شارك كاسيوس كلاي مسيرته في أولمبياد روما عام 1960، وقد أصبح بطل العالم في 1964 بفوزه على سوني لينستون بالضربة القاضية في الجولة السابعة، وقد غير اسمه إلى محمد علي بعد اعتناقه الإسلام في 1964. وبعد أن أصبح بطل العالم بلا منازع في الوزن الثقيل، صدم الرجل الأعظم، كما كان يصف نفسه، الولايات المتحدة في 1967 برفضه أداء الخدمة العسكرية والتوجه للقتال في حرب فيتنام. وسجن كلاي وجرد من الألقاب التي حصل عليها ومنع من ممارسة الملاكمة لثلاث سنوات ونصف السنة قبل أن يصبح مجدداً بطل العالم في 1974 حسب تصنيف الجمعية العالمية والمجلس العالمي بفوزه بالضربة القاضية في الجولة الثامنة على جورج فورمان فيما أطلق عليه تسمية معركة في الأدغال في كينشاسا بزائير التي أصبحت اليوم جمهورية الكونغو الديمقراطية. وأنهى محمد علي كلاي حياته المهنية بهزيمة بالنقاط أمام تريفور بيربيك في 1981 في مركز الملكة اليزابيث الرياضي في ناساو، وفي 2005، منح وسام الحرية الرئاسي وهو أرفع وسام مدني في الولايات المتحدة. هذه بعض من سيرته الذاتية الملأى بالقصص والحكايات والصعاب والبطولات والتحدي، مما جعل محمد علي كلاي أيقونة بنظر الكثيرين ولاسيما في المنطقة العربية والدول الإسلامية. وكان يحلو لمحمد علي أن يردد عبارة أنا الأعظم، وبالفعل فإنه لم يكن الأعظم وحسب بل الملاكم الأكثر جاذبية في تاريخ رياضة الفن النبيل. فبالإضافة إلى تمتع محمد علي الرياضي بمواهب فريدة وبتقنية صافية ولكمات قوية فإن التاريخ سيذكر الإنسان الذي أعطى دفعاً كبيراً لرياضة الملاكمة بفضل حديثه وميله إلى التصريحات المثيرة للجدل ومعارضته للنظام السياسي القائم في ذلك الوقت، ليكون في الحلبة وخارجها كما قال عن نفسه أطير كالفراشة وألدغ كالنحلة. عموماً شكّل كلاي علامة فارقة في تاريخ الرياضة العالمية عموماً والولايات المتحدة بشكل خاص وقد تطلب وقت طويل كي تعترف أمريكا البيضاء بعلو كعب ابن لوشفيل، كنتاكي، الذي رفض الانخراط في حرب فيتنام وأمطر المجتمع الأمريكي بعبارات ما يزال يتردد صداها حتى اليوم. كان والد محمد علي يعمل في كتابة اللوحات الإرشادية بينما كانت تعمل والدته أوديسا خادمة في البيوت ولديه شقيق واحد هو رودولف وبفضل عمل والديه وصغر العائلة نشأ محمد علي في ظروف مالية جيدة وورث الملاكم ورياضي القرن ال20 حدة لسانه من والده كيسوس سينيور. أخذ الوالد اسمه واسم ابنه من اسم مزارع وجندي أبيض اسمه كيسوس كلاي عاش في القرن ال19 حيث عمل جد الملاكم واكتسب الشهرة بعدما حرر عبيده. والدة كلاي تتحدر من أصل مختلط لأن جدها الأيرلندي من كاونتي كلير تزوج بامرأة سوداء البشرة وبعد إعلان محمد علي إسلامه منتصف الستينات كان يرى البيض شر مطبق إلا أنه تراجع عن حدة تصريحاته وزار موطن جده في أيرلندا التي استقبلته بالأحضان. سبب انخراط محمد علي في رياضة الفن النبيل تعود إلى حادثة سرقة دراجته الجديدة إذ لكم الصغير السارق وسلمه بيده إلى الشرطة وكان الشرطي المسؤول حينها جوي مارتن يدير نادي ملاكمة في لوشفيل وبعدما رأى ما فعله الصغير أقنعه باللحاق بالنادي بسن ال12 