صيام المبتعثين.. غربة وحنين إلى الوطن

  • 6/10/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بهمة وروحانية عالية استقبل أبناؤنا المبتعثين شهر رمضان الكريم رغم الكثير من المعاناة والمتاعب التي تواجههم في بلد الابتعاث، إلا أن روح التآلف والتآخي تخفف عنهم وطأة الغربة ووجع الحنين وشوق الذكريات لأجمل التفاصيل، فحكايات «لمّ» الشتات وتجهيز الموائد الرمضانية العامرة بكل ما لذ وطاب حاضرة وبقوة في صورة تعكس جمال تلك الاجواء الإيمانية والاجتماعية التي يعيشونها. الرياض التقت بعدد من الطلبة المبتعثين للدراسة في الخارج حيث تحدثوا عن تجربة الصوم في بلد الابتعاث. تجربة مختلفة بداية يشير سعيد محمد كبرة - جامعة غرب انجلترا تخصص بنك دم وخلايا جذعية والمبتعث من جامعة ام القرى كلية العلوم الطبية التطبيقية- الى أن تلك التجربة مختلفة بكافة المقاييس لشعوره بأحاسيس الغربة المؤلمة، موضحا ان المبتعث المغترب فعلا يشعر ان قيمة رمضان في صوت القرآن الذي يملأ الفضاء وفي الاجتماعات وصلة الرحم، اضافة إلى وجود بعض التعب والمشقة لأن النهار يكون اطول مقارنة بنهار المملكة اضافة لغياب الكثير من الاجواء الرمضانية التي اعتدت عليها والشعور بالحنين للأهل والتجمعات العائلية. واضاف لم افضل دوما البقاء في بلد الابتعاث فترة رمضان ودوما ما انتهز الفرصة لقضاء اكثر ايام الاجازة في المملكة مع الاهل لكن أضطر في بعض الاحيان للبقاء فترة من رمضان في بلد الابتعاث بسبب التزامات دراسية وكانت تجربة فريدة من نوعها وغالبا ما اتحين الفرصة للعودة للأهل لقضاء ما تبقى معهم، مشيرا إلى أن المعاناة الاساسية تكمن في طول النهار مع فصل الصيف. وبسؤاله ماذا تفتقد في صيامك خارج الوطن؟ قال: افتقد الأهل بشكل كبير واطباق والدتي التي تختارها وتعدها بعناية، وشعرت فعليا بكم الجهد الذي تبذله في اعداد سفرة رمضان، وافتقد صوت المساجد في صلاة التراويح عندما يتعالى صوت القرآن في كل مكان بشكل يبعث السكينة للقلب، مضيفا كما افتقد مقدرتي ان ارتدي الاحرام وأذهب للعمرة كل سنة في رمضان بما انني من سكان مكة المكرمة، وافتقد رائحة المستكة والهيل التي تملأ البيت والاجتماعات العائلية. ويتحدث سعيد كبرة عن أبرز المواقف العالقة بذاكرته موضحا ان من احدى التجارب الاولى ان يتم الاتفاق مع بعض الاهالي هنا لاعداد سفرة الافطار، فيقوم الشباب بشراء احتياجات الافطار وارسالها للسيدات حتى يتم الطهو، وبذلك نتشاطر المجهود بيننا ونستلم الاطباق منهن قبل الافطار ونعيدها بعده، مضيفا ايضا اتذكر اول مرة رأيت نقل مباشر للحرم وقت دعاء الوتر وكيف تعلق نظري ببيت الله وكيف شعرت فعلا بإحساس كل معتمر وزائر حينما يرى الكعبة والحرم باشتياق. واشار إلى أن بعض المساجد والجمعيات واتحادات الطلبة تنظم الافطار الجماعي والكثير من الاهالي المقيمين في المنطقة من عرب عادة ما يشاركون بالاعداد، ويتوفر عدد جيد من المساجد ولكن