اللهم اجعل كلامنا خفيفًا عليهم

  • 6/10/2016
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

شهر رمضان الكريم يأتي في بنك القيظ، والقيظ كلمة عربية فصحى شاع استخدامها محليا في السنين الغابرة حتى ظنناها شعبية لنكتشف أنها عربية فصحى. وبفعل طول الصيام وحرارة الطقس فالبعض مستعد للغضب النزفزة عند أول خلاف حتى ولو كان خلافًا تافهًا بسيطًا لعله بالغضب ينفس شحنة التوتر العصبي الذي لا نجد له سببا حقيقيا لانفجارات عصبية لا تجوز أصلاً مع قدسية وسماحة هذا الشهر المبارك. وهذه العصبية تذكرنا بما شاع من انفلات عصبي شديد وصاخب في عدد لا بأس به من فضائياتنا العربية في الآونة الاخيرة، حتى كادت الخناقات ان تكون جزءًا من بعض البرامج وربما كانت فاصلاً من الفواصل الممتعة والمثيرة لاهتمام المشاهدين الذين يتابعون هذه البرامج ليس من اجل مواضيعها والقضايا المثارة فيها والمطروحة للرأي والرأي الآخر ولكنهم ينتظرون بلهفة وعلى احر من الجمر فاصل هوشة وخناقة بين الضيفين المحترمين، اللذين لن يخيب احدهما أو كلاهما حسن ظن جمهورهما فيهما وسيدخلان في فاصل هوشة ومعركة بالسلاح المتوفرة فوق طاولة الحوار من غراش ماء او كؤوس شاي وقد يستعينان بالكراسي الموجودة في الاستديو لإضفاء جو مناسب على الهوشة التي ينتظرها الجمهور. فشعار الجمهور عايز كده يعود بقوة وبواقعية الى برامج الحوار وبدلا من افلام فريد شوقي ومحمود المليجي رحمهما الله وهوشاتهم السينمائية اصبحنا نشاهد هوشات حقيقية لا تمثيلاً، وكلما حمي وطيس الهوشة واخذت مشاهدها عنفا أكثر وأكبر من التي سبقتها من هوشات كلما قام الجمهور الله يسامحه بتوزيع فيديو الهوشة والمعركة على أوسع نطاق من خلال السوشال ميديا التي بدورها تقوم بمهمة الموزع النشط، حتى تصبح تلك الهوشة حديث المجالس والكوفي شوبات والمنتديات فيحوز ضيوف الحوار على بطولة الملاكمة ورحم الله محمد علي الذي عاش ومات ولم يوجه لكمة الى احد خارج حلبة الملاكمة وكأنه ترك هذا الفعل المشين لمن يأتون الى الاستوديوهات بوصفهم متحاورين وفي غمضة عين يتحولون الى ملاكمين ومصارعين كما هي عركة شوبير الرياضي المصري المشهور مع المعلق أحمد الطيب التي انتشرت على وسائل التواصل خلال ايام انتشارا فاز بالضربة الساحقة على البرامج الاخرى ما دام الجمهور عايز كده. وربما الجمهور ايضا معذور فقد مل وسئم من برامج الهذرة والرغي بوصفها حوارات خبراء واستراتيجيين وهم التوصيف الذي شاع مع شيوع الفضائيات في كل داعوس فضائي فتحمس هذا الجمهور الى هوشات حقيقية يتسلى بها بعد ان خلفت فيه هذه الفضائيات حالة ملل كبيرة مخلوطة مع شيء من الكآبة من مسلسلات البكائيات والخديعة والوقيعة تتخللها الصفعات والركلات وهوشات تمثيل في تمثيل، فراح هذا الجمهور يبحث عن هوشات حقيقية، وهي الهوشات التي قدمها له ضيوف الحوار بكرم حاتمي فتعددت وزادت جرعتها وبدأ الجمهور يشعر بالملل منها. والله يستر من ان تتحول برامج الحوار الى هوشات بالمسدسات طلقات الرصاص من اجل مزيد من الاثارة وكسب الجمهور، فتتحول استوديوهات فضائياتنا العربية الى ساحات معارك بالرصاص الحمي او طعنات قاتلة بالسكاكين، فكل شيء وارد ومحتمل مع ظاهرة التنافس الفضائي المحموم لا سيما في شهر رمضان، الله يعوده عليكم بدون هوشات فضائية تتحول الى معارك حربية بعد ان سئمت معارك الكلام. واللهم اجعل كلامنا خفيفًا عليهم حتى لا تصيبنا عدوى هوشات الفضائيات نحن اصحاب الاقلام.

مشاركة :