جنيف - (أ ف ب): أفاد تقرير نشرته الأمم المتحدة أمس الأربعاء بأن حكومة اريتريا ترتكب جرائم ضد الانسانية منذ استقلالها قبل نحو ربع قرن، حيث إنَّها «استعبدت» نحو 400 ألف شخص ويجب محاكمتها دوليا. وقالت لجنة الأمم المتحدة للتحقيق في انتهاكات حقوق الانسان ان حكومة الرئيس اساياس افورقي، التي تتولى السلطة منذ 1991، متهمة بالعبودية المنهجية والتجنيد الاجباري وغير ذلك من الانتهاكات. وقال رئيس اللجنة مايك سميث: «نعتقد ان هناك نحو ثلاثمائة إلى أربعمائة ألف شخص في وضع العبودية». وطبقا للأمم المتحدة فإنّ نحو خمسة آلاف اريتري يخاطرون بحياتهم كل شهر للفرار من بلادهم التي تجبرهم على التجنيد والخدمة في الجيش عقودا. وقال سميث: «عدد قليل جدا من الاريتريين يسمح لهم بالخروج من الخدمة العسكرية». وخلال السنوات الأخيرة شكل اللاجئون من هذه الدولة القمعية، الواقعة على البحر الاحمر، احد اكبر المجموعات التي تخاطر بعبور المياه الخطرة سعيا إلى حياة جديدة في أوروبا. ورفض مستشار الرئاسة الاريترية يمان غيبريب فورا اتهامات اللجنة ووصفها بأنها «لا يمكن تصديقها ومضحكة». وصرح للصحفيين في جنيف بأن «قضية لجنة التحقيق ضد اريتريا غير قانونية»، متهما محققي الامم المتحدة بـ«الانحياز واستخدام أساليب زائفة». منذ إنشائها في يونيو 2014 قابلت لجنة التحقيق الدولية أكثر من 800 اريتري يعيشون في المنفى. وعقب تقريرها في يونيو تلقت اللجنة 45 ألف رسالة مكتوبة معظمها تدعم حكومة اريتريا. ورجح سميث ان تكون تلك الرسائل نتيجة حملة نظمتها أسمرة. وخلصت لجنة التحقيق إلى ان «جرائم ضد الانسانية ارتكبت على نطاق واسع وبطريقة ممنهجة في مراكز الاعتقال الاريترية ومعسكرات التدريب العسكرية وغيرها من المواقع في انحاء البلاد على مدى السنوات الـ25 الماضية». وأضافت ان «أفرادا بينهم مسؤولون على اعلى المستويات في الدولة، والحزب الحاكم -حزب الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة- والقادة العسكريون يتحملون مسؤولية ارتكاب جرائم ضد الانسانية». ونشرت الامم المتحدة شهادات من عديد من الاشخاص الذين قالوا انهم ضحايا، ولم تكشف عن اسمائهم خشية تعرضهم للانتقام. وقال شخص فر من السجن في 2015 للجنة التحقيق انه تعرض للضرب المتكرر اثناء اعتقاله، ما سبب له مشاكل جسدية. وقال ان سبب تعرضه للتعذيب انه طلب في مارس 2014 إنهاء خدمته في الجيش لأنّ «الرؤساء الكبار» هم فقط من يستفيدون من عمله. وأدى ذلك إلى اعتقاله. وأضاف: «تم وضع القيود في ساقي واعتقالي في زنزانة انفرادية مدة ثمانية اشهر، وتعرضت للضرب والتعذيب المتكررين». وإريتريا بلد صغير مغلق في القرن الإفريقي، ويقود البلاد نظام أفورقي منذ 1991 بقبضة من حديد. وحصلت اريتريا على استقلالها في 1991 بعد حرب دامت ثلاثين عاما مع اثيوبيا، حيث قاتل المتمردون الاريتريون الجيش الاثيوبي الافضل تجهيزا بدعم من واشنطن أولا ومن الاتحاد السوفيتي بعد ذلك. وقال سميث ان افورقي حكم البلاد التي يزيد عدد سكانها على ستة ملايين من دون مؤسسات ديمقراطية عاملة. وقال ان ذلك «خلق فراغا في الحوكمة وحكم القانون، ما أدى إلى جو من الافلات من الجرائم ضد الانسانية». وأكّدد التقرير ان «الاريتريين يؤدون خدمة عسكرية غير محددة، ويتعرضون للاعتقالات التعسفية والتمييز على اساس الديانة والإثنية وأعمال عنف جنسية وجرائم قتل». ونتيجة ذلك، أوصت اللجنة مجلس الأمن الدولي بإحالة ملف الوضع في اريتريا إلى مدعي محكمة العدل الدولية لدراسته. كما طلبت من «الدول الأعضاء في الامم المتحدة تنفيذ واجباتها بملاحقة وتسليم اي فرد يشتبه في ارتكابه جريمة دولية وموجود على اراضيها». وقال سميث انه لا يمكن ان يحاكم النظام القضائي في اريتريا مرتكبي الجرائم في محاكم شرعية، داعيا إلى محاكمتهم امام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
مشاركة :