الصعوبة في صلاة التراويح الجماعية، حيث انها تكون في وقت متأخر جدا من الليل ويصعب على الطلاب الذين لا يمتلكون سيارات الذهاب لها، وايضا بسبب تأخر الوقت والحاجة للنوم بسبب الدوام المبكر فلا نستطيع الذهاب كثيرا. كما وجه عدة رسائل بدايتها لوالدته قال فيها: شكرا لك الان شعرت بما تبذلينه من مجهود لاعداد مائدة تلبي رغبات كل شخص بالعائلة، أيضا شكرا والدي فأنت من يصر دوما ان نجتمع على المائدة كعائلة، والان شعرت بقيمة الاجتماع العائلي، وأخيرا شكرا بلادي بلاد الحرمين لتوفير كل تلك الاجواء الآمنة والمريحة. فترة صيام طويلة ويضيف ابراهيم العطوي - جامعة ويلز(بانقور)، جهة العمل جامعة الباحة - ان تلك التجربة تعكس مدى التحمل ونقل صورة من صور الاسلام- في بيئة تتعدد فيها الثقافات والأديان -والتي هي مشاركة الفقراء معاناتهم والشعور بما يحسون به، موضحا أنه صام رمضان ١٤٣٥بمفرده ومؤخرا ١٤٣٦برفقة زوجته وبناته اضافة الى أقاربه الذين كانوا في زيارة له في المملكة المتحدة. ويقول العطوي: أستطيع تلخيص المعاناة في طول فترة الصيام وعدم تغير ساعات الدوام او الدراسة، اضافة الى مخالطة من يتناول الطعام والشراب طوال اليوم بحكم الدراسة، مع العلم ان زملاءنا يبدون احترامهم لشعيرتنا ويحاولون تجنب الأكل والشرب أمامنا مع اصرارنا عليهم بعدم ذلك. ويضيف افتقدت مشاركة الوالدين والأقارب سفرة الافطار وكذلك الزيارات الرمضانية، كذلك سماع الاذان في سماء المدينة وخصوصا أذان المغرب. وعن استعدادهم قال: الترتيبات تختلف نوعا ما مع العلم ان هناك محلات تبيع معظم المنتجات التي عادة ما تستهلك في رمضان حيث كمية المشتريات اقل والتجهيز يخلو من التكلف الذي اعتيد في الوطن، مضيفا لا حديث ينافس التطلع لرؤية الهلال وهل هناك افطار صائم في المسجد، كما ان السؤال المتداول بين الطلبة السعوديين: هل ستصوم رمضان هنا ام في السعودية؟ والأغلب يفضّل الصيام في السعودية ويشجع عليه، مشيرا بانه لا ترتيبات مع مؤسسات او جهات رسمية تذكر حيث الأمور تسير كما كانت قبل رمضان خلاف يوم العيد قد يعفى الطلبة المسلمون من الدوام الباكر حتى يتمكنوا من اداء صلاة العيد والمعايدة. واضاف ان اعظم ما اكتسبته ان الصوم لا يعيق الانتاج في العمل حيث دخول رمضان في بلد البعثة لا يستلزم تغيير ساعات الدراسة وبالتالي يظل الدوام باكرا رغم السهر لأداء صلاة التراويح وتناول السحور ثم اداء صلاة الفجر وبالتالي اكاد أقول ان النوم في رمضان ممكن فقط بعد صلاة الفجر (٣) الى ٩ صباحا، مضيفا مما اكتسبته ايضا ان الأكل وأصناف الطعام ليست غاية الصائم وإنما الهدف الأجر والمغفرة والطعام ما هو الا مما يتيسر دون تكلف مبالغ فيه. الحنين الى الوطن في حين قال المبتعث وائل سعدي العنزي: أكثر ما يشق علينا ساعات الصيام الطويلة والمجتمع من حولنا لا يقدر أو بالأصح لا يعلم بدخول الشهر الفضيل كما أن أكثر ما نفتقده وبشدة هو صوت المآذن في صلاة