توقع مختصون في مجال الطاقة، أن تشهد السعودية نقلة كبيرة في مجال إنتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في ظل توفر العوامل كافة المساعدة على ذلك، ومن بينها اتساع المساحة الجغرافية، والعوامل المناخية الملائمة، وذلك في إطار الاستراتيجية الاقتصادية القائمة على «رؤية المملكة العربية السعودية 2030»، ممثلة بـ«برنامج التحول الوطني»، مشيرين إلى أن الإنتاج سيصل إلى 66.4 ألف ميغاواط كهرباء من الطاقة الشمسية عام 2023م. وقال أحمد ندا نائب الرئيس والمدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط لدى شركة فيرست سولار لـ«الشرق الأوسط»: «السعودية تتمتع بمقومات إنتاج الطاقة الشمسية بحجم يغطي احتياجاتها من الكهرباء والاستخدامات الأخرى ذات الصلة، ولذلك جاء تضمين الطاقة المتجددة في خططها المستقبلية، كرؤية استراتيجية فعالة، تلبي أطروحاتها الاقتصادية، ومع إطلاق الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، رؤية 2030. أصبح بوسع قطاع الطاقة الشمسية التحدث بثقة الآن والابتعاد عن التخمينات، حيث حددت الإمكانات ودعمها برؤية قادة المملكة، وفتحت أبواب المستقبل». وأضاف أن «رؤية السعودية 2030» تكشف عن استراتيجية مدروسة تأخذ بعين الاعتبار نقاط القوة في السعودية وقدراتها، حيث كان التركيز على قطاعات محددة مثل الطاقة المتجددة مدروسًا ومعززًا بشكل واضح بأسس اقتصادية واجتماعية راسخة، مؤكدًا أن هناك الكثير من الخبراء المؤهلين القادرين على تحليل القطاعات المختلفة التي تضمّنها ملف الطاقة المتجددة. ولفت ندا إلى أن رؤية 2030 تجسد أعلى مستويات الالتزام تجاه الطاقة المتجددة التي شهدناها في السعودية، ويتمثل الهدف الرئيسي في تنمية القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة بأضعاف مضاعفة من خلال الاستفادة من انخفاض التكاليف المستقبلية وتحسن مستويات الكفاءة، وترك الباب مفتوحًا أمام التقنيات الجديدة. ونوه بالتزام الحكومة السعودية، بضمان تنافسية سوق الطاقة المتجددة من خلال تحرير سوق المحروقات تدريجيًا، معتبرًا أن ذلك دليل واضح على نية الحكومة الصادقة بالإيفاء بوعودها لتحقيق الأهداف المتعلقة بالطاقة المتجددة، مبينًا أن تبني أدوات الطاقة المتجددة المتنوعة هو الاتجاه الأفضل في ظل تذبذب أسعار الطاقة التقليدية، في ظل عدم قدرة الطاقة البديلة على المنافسة في مجال غير متكافئ، حيث يشكل الوقود المدعوم مصدرًا لتوليد الكهرباء على المستوى المحلي. وأكد أن تحرير أسعار الوقود، سيسهم في ضمان حصول السعودية على تقنيات فعالة للطاقة المتجددة بما يشمل الألواح الكهروضوئية المطلية بطبقة رقيقة من أنصاف النواقل، وهو مجال جيد يتيح التنافس بنجاح مع وسائل توليد الطاقة التقليدية كما هو الحال في أسواق أخرى حاليا، خصوصًا أن الرؤية تعكس طموحات المملكة لتصبح مركزًا لإنتاج الطاقة المتجددة، مشددًا على أهمية عوامل مثل الأبحاث والتطوير والتصنيع في سلسلة القيمة المضافة التي تسعى السعودية للاستثمار فيها. إلى ذلك، أوضح أسامة العثمان المتخصص في شؤون الطاقة، لـ«الشرق الأوسط»، أن السعودية تتمتع بوضع قوي للاستفادة من قاعدة الإنتاج المحلية لمواد مثل الفولاذ والكابلات، والمكونات الأخرى مثل المحولات اللازمة لبناء برنامج للطاقة الشمسية يعود بالفائدة على نطاق واسع، مشددًا على ضرورة تعظيم الشراكات بين القطاعين العام والخاص، مع مراجعة الإطار القانوني والتنظيمي، لتسهيل استثمارات القطاع الخاص في مجال الطاقة المتجددة، في ظل استعداد المملكة لاستقبال الأعمال التجارية. وأضاف أن مبادرة الملك سلمان بن عبد العزيز للطاقة المتجددة، تؤسس لنهج استشاري في إطار سياستها للطاقة المتجددة من خلال التعاون مع شركاء متخصصين وموثوقين في القطاع للاستفادة من خبراتهم، الأمر الذي سيمكّن السعودية من تجاوز تحديات بناء الخبرات التي ستواجه الأسواق الأخرى. من جهته، أوضح الباحث الاقتصادي الدكتور عبد الحليم محيسن، أن «رؤية السعودية 2030»، ومن بينها برنامج التحوّل الوطني، يعني استمرارية السعودية، في تنفيذ استراتيجيتها الماضية في تنويع اقتصادها، وتفادي خطورة الاعتماد على النفط كمصدر دخل وحيد، مشيرًا إلى أن الاستعانة بالطاقة الشمسية، من شأنه تقليل التكلفة وتفعيل كفاءة الطاقة، في ظل تقديرات تؤكد أن حجم الكهرباء المطلوبة بالمملكة يبلغ 66.4 ألف ميغاواط بحلول عام 2023. ولفت محيسن إلى أن السعودية، تتجه إلى استثمار 400 مليار ريال (106.6 مليار دولار)، في الطاقة الشمسية خلال الأعوام المقبلة، بهدف تغطية الطلب المتزايد على الكهرباء والذي يقدّر بـ10 في المائة سنويًا، متوقعًا أن يلعب هذا التوجه، دورًا أساسيا في تلبية احتياجات المملكة من الطاقة باعتبارها من أصول توليد الطاقة الموثوقة وذات التكلفة التنافسية، لمقابلة ذروة الطلب.
مشاركة :