اليد الخفية.. تصحح الأسعار

  • 6/7/2016
  • 00:00
  • 26
  • 0
  • 0
news-picture

إن سياسات النفط منذ السبعينات وحتى بداية 2011، لا تتوافق مع معطيات ومتغيرات أسواق النفط ولا الظروف الاقتصادية الجديده، مما لا يدع مجالا لشك بان دينامكية اليد الخفيه آدم سميث سوف تنتصر لإعادة السوق الى توازنها، بناء على مرونة القوى الخفية التي تقدم افضل الاسعار التنافسية. هكذا أنهت الاوبك اجتماعها الاسبوع الماضي بدون أي محاولة لتجميد الانتاج بل سادت أجواء من الرضا والتفاؤل مع ارتفاع الاسعار واستقرارها في نطاق 49 دولارا. وهذا يعود الى امرين هامين: تحسن اسعار النفط مدعومة بتحسن اساسيات السوق والتزام وزراء النفط الكبار بعدم التصريح بأي معلومات صادمة تؤثر على الاسعار سلبيا او ايجابيا.   لكن لم يدرك بعض أعضاء الاوبك بأن عوامل السوق قادرة على اعادة التوازن الى اسواق النفط، إلا بعد التراجع الحاد  للأسعار الى 26.19 دولارا لغرب تكساس و28.88 دولارا لبرنت في 11 فبراير الماضي، لتعاود الاسعار ارتفاعها تدريجيا اتجاه سعر 49 دولارا حاليا بعد مضي 90 يوما. اذ اليد الخفية تمتص الفائض في المعروض ان وجد وتدعم الطلب عند تراجعه بتوازن مع مستوى الاسعار السائدة، مما يوفر على الاوبك الكثير من الجهد في مواجهة تحديات عدم الالتزام بالحصص او سقف الانتاج الذي دائما يأتي على حساب السعودية صاحبة أكبر طاقة انتاجية نفطية في العالم. فلم تعد سياسة سقف الانتاج مربحة بل انها مكلفة ومحفوفة بمعدل من المخاطرة على المديين المتوسط والطويل، بل انها تحفز الغير على الاستثمار والإنتاج من الحقول المكلفة التي تتراجع مع استخدام التقنية المتقدمة. وبهذا يرتبط الاستثمار في تطوير حقول النفط بالتكلفة والأسعار الفعلية معا وكذلك الحقول الجديدة والتنبؤات بالمستقبل. لذا نجد اجمالي  تكاليف تطوير الحقول عادة  أقل شفافية من الأسعار والإنتاج، وبسهولة يمكن ملاحظة ذلك  في الأسواق أو من خلال تحليل الإنتاج. وعليه فلا نعول كثيرا على ما يحدث هذه الأيام، باتجاه أسواق النفط الى التوازن بعد تراجع إمدادات النفط من نيجيريا، ليبيا، كندا، ومتوسط إلانتاج الأميركي الى 8.73 ملايين برميل يوميا، باجمالي 3.5 ملايين برميل يوميا، وهو أكبر انخفاض منذ 2003. لان هذا التصحيح موقت وسوف تعمل عوامل السوق على تصحيح الاسعار مرة ثانية، مما قد يضغط على الاسعار لتعود الى مستوى 40 دولارا. وهذا كان له اثر على زيادة عدد منصات الحفر بــ90 منصة في يونيو مقارنة بمايو، كما اوضحت ادارة معلومات الطاقة الاميركية. كما صرح وزير النفط الروسي، بان روسيا ستزيد انتاجها الى 11.3 مليون برميل يوميا خلال عامي 2016 و 2017، عند أعلى مستوى منذ 1987م. وهذا سوف يواكبه زيادة في انتاج الاوبك الى مستوى قد يتجاوز 33 مليون برميل يوميا. وهنا سوف يحدث تصحيح اخر نحو اسعار اقل. كما ان موسم الصيف لم يعد يدعم الطلب على النفط كما عهدنا في العقد الماضي. رغم ذلك توقعت وكالة الطاقة الدولية بنمو الطلب بــ1.2 و 1.3 مليون برميل يوميا في 2016 و2017م على التوالي في ظل تحسن الطلب العالمى، بزيادة الطلب الصيني بــ400 الف برميل يوميا والهند بــ300 الف برميل يوميا. وإذا ما كان مستوى العرض مستقرا فاننا سوف نشهد تصحيحا للأسعار الى الاعلى. لكن على الاوبك ان تدرك أيضا بان تخصيص بعض اعضاء الاوبك لشركاتها النفطية سوف يحول قرار الانتاج من الحكومات الى ادارات تلك الشركات التي تعمل من اجل تعظيم ربحيتها وتعزيز منافستها في اسواق النفط العالمية. وبهذا يكون الحل الافضل ان ندع اليد الخفية توازن بين كفتي العرض والطلب وتحقق افضل الاسعار للمنتجين والمستهلكين على السواء. وعلى المدى الطويل، لن يستمر إلا المنتج الاقل تكلفة وأعلى كفاءة انتاجية ويمتلك انتاجا واحتياطيا مهيمنين.

مشاركة :