التراويح، مضيفا الشيء الجميل هنا هو وجود اهل الخير في كل قطر من أقطار الارض وخاصة اجتماع المسلمين في المراكز الاسلامية وكذلك المساجد وإفطار الصائم كل ذلك يدعو للفخر بأهل الإسلام وبوجودهم في أقطار مختلفة مع اختلاف المذاهب. ولا يخفي شعوره بالحنين إلى الوطن ولمة الأهل على الافطار حينما يستقبل هاتفه صور عائلته مجتمعة على مائدة الافطار، مشيرا إلى أن الحياة عبارة عن تجارب مهما كانت قاسية وتلك مرحلة من مراحل الحياة وقرب المرافقين والاصدقاء يخفف من هذه المعاناة، كما نحمد الله على نعمة الاسلام. من جانبه يضيف وائل الغامدي - جامعة برونيل، بريطانيا – قائلا: إن تجربة صيام رمضان في الخارج لا تخلو من القسوة لعدة أسباب أهمها افتقاد الروحانية فلا يمكن سماع اصوات المآذن لصلاة التراويح وخاصة الليلة الاولى، حيث ان لتراويح الليلة الاولى طعما خاصا بالنسبة لي على الأقل، وايضا قد لا يكون هناك صلاة قيام في بعض المساجد لقصر وقت الليل. واضاف تجد في بلاد الغربة بصفة عامة روابط قوية بين المسلمين بصفة عامة، فتبادل الافطار بين العوائل وتزويد الشباب المتواجدين بدون عوائل بوجبات الافطار من العادات الجميلة التي اعتدنا عليها في الخارج والتي تُنسينا معنى الغربة، وهي من الامور التي علقت في ذهني كوني في اول رمضان لي كنت احاول التملص من وجودي في الخارج خلال رمضان، الا اني عندما بقيت انست بوجودي بين اخوتي المبتعثين حيث اني لا القي بالاً لفكرة تحضير الفطور. شكرا للوطن ويذكر محمد المشدق - جامعة هيرتفوردشاير - أنه صام ثلاث سنوات في لندن، منها سنتان مع اسرته وسنة مع أصدقائه، مضيفا اختلفت فيهما نوعية الأكلات والوجبات الا أنها كانت صحية مقارنة مع أكلاتنا المعروفة في السعودية. ويلخص معاناتهم في طول ساعات الصوم ومخالطة غير الصائمين كما أنه لا يوجد وقت كاف بين وقت الفطور والسحور، مبينا أن أكثر ما يفتقده في بلد الغربة هو عدم الشعور بالأجواء الرمضانية. كما وجه رساله لأسرته قائلا: لا تنسونا من دعواتكم وتمنيت لو كنت معكم في هذا الشهر الفضيل. ويقول أحمد الراشد - جامعة بانقور في المملكة المتحدة: نحاول قدر الإمكان محاكاة موائد رمضان في ارض الوطن لكن احيانا نكتفي بالموجود بالتأكيد الكبسة السعودية لا يمكن ان نستغني عنها فتجدها في كل بيت في رمضان او غيره. واضاف ان أصعب شعور حينما نستقبل صور افطار لعائلاتنا خصوصا حينما نستقبلها قبل إفطارنا بساعات ونجد الموائد المختلفة التي لا توجد عندنا، فلذلك احرص على عدم فتح اي صورة الا بعد ما ننتهي من إفطارنا، وختم بقوله: نبعث رسائلنا من القلب شكرًا للوطن على ما يبذل لخدمة ابنائه المبتعثين وكلنا أمل في تحقيق ما بعثنا لأجله والعودة لخدمة هذا الوطن. القهوة العربية حاضرة في إفطار المبتعثين محمد المشدق وائل العنزي وائل الغامدي سعيد كبرة اجتماع المبتعثين في رمضان يخفف معاناة الغربة أحمد الراشد مع زملاء الغربة

مشاركة :