كتب الدكتور خالد النمر استشاري أمراض القلب تغريدة يعاتب بها رجلاً، جاء بوالدته لطوارئ المستشفى وهي في حالة حرجة، ورفض أن يعالجها طبيب. وحين توقف قلبها سمح للمسعفين بنقلها! وبدوري ألوم الطبيب على وقوفه متفرجًا أمام تعنت الابن العاق، وعدم اتخاذ موقف حازم ورفض تدخله في إنقاذ حياة إنسان! ولعل الكثير سمع وقرأ عن إطلاق النار من قِبل زوج على طبيب نساء وولادة؛ قام بمساعدة زوجته على الولادة بسلام في أحد مستشفيات الرياض، بدلاً من شكره والامتنان له، أو حمد الله على سلامتها وشكره على أن رزقه بمولود جميل! والحق، إنني لم أستغرب التصرف حينما علمت أن دوافعه الغيرة والجهل، ولن أعذره أو أوجد له مبررًا كما فعل أحد المتطرفين الذين سوغوا فعله وشرعنوا جريمته، ولكنني أحمّل المجتمع مسؤولية تفشي هذا الفكر الظلامي الذي يحرّم علاج الطبيب للمرأة في حال عدم وجود طبيبة نساء وولادة، وفي الوقت ذاته يجيز تحرش الرقاة بالنساء في الاستراحات، ويتسامح معهم، ويجد لهم عذرًا! وكثيرًا ما نشرت الصحف تلك الحوادث المؤسفة، ولكن لم تحدث حالة إطلاق نار واحدة، ولم تستعر الغيرة في قلب رجل قط! والأعجب تناقض المجتمع حول النظرة القاصرة لعمل المرأة طبيبة، ورفض أسرتها دراستها الطب بفروعه المختلفة مهما كانت الدوافع، خوفًا من السوط الاجتماعي، ولكنهم في الوقت ذاته يرفضون أن يعالِج نساءهم أطباء في حال عدم وجود طبيبة نساء وولادة، وقد يعرضونهن للمزيد من الألم، وربما يكون مآلهن الموت! وطالما كانت النظرة للمرأة تنحصر في الجسد، فلا روح لها، ولا مشاعر، ولا حق في الشفاء أو الحياة.. وما فعله الزوج الجاهل يعد في حدود الثقافة السائدة؛ فهو بتفكيره القاصر يزعم أنه بدرجة مجاهد في صيانة الأعراض؛ لأن تلك الثقافة تبالغ وتتزمت في حفظ العرض دون تفسير لمفهومه وحدوده، وتتساهل جدًّا في الحفاظ على النفس وهدر الدم والقتل والتصفيات. وهي ثقافة - للأسف - تسري في المجتمع، وكان من إفرازاتها ما حصل قبل أعوام عدة بحادثة إطلاق زوج النار على مدير التعليم في إحدى مناطق المملكة بسبب مكالمة في طبيعة العمل جرت بينه وبين زوجة الجاني التي تعمل موظفة في قطاع التعليم! والشاب الذي قتل خاله غير عابئ برابطة القرابة والرحم، وآخرون غدروا بابن عمهم دون اعتبار للنسب والقربى. وإن لم يتطهر المجتمع من عاهاته، وتعود له معاني الإنسانية والرحمة، فإننا قد نفقد أشخاصًا طبيعة عملهم ذات مساس بالمجتمع من معلمين ومهندسين وأطباء وصحفيين وسباكين وجيران وإخوة وأقارب!
مشاركة :