بيت من زجاج

  • 6/9/2016
  • 00:00
  • 43
  • 0
  • 0
news-picture

خصص الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون تقريره الأخير للأطفال الذين يسقطون ضحايا للصراعات المسلحة في العالم. ونحن بالتأكيد نشاطره هذا الحس الإنساني والحرص على سلامة الأطفال خاصة والبشر بصورة عامة. لكن من المستغرب هو أن المسؤول الأممي ـ قبل أن يتراجع ـ خص المملكة والتحالف الذي تقوده ضد عصابات الحوثيين وعلى عبدالله صالح بقتل الأطفال وتشويههم في اليمن، رغم علمه أن المملكة لم تذهب إلى اليمن للنزهة وإنما لاستعادة الشرعية إلى ذلك البلد العربي بعدما صادرتها عصابات الحوثيين المدعومة من النظام الإيراني التي تختبئ في المناطق السكنية لمواصلة تمردها. وقد حرصت قيادة المملكة في إدارتها للغارات الجوية والعمليات العسكرية على تجنب الحاق الأذى بالمدنيين وهي تستهدف المواقع والقواعد العسكرية وتحاذر قصف الأماكن المدنية حتى لا توقع أذى بغير المحاربين. وقد نجحت في ذلك مقارنة بما يجري في مثل هذه الظروف. فيما يتعلق باليمن، فمن المعروف أنه لا يوجد للأمم المتحدة مراقبون محايدون، ولذلك فقد اعتمد التقرير على ما تنشره وتبثه وسائل إعلام الحوثيين الذين دانتهم المنظمة الدولية قبل خمس سنوات باقتراف جرائم حرب. أما بخصوص تجنيد الأطفال، فإن قوات التحالف العربي ليست بحاجة إلى مقاتلين لتجند الأطفال للقتال إلى جانبها. إن أحدًا لا يستطيع أن يزايد على قيادة المملكة في حرصها على حياة الإنسان وكرامته، وقد انتخبت المملكة مؤخرًا لرئاسة مجلس حقوق الإنسان في المنظمة الدولية احترامًا واعترافًا بهذه الحقيقة.. نحن لا نشك في حساسية الأمين العام تجاه أطفال العالم، ولكننا نشك في النوايا ونرفض سياسة الكيل بمكيالين، وفي ذلك نشير إلى قضيتين، أولهما أن المنظمة الدولية تعوزها الشجاعة في انتقاد الدول الكبرى، التي تتسبب غاراتها الجوية، سواء الطائرات المقاتلة أو الطائرات بدون طيار- في باكستان وأفغانستان وإيران والعراق، وحتى في اليمن نفسها، في قتل مئات الأطفال والمدنيين. وثانيهما، سكوت المنظمة الدولية على الجرائم الإسرائيلية بحق الأطفال الفلسطينييين (2000 طفل فلسطيني سقطوا في العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة في أقل من شهر). وحتى عندما يتجرأ أمين الأمم المتحدة أو أحد المسؤولين فيها على انتقاد الدول الكبرى والجرائم الإسرائيلية، فإنه سرعان ما يتراجع عن موقفه ويكتفي بالإعراب عن قلقه وهي المفردة المتكررة في كل تصريحاته وبياناته. إن سبب شكنا في الدوافع وراء إصدار مثل هذا البيان هو أنه جاء بإيحاء من بعض الدوائر في بعض الدول التي يهمها تشويه صورة المملكة والنيل من مواقفها الثابتة. فمن المعروف أن هذه الدول هي أكبر مساهم في ميزانية الأمم المتحدة ولذلك فنحن نعتقد أنها وراء إصدار مثل هذا التقرير. ما نتمناه هو أن يستمع السيد بان كي-مون إلى صوت ضميره وأن يملك الشجاعة ويترك منصبه إذا كان يملك حرية اتخاذ مثل هذا القرار بدلاً من تنفيذ الإملاءات من بعض الدول وإسرائيل. وإذا كان مصرًا على التمسك بموقفه، فننصحه أن يتعلم درسًا من أسلافه في رئاسة الأمم المتحدة، ومنهم بطرس غالي الذي كتب بعد مغادرته منصبه كتابًا بعنوان بيت من زجاج وهو البيت الذي يسكن فيه السيد بان كي-مون لذلك عليه ألا يرمي الناس بالحجارة!

مشاركة :