النصر يدفع ثمن رحيل كارينيو

  • 6/7/2016
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

في الموسمين الماضيين، وصل النصر إلى قمة المجد وخطف الأضواء والإعجاب وقلوب الملايين الذين ابتهجوا بعودة النادي العريق إلى منصات البطولات، لكنه هوى بشكل لافت هذا الموسم، وخرج خالي الوفاض معززا مقولة: (الوصول إلى القمة أمر صعب، لكن المحافظة عليها أمر أصعب). ويملك النصر ذات العناصر التي قادته إلى بطولتي الدوري المحلي، لكنه فشل في الحفاظ على الاستقرار الفني منذ رحيل الأوروغوياني دانيال كارينيو الذي يدين له عشاق الفريق العاصمي بالفضل في إعادته لمنصات التتويج التي ابتعد عنها لسنوات كثيرة. حكاية النصر الجديد كانت أشبه بالحلم، فبعد سنوات من الفراغ الإداري والتناحر الشرفي الذي عاشه الفريق الأصفر منذ وفاة رئيسه الأسبق الأمير عبد الرحمن بن سعود، برز اسم الأمير فيصل بن تركي على الساحة الصفراء ومعها بدأ الالتفاف والوفاق جماهيريا وإعلاميا والأهم من ذلك شرفيا. تدرج الأمير فيصل في عمله مع الفريق وكانت الانطلاقة من قرار إقامة حفل اعتزال للاعب الأسطورة ماجد عبد الله بعد سنوات طويلة من توقفه عن الركض في الملاعب، وكان هذا الحفل بداية وفاق ومحبة بين الأمير فيصل بن تركي والنصراويين. «كحيلان» هو اللقب الذي أطلقته الجماهير النصراوية على الأمير فيصل بن تركي بعدما استبشرت به كثيرا لصناعة فريق بطل لا يقهر، فتدرج ابن تركي في عمله مع النصر شرفيا داعما ثم نائبا للرئيس حيث اعتلى دفة الرئاسة وبدأ في جلب النجوم ومنهم المهاجم الهداف محمد السهلاوي، إذ كان من أضخم الصفقات في سوق الانتقالات الخاصة باللاعبين السعوديين. وفي البدايات شاب علاقة الرئيس فيصل بن تركي مع الجماهير والوسط الرياضي نوع من الارتباك وباتت الجماهير تنقسم حوله لوجود تخبطات في عمله الإداري، إضافة إلى التصريحات المثيرة للجدل دائما. وصلت علاقة الرئيس فيصل بن تركي لطريق شبه مسدود بعدما رفعت الجماهير النصراوية البطاقات الحمراء في إحدى مباريات الفريق في إشارة رمزية تطالب من خلالها الرئيس بمغادرة أسوار النادي والرحيل في ظل استمرار ابتعاد الفريق عن منصات التتويج. وفي منتصف موسم 2012\2013 أنهى النصر ارتباطه مع الكولومبي ماتورانا بعد خسارة الفريق الساحقة من غريمه التقليدي الهلال وأعلنت معها الإدارة النصراوية التعاقد مع الأوروغوياني كارينيو الذي كان علامة فارقة في عهد رئاسة الأمير فيصل بن تركي والتي شهدت عودة النصر لمنصات التتويج. وفي موسمه الأول تمكن كارينيو من قيادة الفريق لنهائي كأس ولي العهد لكنه خسره من أمام الغريم التقليدي الهلال بضربات الترجيح قبل أن يعود في الموسم الذي يليه للإطاحة بذات الفريق في نهائي البطولة وتحقيق اللقب بعد سنوات من الغياب والابتعاد عن منصات التتويج. لم يكتفِ النصر تحت قيادة مدربه كارينيو بمعانقة لقب كأس ولي العهد، حيث نجح في ضم لقب الدوري وهي البطولة التي بحث عنها النصراويون كثيرا ومعها حقق أرقاما قياسية قد لا تتكرر حيث نجح الفريق الأصفر في تحقيق عشرين انتصارا برصيد نقطي بلغ 65 نقطة ومعها سجل النصر ستين هدفا كأفضل خط هجوم إلى جوار نظيره الهلال، واستقبلت شباكه واحدا وعشرين هدفا كأفضل خط دفاع. مع نهاية الموسم الثاني لكارينيو، تفاجأت الجماهير النصراوية بعدم التجديد للمدرب الذي بات محط أنظار الأندية والفرق الخليجية، إضافة إلى الروح الكبيرة التي منحها للاعبي فريقه والتي ساهمت بعودة النصر لنتيجة المباراة لأكثر من مرة والحفاظ على صدارة الدوري. في الموسم الأول بعد رحيل كارينيو تعاقدت إدارة النصر مع الإسباني كانيدا وهي الخطوة التي لاقت اعتراضا كبيرا من قبل أنصار البيت الأصفر التي صادقت عليها الإدارة برئاسة الأمير فيصل بن تركي بعدما قررت إقالة كانيدا بعد تسع جولات من الدوري رغم تصدره للائحة ترتيب الدوري وأعلنت التعاقد مع الأوروغوياني خورخي داسيلفا الذي نجح في الحفاظ على لقب الدوري وسط مطاردة كبيرة من نظيره الأهلي. أرقام النصر في الموسم الثاني عندما حقق لقب الدوري، بدأت شبيهة بعهده مع كارينيو، حيث حقق الفريق عشرين انتصارا وسجل 62 هدفا وجمع