كل عام استشرف أن يكون استقبال رمضان بما يليق به، بحكم ارتباطه بالعقيدة وكونه ركناً من أركان الإسلام! إلا أنني أتفاجأ سنوياً بالمبالغة باستقباله بشكليات واستعداد للموائد والمأكولات والمشروبات. وتنشط شركات التغذية ومحلات التجزئة بتوزيع النشرات الدعائية المتسمة بالمنافسة الشرسة المرتبطة بالتخفيضات الهائلة والتنزيلات الاستثنائية لدرجة أن تعجب: كيف ما يخسرون؟! ولكنك تُمنى بالخيبة إذا علمت أنّ هذا الموسم العظيم يشكّل فرصة للتجار والمستوردين للتخلص من بضائعهم المتراكمة التي قد تتعرض للتلف لو تأخر بيعها ! لذا يخفضون أسعارها لتصريفها، والضحية هو المستهلك المستغفل على شرف شهر رمضان الكريم! والحق أنّ الإسراف في الطعام ينافي تماماً فكرة الصوم التي جعلها الله تطهيراًَ للجسد من تراكم أطعمة ودهون على مدى عام كامل، وتنقية للنفس وتساميها عن شهوات الدنيا والترفع عن سفاسفها، وللأسف أن كثيراً من الناس لا يدرك أو يتجاهل، أنّ كثرة الطعام وتناول الحلويات هي السبب الأول لمرض السمنة التي تؤدي إلى تصلب الشرايين وأمراض القلب وتشحم الكبد وتكوّن حصوات المرارة ومرض السكر ودوالي القدمين والجلطة القلبية والروماتزم المفصلي الغضروفي بالركبتين وارتفاع ضغط الدم والأمراض النفسية المترتبة على السمنة. وخلال هذا المقال، لن أدعو للزهد بترك الأكل والشرب والتبتل كما يُتوقع ممن يكتب مستنكراً تلك المظاهر؛ مستهجناً أسلوبها؛ ولكنني أناشد فكر المرء المسلم الذي يقرأ حديث حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم «ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفَسه). وهذا التقسيم العجيب يتفق مع ما توصل له الطب الوقائي الحديث وعلم الصحة بترتيب كميات الوجبات وطريقة تناولها، كما يتماهى مع قول الإمام ابن القيم: «مراتب الغذاء ثلاثة: أحدها مرتبة الحاجة، والثانية مرتبة الكفاية، والثالثة مرتبة الفضيلة)، ولكن الكثير يحصرها بالمرتبة الأولى ولا يكاد يعترف بالثالثة إطلاقاً! وهذه الكلمات ليست وصاية ولا نصائح، ولكنها خواطر أردت بها المشاركة باستقبال الشهر الكريم، جعلكم الله من صوّامه وقوّامه وتقبله منكم كاملاً غير منقوص. مقالات أخرى للكاتب التهاون باستخدام السلاح! العمة.. هيئة الغذاء والدواء! يوم القراء الرابع والثمانون الطبيب صويب الغيرة! ميركل تتسوق.. ممكن سيلفي؟!
مشاركة :