عفوًا.. ممنوع الدخول!

  • 6/9/2016
  • 00:00
  • 31
  • 0
  • 0
news-picture

(1) قال محدثي: بعد كثير من الجهد والوقت وصلت إلى هدفي أو هكذا تصور لي، فقد مررت بمكاتب وأفراد كثيرين أسألهم عن الجهة المعنية بموضوع معاملتي. المهم إني الآن وكما أعتقد أمام المكتب المختص الذي أبتغيه. قبل دخولي على المسؤول قمت بترتيب أوراقي وعمل البروفات اللازمة لكيفية تقديم الموضوع وشرحه في أقل وقت ممكن وبأسلوب واضح وسهل حفاظاً على وقت المسئول والمراجعين الآخرين. تابع محدثي قائلاً: كنت على وشك طرق باب المكتب عندما نبهني أحدهم إلى الإشارة المعلقة والتي تقول: عفواً ممنوع الدخول. لم أستطع أن أخفي استغرابي ودهشتي فمثل هذه الإشارات توضع عادة على غرف العمليات في المستشفيات أو المعامل الكيميائية أو ما شابه ذلك، ولكن أن تكون موجودة على باب مكتب مسئول وظيفته الأساسية تقديم الخدمة فهذا أمر فعلاً يدعو للاستغراب. بعد لحظات صمت واصل صاحبي حديثه: أنا على يقين تام بأنه لو كان ذلك المسؤول يعرف أن سبب وجوده على وظيفته تلك هو خدمة الآخرين لما تجرأ ووضع مثل تلك الإشارة على مكتبه، بل لو كان يعرف بأن الغرض من إنشاء المؤسسة التي يعمل بها هو تقديم الخدمة لما ترفع وفصل نفسه عن أداء واجبه وهو خدمة الناس. وختم صاحبنا حديثه قائلاً: أعتقد أن السبب من وراء تصرف هذا المسئول بهذا الأسلوب راجع إلى جهله ربما برسالة مؤسسته أو تجاهله لتلك الرسالة وفي كلتا الحالتين هو في حاجة إلى تهيئة وتوجيه ومتابعة فالمنصب الإداري وخاصة في المؤسسات الخدمية هو تكليف وليس وجاهة لارتباطه مباشرة بمصالح الآخرين وخدمتهم. (2) في سياق المفهوم العام للإدارة والمنصب الإداري يقول د. عبدالعزيز المعايطة: الأصل اللاتيني لكلمة الإدارة هو (Serve) وهي تعني الخدمة، بمعنى أن من يعمل في الإدارة يخدم الآخرين أو أنه بواسطة الإدارة يخدم الآخرين انتهى. السؤال الذي يمكن أن يفرض نفسه هنا هو: هل يتم الأخذ بهذا المفهوم عند تأهيل وإعداد مسئولين وخاصة أولئك الذين تفرض مهامهم ومسؤولياتهم الارتباط بالناس والتقرب إليهم ومساعدتهم في إنجاز مصالحم والاستماع إليهم؟ ربما نتفق سيدي القارئ بأنه لاتزال هناك فئة ربما لا تعي أو تجهل حقيقة ذلك المفهوم فتراها تتعامل مع الناس على أساس السيد والمسود، أي أنه هو السيد الذي يتفضل بمعروف على المسود وهو طالب الخدمة. أنا لا أتحدث عن قطاع معين أو بيئة عمل محددة ولكني أنقل مواقف عامة. وهناك فئة أخرى من المسئولين الذين ربما يعرفون حقيقة ذلك المفهوم حق المعرفة ويفهمونه بوضوح ولكنهم لا يعترفون به ولا يقرونه وبالتالي ينأون بأنفسهم عن تطبيقه. فالمنصب الإداري بالنسبة إليهم هو تلك الهالة التي اكتسبوها بعد سنوات من العمل والتي لا يجوز خدشها أو الخروج منها متناسياً أن السبب الوحيد من وراء تعيينه على ذلك المنصب هو العمل على تنفيذ رسالة المؤسسة والمتمثلة في تقديم الخدمة ورعاية مصالح الناس. (ستيفن كوفي) يقيس درجة ولاء الموظف لمؤسسته بمدى تحقيقه لأهدافها ورسالتها فيقول: الولاء التنظيمي هو درجة ارتباط الموظف بمنظمته ومستوى إيمانه بأهدافها وقيمها والتزامه بتحقيق رسالتها على أفضل وجه ممكن. (3) من المبادئ الأساسية في علم الإدارة والذي يؤمن به الكثير من الممارسين هو أن رأس المؤسسة هو الشخص أو السلطة التي ترسم الثقافة التنظيمية والتي تنعكس بصورة مباشرة أو غير مباشرة على سلوكيات العمل لدى العاملين في تلك المؤسسة. والمثل الصيني القديم يقول بأن الناس تتبع خطوات من في المواقع الأعلى. وعلى ضوء هذه المعطيات هل يمكننا أن نعزو سلوكيات ذلك المسئول الذي أشرنا إليه في بداية مقالتنا هذه إلى الثقافة التنظيمية السائدة في مؤسسته؟ أم أن السبب الرئيسي في تصرفه ووضعه لتلك الإشارة على باب مكتبه نابع من جهله لمهامه ومسؤولياته أم تجاهله لها؟ أم أنه نقص في الإعداد والتهيئة للمنصب؟ أو أن السبب من وراء ذلك كله يرجع إلى التردد في تطبيق معايير التوظيف السليم وذلك بوضع الشخص المناسب في المكان المناسب. ما رأي سيدي القارئ؟

مشاركة :