حزام كويبر منطبقة على خط مسير الشمس (الكسوفي). ويوضح سكوت شيبارد ذلك، بالقول: تحتفظ الكواكب بالكويكبات في نظام يذكرنا بالراعي مع غنمه، فعندما بدأ قرص الغبار المحيط بالشمس، بعد ولادتها بالتجمع لتكوين الكواكب، تناثرت مليارات القطع من الحطام، وطرد معظمها لتشكيل سحابة (أورت) البعيدة جداً. ولكن بعض تلك القطع التي وجدت لها مكاناً في منطقة نبتون وأورانوس، وجدت نفسها تحت تأثير جاذبيتهما، ومن هنا نجد أن هذا القطيع من الصخور، يميل إلى الوقوع في هذه المنطقة، إلّا أن (سيدنا) و(2012 VP113) يقعان على بعد 50 وحدة فلكية، من الكواكب الغازية العملاقة، أي أبعد بكثير جداً من مجرد جعلها خاضعة لتأثيرها، ولذا ينبغي أن تكون متوجهة بشكل عشوائي. أو أنه لابد أن يكون هناك جرم هائل يحدث اضطراباً في مدار الجرمين، حسب تحليل سكوت شيبارد. ومن المعتقد أن هذا الجرم يؤثر بدوره على أقرب 10 كويكبات. وانطلاقاً من هذا التفسير، أطلق الباحثان سلسلة من عمليات المحاكاة الرقمية، ووجدا أن كوكباً تتراوح كتلته بين 2 و15 ضعف كتلة الأرض، ويدور على مسافة تتراوح بين 200 و300 وحدة فلكية، وعند مدار مماثل للجرمين (سيدنا) و(2012 VP113)، يمكن أن يفسر هذا الوضع المضطرب أو الشاذ ويؤكد وجود الكوكب (إكس). وأظهر نموذج الباحثين أنه من الممكن وجود كوكب بكتلة نبتون، يدور على مسافة تبلغ 1500 وحدة فلكية. وهكذا عاد الكوكب إكس (التاسع) إلى الواجهة، بوضعه المزعج، والمثير للفضول، والمحير، بحسب ما يصفه العلماء. ويبدو أن المختصين في ديناميكيات أنظمة الكواكب، مجمعون على أن جرمين أو حتى 12 جرماً، شيء لا يذكر لقطع الشك باليقين، لكنه حتى الآن يبقى هذا العدد كافياً لإحياء فرضية الكوكب (إكس). ويقول أليساندرو موربيدللي، الاختصاصي في النظام الشمسي، بمرصد الريفيرا الفرنسية: لسنا حتى الآن على يقين، فالأمر ربما يكون مجرد تذبذب إحصائي فقط، أو مجرد ضربة حظ سيئة أو خطأ في الجهاز المستخدم، ولكن إذا تم التحقق من ذلك، فإن هذا سيشير إلى وجود جرم ضخم، يقع بعيداً بعض الشيء، ويؤثر على الجرمين المذكورين آنفاً. وثمة احتمال ضئيل أن يكون هذا الجسم من العمالقة الغازية، مثل المشتري أو زحل، إذ حاول أحد التلسكوبات رصد عمالقة مشابهة عند أطراف النظام الشمسي، لكنه لم يعثر على شيء. ووفقاً لكيفن لوهمان، من جامعة بنسلفانيا الأمريكية، الذي قاد الدراسة، فلا يمكن أن يكون هناك كوكب يماثل زحل في كتلته سوى في منطقة تبعد على الأقل 28 وحدة فلكية أو يماثل كتلة المشتري إلّا في منطقة تبعد على الأقل 82 وحدة فلكية، ولكن وجود كوكب بحجم المريخ أو الأرض أو حتى بحجم أرض فائقة، كما رصدت التلسكوبات في الأنظمة الكوكبية الخارجية أمر ممكن جداً، ويمكن الوثوق به من الناحية العلمية، كما أن وجود مثل هذا الشيء يتفق والنماذج التي تصف تطور النظام الشمسي. ويشير أليساندرو موربيدللي، إلى أنه في غياب الحاجة تفضل النماذج البسيطة وجود 8 كواكب فقط، ولكن المحاكاة الرقمية تظهر أنه من الممكن أن يكون هناك أيضاً 9 كواكب، واحد منها، قُذف إلى الخارج بسبب هجرة أحد العمالقة، أو جراء حدوث تصادم ما. ويضيف أن هذا يصلح أيضاً مع وجود