في رصيده 64 نقطة، في الوقت الذي استقبلت شباكه عشرين هدفا. ورغم معانقة النصر للقب الدوري، فإن تواضع أداء الفريق تحت قيادة داسيلفا وخسارته لنهائي كأس الملك من أمام الغريم التقليدي الهلال ساهمت في حدوث فجوة بين أنصار الفريق والمدرب، ولكن الإدارة فضلت الإبقاء عليه بحثا عن الاستقرار الفني بعد الدرس الذي اكتسبته بعد رحيل مواطنه كارينيو. انطلق الموسم الجديد بخسارة أخرى من أمام الغريم التقليدي الهلال في كأس السوبر السعودي الذي أقيم في لندن، وبدأت علاقة الجماهير برئيس النادي تتوتر بعد تأخر انطلاق فترة الإعداد وتأجيل إغلاق ملف اللاعبين الأجانب بصورة مبكرة، حيث أبعدت الأوروغوياني فابيان إيستانوف قبل أن تعيده بعدما تعثرت صفقة ضم مواطنه مورا لاعب فريق ريفر بليت الأرجنتيني. وبعد الخسارة في كأس السوبر والتعثر في المواجهة الأولى دوريا، قررت إدارة النادي إبعاد الأوروغوياني فابيان والتعاقد مع الثنائي يونس مختار وماركوس جابريال، وبعدها بثلاث جولات قررت إلغاء عقد المدرب الأوروغوياني داسليفا ومعها بدأت مسيرة الضياع الأصفر في هذا الموسم. اتجهت إدارة النصر بقيادة الأمير فيصل بن تركي للتعاقد مع المدرب الإيطالي فابيو كانافارو الذي لا يملك مسيرة كبيرة في التدريب، إثر عمله مستشارا فني في الأهلي الإماراتي ومساعد مدرب في نادي غوانزو الصيني ثم مدربا لفترة قليلة قبل أن تتم إقالته ولكنه كان خيارا مفضلا لإدارة الأمير فيصل بن تركي. سجل كانافارو نتائج متواضعة ومعها قررت إدارة النادي إقالته بعد مرور 11 مباراة لتعلن التعاقد مع الإسباني كانيدا، الذي أنهى النصر معه وهو يحتل المركز الثامن في لائحة ترتيب الدوري برصيد نقطي متواضع بلغ 32 نقطة وهو نصف الرقم الذي حققه في الموسم الماضي، إضافة إلى سبعة انتصارات فقط. قبل نهائي كأس الملك الأخير الذي خسره النصر من أمام نظيره الأهلي، خرج الأمير فيصل بن تركي وأعلن استقالته بصورة رسمية ملمحا إلى أنها جاءت بطلب شخصيات داعمة في الفريق وأنها تملك إدارة بديلة في حال رحيله. أعلن الشرفي فهد المطوع الذي ترأس نادي الرائد لسنوات عدة ترشحه لرئاسة نادي النصر بدعم من الأمير خالد بن فهد الذي يعرف بالعضو الداعم في البيت الأصفر ولكنه طالب بسداد الديون الكبيرة التي تركتها إدارة الأمير فيصل بن تركي والتي باتت تلامس حاجز المائتين مليون ريال. وبعد بيانات إعلامية متبادلة بين إدارة الأمير فيصل بن تركي والمرشح فهد المطوع أعلن الأخير سحب ترشحه ومعه انسحاب العضو الداعم من قائمة أعضاء شرف النصر ليصبح الفريق أمام نفق مظلم هل ينجح في تجاوزه أم يعود من جديد للمربع الأول حيث الابتعاد عن دائرة المنافسة وعدم القدرة المالية الكبيرة للتعاقدات وإنهاء التزامات الفريق. ودع الأمير فيصل بن تركي ناديه بصورة غير إيجابية على الصعيد الشخصي بعدما هبط الفريق من كونه بطلا إلى فريق يخسر المنافسة على الدوري مبكرا وذات الحال لبطولة كأس ولي العهد، وودع بطولة دوري أبطال آسيا من دور المجموعات وخسر نهائي كأس الملك، وفشل في انتزاع بطاقة مؤهلة للبطولة القارية في الموسم المقبل. غادر الرئيس كرسي الرئاسة الوثير بعدما نجح في إعادته لمنصات التتويج، ولكنه ارتكب الكثير من الأخطاء الإدارية التي هدمت كل ما فعله خلال الفترة الماضية، إضافة إلى الفشل المستمر في صفقات اللاعبين الأجانب التي حملت النادي ديونا كبيرة دون أن يجني منها أي فائدة فنية. اليوم يعيش النصر وسط صراعات شرفية بدأت تعود للسطح من جديد، وباتت رئاسة النادي غير مرغوبة بصورة كبيرة نظير الديون الكبيرة التي تركتها إدارة الأمير فيصل بن تركي والتي من شأنها أن تكبل عمل أي إدارة طموحة قادمة كما هو الحال لنادي الاتحاد الذي بات أسيرا للديون المتراكمة. النصر الذي عاش بطلا في الموسمين الماضيين، يقف اليوم أمام تراجع مخيف بات يهدد مستقبل الفريق في الموسم المقبل، ورغم ذلك فإن الصراعات الشرفية عادت للواجهة من جديد والخلافات الإعلامية زادت من الفجوة من النصراويين أنفسهم، فهل ينتفض شرفيو النصر ويعيدونه لمسار البطولات ومنصات التتويج أم يعود للمربع الأول ويدخل النفق المظلم من جديد؟!

مشاركة :