أواصل قراءتي لنظام الهيئة العامَّة للسياحة والآثار، الصادر عام 1429هـ، والتي تَعدَّل مُسمَّاها مُؤخَّرًا إلى الهيئة العامَّة للسياحة والتراث الوطني، ولي وقفة عند هذا المُسمَّى؛ إذ ألغى -عن غير قصد- كل الآثار النبويَّة، والراشديَّة، والأمويَّة، والعباسيَّة، وما قبلها، لأنَّ مصطلح تراث وطني لا يشمل الآثار، فالتراث هو ما خلَّفه لنا الأجدادُ من أشياء ماديَّة، مثل الأدوات التي كانوا يستخدمونها في حياتهم اليوميَّة، إمَّا في بيوتهم، أو مزارعهم بالنسبة لأهل الحاضرة، أو ما كان يستخدمه البادية في بيوت الشعر، وكذلك في حياتهم اليوميَّة، ومثال على ذلك: (الدراجة، والمحالة، والرحى، والشداد، والميسامة، والهنابة، وغيرها الكثير)، وقد يكون بعض هذه التراثيات مستخدمًا حتَّى وقتنا الحاضر. وكذلك من التراث الموروث الثقافي، وهذا يتناقله الأحفاد من الأجداد كالشعر، والأهازيج المختلفة بشتَّى أنواعها، والرقصات التراثيَّة، والألعاب، والأكلات الشعبيَّة. هذا و(لكي تكون للغة العربيَّة كلمة مرادفة لـ»الفلكلور»، قرَّرت الأمانة العامَّة لمجمَّع اللغة العربيَّة وضع كلمة «تراث» بدل كلمة «فولكلور» الإنجليزيَّة، وكان لابدَّ من تحديد كلمة خاصَّة مرادفة لـ»الفلكلور»، وفرزها عن التراث الحضاري، أو التراث القومي، ووضعت تحديدًا كلمة «التراث الشعبي»، فأينما تجد «فولكلورًا» فهو إذًا «التراث الشعبي»، والعكس صحيح).. (المدرسة المصريَّة الوطنيَّة للحفاظ على الآثار والتراث المصري). أمّا الآثار فهي ما مضى عليها فترة طويلة من الزمن تزيد على 500 سنة تقريبًا، أو أكثر، وتُرِكَ بقصدٍ أو بغيرِ قصدٍ، وينقسم إلى قسمين «إسلامي، وقديم»، ولكُلٍّ أقسامه وفتراته التاريخيَّة، ويتمثَّل في المباني سواء للسكن، أو للمراقبة، أو الدفاع، أو الدفن، أو إقامة الشعائر الدينيَّة، وكذلك في العملات، والأواني، والأدوات، ويدخل من ضمنها الكتابات القديمة، والرسوم الصخريَّة وغيرها. فمصطلح «التراث الوطني» لا يشمل الآثار، والذي يشملها مصطلح «التراث الحضاري»، كما أكَّدت المادة الأولى من تنظيم الهيئة عدم شمول الآثار لمصطلح التراث الوطني بتحديده بالعصور المتأخِّرة؛ إذ عرَّفت التراث الوطني العمراني والشعبي بـ»جميع المباني والأدوات التي أنشأها الإنسانُ، أو صنعها، أو استخدمها في العصور المتأخِّرة في أيَّة منطقة من مناطق المملكة لتسيير أموره المعيشيَّة من مطعم، وملبس، ومسكن، وتعليم، ودفاع عن النفس، ومحافظة على صحة البدن، وأدوات ترويحيَّة»، ونلاحظ هنا لا ذكر لدور العبادة! فكلمة العصور المتأخِّرة، حدَّدت مدَّته الزمنيَّة التي لا تشمل العصور القديمة.. فالذي أقترحه أن يكون المُسمَّى «الهيئة العامَّة للآثار والسياحة والتراث الوطني»، وبموجب هذا المُسمَّى أقترح تعديل مُسمَّى الهيئة الوارد في برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري إلى المُسمَّى المقترح، وإضافة كلمة الآثار، ولاسيَّما آثار النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- وصحابته، وزوجاته، وبناته -رضوان الله عليهم- إلى هذا النص: (وبرزت الحاجة التي تقوم بها الهيئة العامَّة للسياحة والتراث الوطني في الوقت الحاضر إلى ابتكار منهج إداري جديد لإدارة أعمال الهيئة، وتقييمها، ومتابعتها بغرض تقوية دور الهيئة في إحداث نقلة نوعيَّة ومُؤثِّرة في صناعة السياحة وحماية التراث الوطني، وتنميته). للحديث صلة... suhaila_hammad@hotmail.com
مشاركة :