كوكبين أو 3 أو 4 كواكب إضافية، وربما مع عدد أكبر من ذلك، ولذا كان من الطبيعي عدم تمكن أي تلسكوب حتى الآن من رصد الكوكب (إكس)، لأنه جرم بعيد جداً عن الشمس، وأقل سطوعاً 16 مرة منها. وحتى مع وجود كواكب بحجم معتبر فلن يكون ذلك بسيطاً لأن أجسام سحابة أورت غير مرئية تقريباً ولالتقاط الضوء من أجسام بعيدة كل هذا البعد نحتاج إلى تلسكوب قوي يمتلك حقل رؤية واسعاً وتوجيهاً دقيقاً جداً، وأن يحالفنا شيء من الحظ أيضاً، على حد وصف سكوت شيبارد. والحقيقة أنه من الناحية العملية، أسهم هذا الاكتشاف في تحفيز المجتمع العلمي حيث يطالب الراصدون بالحصول على وقت كافٍ للرصد باستخدام التلسكوبات، وذلك لاصطياد كويكبات أخرى شبيهة بجرمي (سيدنا) أو (2012 VP113)، والتأكيد على مسألة الشذوذ المداري، وبالتالي على وجود، أو عدم وجود الكوكب (إكس) القديم، الذي يبدو أنه لم يزل يحتل مكاناً في عقول علماء الفلك. ويرى موربيدللي أن علماء الفلك رصدوا بالفعل الكوكب (إكس)، ويسمى (فم الحوت - ب)، ويقع في ألمع نجم في كوكبة الحوت الجنوبية، وهو كبير مثل كوكب المشتري، ويدور على بعد 140 وحدة فلكية من نجمه، وبالتالي فهو جرم جليدي يتحرك في محيط نظام شمسي آخر فهل يمكن حقاً تسميته بالكوكب إكس؟ يجيب موربيدللي على ذلك بالقول: هذا الكوكب الواقع خارج المجموعة الشمسية (الخارجي) هو مثال ممتاز لإثبات أنه من الممكن لكوكب أن يوجد عند تخوم نظامه، ومثله مثل كوكبنا (إكس)، الذي افترض وجوده من دراسة قرص الحطام، إلّا أن الفرق الوحيد، هو أن (فم الحوت - ب)، شوهد فعلاً، بل إنه الكوكب الخارجي الأول الذي تم تصويره. 3 أجرام كبيرة تنتظر الاكتشاف يمكن القول إنه لم تزل لدينا 3 أجرام كبيرة تنتظر الاكتشاف حول الشمس. فمن خلال نتائج آخر حملات الرصد، استطاع فريق علمي أمريكي تقدير توزيع الأجسام التي تدور في حزام كويبر وفقاً للمعانها وكتلتها، وخلاصة هذا الأمر أنه يجب أن يكون هناك 12 كوكباً قزماً بحجم مماثل لبلوتو، 9 منها سبق اكتشافها ولكن هل يعني ذلك أن جرد النظام الشمسي قد بلغ نهايته؟ الواقع أن نظامنا الشمسي يحتوي على المئات من الكواكب ولا يقتصر فقط على مجرد 9 كواكب حسبما تعلمته أجيال كثيرة، ولكن كي يكتمل العدد اليوم، ينبغي إضافة سيريس، وإيريس، وماكاماكيه، وهوميا. ومن المحتمل وجود 200 كوكب قزم آخر تنتظر من يكتشفها. منذ بداية الألفية الثالثة، اكتشف العديد من الأجرام التي تدور حول الشمس، بعضها أكبر من بلوتو وهذا ما قاد الاتحاد الفلكي الدولي في عام 2006 لإزالة الكواكب الصغيرة مثل بلوتو من النظام الشمسي. كما أنشئت أسرة جديدة من الأجرام وهي الكواكب القزمة التي تتميز عن الكويكبات بشكلها الكروي ومن المتوقع أن تكون كثيرة العدد. وإذا كان حزام الكويكبات أو النيازك في النظام الشمسي، الواقع بين كوكبي المريخ والمشتري، لا يحوي سوى كوكب قزم وهو (سيريس)، فإن حزام كويبر، ربما يخفي لنا المفاجآت، كما يرى تيموثي سبار، مدير مركز الكواكب القزمة. ولكن هذا ليس كل شيء فبعض الباحثين يتطلعون بالفعل نحو سحابة أورت، التي يحتمل أن تحتوي نظاماً شمسياً كاملاً وأجراماً يصل حجمها إلى حجم المريخ.

مشاركة :