وبقي مارتن مدربه حتى سن ال18. حصد كلاي الميدالية الذهبية للهواة عام 1960 في أولمبياد روما لكنه بعد عودته إلى أمريكا بقليل رمى بالميدالية في نهر أوهايو بعدما رفض مطعم دخوله بسبب لون بشرته، في نفس العام تحول كلاي إلى ملاكم محترف وساعده على ذلك مليونير محلي لكنه بعد فترة من عمله في مقاطعة المليونير تعرض للإهانة ووصف بالزنجي من قبل العائلة لذا قبل بعرض آخر من أحد مرشحي الولاية البيض. واحتاج كلاي أيضاً إلى مدرب جديد وتولى أنجيلو دندي، ابن مهاجر إيطالي، المهمة بعدما رفض شوغر روبنسون تدريبه، دندي لم يحاول تغيير أسلوب محمد علي في الملاكمة بل شجعه على إظهار صلابة شخصيته في النزالات وكان أول ملاكم يتنبأ بالنتيجة قبل النزال. تعرف محمد علي على مالكوم أكس قائد الحركة المدنية لإنهاء العنصرية وأعلن إسلامه وغير اسمه لكن وسائل الإعلام لم تغير اسمه إلا بعد سنوات. تأثر محمد علي بمعاناة السود في زمن التمييز العنصري خصوصاً بعدما رفض مقهى مخصص للبيض في لوشفيل تقديم الماء لوالدته، تزوج محمد علي بعد إسلامه بنادلة تدعى سونجي روي لكنهما تطلقا بعد وقت قصير بعد رفضها الانصياع لتعاليم دينه الجديد . كلف رفضه الانخراط في حرب فيتنام الحرمان من الملاكمة الرسمية في البلاد لذا غاب عن الحلبة بين سن ال25 وال29 ولم ير العالم أفضل ما عند محمد علي وفاز رياضي القرن ب56 نزالاً من أصل 61 بضمنها 37 نزالاً بالضربة القاضية ولم يتفوق عليه سوى كين نورتون الذي كسر فكه عام 1973 وجو فريزر وانتقم علي من كليهما مرتين في جولات لاحقة. كلاي الملاكم الحكيم أدلى الملاكم الراحل بالكثير من التصريحات في حياته وفيما يلي أشهر ما قاله: * هذه الحياة ليست حقيقية، لقد غزوت العالم ولم أحصل على السكينة وقد منحني الله هذا المرض كي يذكرني بأنني لست الرقم 1. * حلق مثل الفراشة والسع مثل النحلة ويداك لن تستطيعا ضرب ما لا تراه عيناك وذلك قبل نزاله فورمان في 1974. * إذا اقتنع عقلي وآمن قلبي يمكنني تحقيق ما أريد. * لست أكبر ملاكم بل أكبر مرتين ليس لأنني أهزم خصومي بل لأنني أختار الجولة التي أهزمهم فيها. * الملاكمة مهنة، العشب ينمو والطيور تحلق والأمواج تضرب الشاطئ وأنا أضرب الخصوم. * الملاكمة عبارة عن كثير من البيض يشاهدون عراك رجلين سود. * كيسوس كلاي اسم عبودية ولم أختره ولم أرده، أنا محمد علي، رجل حر، وأطالب الجميع باستخدامه عندما يتحدثون إلي أو عني. * كرهت كل دقيقة تمرينات لكنني قلت لنفسي لا تتهاون، المعاناة الآن وبقية الحياة بطل. * الذي يتذوق الهزيمة هو الذي يستطيع الوصول إلى أعماق ذاته ويستخرج منها قوة إضافية . * المستحيل مجرد كلمة كبيرة أطلقها رجال صغار كي يعيشوا في الحياة دون أن يكتشفوا قوة التغيير، المستحيل مجرد رأي وليس إعلاناً وهو مؤقت ولا شيء. * في المنزل أنا شخص وديع لكنني لا أريد العالم أن يعرف هذا لأن المتواضعين لا يحققون كل ما يريدون في الحياة. * إذا فكرت ولو بالحلم أن تهزمني، عليك أن تستيقظ وتقدم لي الاعتذار. * طريقتي في المزاح أن أقول الحقيقة، فالحقيقة أكثر النكات مدعاة للضحك في العالم.
مشاركة :