الإرهاب صناعة غربية

  • 6/3/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

صار الحديث في السياسة، وتناول الأخبار فيما يجري بالمنطقة أمراً مشاعاً بين الناس على اختلاف مستوياتهم وتنوع مشاربهم، حتى إن المرء صار يسمع العجب العجاب من التعليقات التي تتطاير يمنةً ويسرةً. هذا الوضع الراهن في المنطقة المنعكس على اهتمامات الأفراد حرضني على الخوض في هذا الشأن مع «الخائضين»، علماً أنني لست محللاً استراتيجياً أو سياسياً، لكنني أستأنس بمقولة قرأتها منذ زمن لأرسطو تقول إن السياسة من واجبات المواطن الصالح، لهذا سأدلو بدلوي علِّي أصيب حظاً في هذا المجال. الجميع يعلم أن الأمريكان يعبثون في المنطقة، وهذا الشيء صار واضحاً للعيان، لكن المشكلة ليست فيهم، المشكلة فينا نحن العرب، الذين وضعنا كل بيضنا في السلة الأمريكية. صار الجميع يعلم أن الإرهاب المجتاح للمنطقة هو صناعة أمريكية بامتياز، صناعة أمريكية بأدوات عربية إسلامية، غير أن الخيوط الفاعلة بالصراع تُمسك بها أصابع مَن يملكون أدواته، ويستفيدون من وجوده واستمراريته. دخل الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، المكتب البيضاوي في أول شهر يناير من عام 1993 في أقصى الغرب من العالم، وبعد سنة من دخوله بدأت تتشكل في أقصى الشرق من العالم حركة إسلامية سنية سياسية مسلحة تنادي بتطبيق الشريعة الإسلامية، أطلقت على نفسها «طالبان»، التي ما لبثت أن دخلت كابول في 27 سبتمبر 1996، إذ أعلنت قيام الإمارة الإسلامية في أفغانستان، لتنطلق دوامة صراع بين الدولة العظمى وهذه الجماعة، لكنه صراع على نار هادئة باعتبار أن الهدوء يسبق العاصفة، وكون المراد منطقة الشرق الأوسط، فقد خرجت حركة إسلامية سنية تبلورت بوضوح بعد سنوات من نشوء حركة «طالبان» وهي منظمة «القاعدة» التي اتخذت من أفغانستان مقراً لها، حيث شكلت هذا التنازع أهم حلقات حقبة الرئيس كلينتون. بعد أن تم تجهيز العمل، وصارت الثمار جاهزة للقطف، انقضت حقبة الرئيس الديمقراطي، وجاء جورج بوش الابن ليكون رئيساً جمهورياً جديداً للولايات المتحدة الأمريكية، وشهدت أول سنة في حكمه تفجير 11 سبتمبر 2001، ما دفعه لشن حرب لا هوادة فيها حيث ابتلع كلاً من أفغانستان والعراق، ولو لم يقف الوطنيون في العراق وأفغانستان الموقف الشريف النبيل لاستمر مسلسل الابتلاع، فقد انشغلت القوات المحتلة بالمقاومة الشرسة في كلا البلدين رغم فتاوى الرفض للمقاومتين، والتشويه الإعلامي الحاصل لهما. قبل انقضاء سنة من فترة الرئيس الثانية تقلَّصت «القاعدة»، وانقسمت إلى عدة فروع، كان من أبرز هذه الفروع حركة «داعش»، التي ظهرت مع الرئيس التالي لأمريكا. دخل الرئيس باراك أوباما، ليكون أول رئيس أسود يدخل البيت الأبيض، وفي عهد هذا الرئيس الديمقراطي حدثت المصائب، فقد تم تطبيق توصيات وزيرة الخارجية الأمريكية غونداليزا رايس، زمن الرئيس الجمهوري السابق، الذي معه انطلقت كذلك عمليات «داعش» الإرهابية التي روَّعت الجميع، ونشرت الدمار في المنطقة، وها هو العد التنازلي لهذا الرئيس الديمقراطي بدأ بالتسارع ليخرج من حيث دخل بعد عدة أشهر، ويلاحظ الجميع انحسار دور «داعش»، وبدء نجمها بالأفول، والعلم عند الله، لكن هذا ما يظهر، ولا ندري ماذا يخبئ لنا القدر مع الرئيس الأمريكي القادم، هل ستخرج لنا حركة جديدة تكون أشدَّ شراً من «داعش» ومثيلاتها؟ أم إن بوصلة الاهتمام ستتوجه ضد ميليشيات «الحشد الشعبي» التي صارت عبئاً على الجميع خاصة أنهم صاروا ينافسون «داعش» في القتل والتنكيل والتشريد. المشكلة كما قلتها في أول هذا الكلام، ليست في الأمريكان، وإنما فينا نحن، الذين ارتضينا بأن نكون تبعاً، لأن التابع لا يمكن إلا أن يكون مطيعاً لا يملك من قراره شيئاً.

مشاركة :