وكأن القرار صدر بشكل جماعي في أن تكون الدراما الخليجية بتنوع جنسياتها، مختلفة هذا العام. مفاجأة أسعدت الجمهور، ودفعت بهذه الدراما التي بقيت لسنوات تتأرجح بين التراجع وضعف الإنتاج وبين المعدل الوسطي، إلى التقدم للمنافسة بقوة وفي جعبتها مجموعة من الأعمال المشوقة والتي تبدو في ظاهرها جيدة. إذا اعتبرنا أن السباق يمر بمراحل، فالمرحلة الأولى انطلقت من قبل أن يأتي شهر رمضان، أي منذ الإعلان عن قائمة الأعمال وما تعده كل قناة. والمرحلة هذه مهمة لأنها تمهيدية تترك أثرها في المشاهدين وتدفعهم لرسم خريطتهم الخاصة بما سيشاهدونه خلال الشهر الفضيل. من هنا يمكن القول إن بعض الأعمال دخل السباق مجتازاً المرحلة الأولى بامتياز، حيث تمكن مثلاً، الإماراتي خيانة وطن والكويتي ساق البامبو والسعودي حارة الشيخ من جعل الجمهور يترقب الحلقات الأولى وهو متحمس لمشاهدة تلك الأعمال الجريئة في قصصها والقضايا التي تعالجها. هذه المسلسلات تغامر بطرق أبواب لم تطرقها الدراما الخليجية من قبل، وتجازف وهي تعلم جيداً بأنها ستثير الجدل كثيراً، وقد يغضب من يغضب ويفرح من يفرح. لكن الدراما لا بد أن تكون مجبولة بالجرأة، ولا بد من تجديد الثوب وتقديم ما لم تألفه عين المشاهد، إنما طبعاً ضمن إطار الارتقاء بالذوق والتجويد في الصنعة الدرامية. خيانة وطن كما صار معروفاً، يواجه الإرهاب وتنظيم الإخوان المسلمين بشكل مباشر وبلا أي مواربة أو إسقاطات من بعيد. ولعله المسلسل الأكثر استقطاباً للجمهور منذ بدايته، بفضل هذه الصراحة في الحوار والحديث المباشر مع المشاهدين. ساق البامبو المأخوذ عن رواية بنفس الاسم، يعالج قضية الزواج المختلط في المجتمع، وتداعياته السلبية على الأبناء، وهي قضية حساسة ومهمة لم تتجرأ الدراما على الاقتراب منها بهذا الشكل الواضح والصريح من قبل وكما تفعل الدراما الكويتية اليوم. أما حارة الشيخ فهو يستلهم قصته من القصص الشعبية القديمة عن أحداث حصلت بالماضي في الحجاز وتحديداً في مدينة جدة، في أواخر العهد العثماني. يمزج بين التاريخ والفانتازيا، ليقترب من الواقع دون أن يتورط في تفاصيل قد تؤخذ عليه، لذلك يهرب منها إلى الفانتازيا والخيال، لكن المشاهد ذكي ويعرف كيف يفصل بين واقع ووهم، وبين الجرأة في الطرح والاستفزاز للفت الأنظار، وهو ما ستكشفه الحلقات وما ننتظره قبل أن يصدر الحكم على المسلسل. القائمة طويلة وغنية بأعمال تستحق المشاهدة، وننتظر الحلقات كي نتابعها ونحكم عليها، إنما نستطيع منذ الآن أن نهنئ الدراما الخليجية على اجتيازها المرحلة الأولى بامتياز، وجعلنا مشدودين لمتابعتها، وجرأتها في كسر الكثير من التابوهات التي كانت تعيق تطورها والاقتراب من واقع مجتمعاتها وواقع العالم العربي ككل. يبقى الحكم على جودة هذه الأعمال ونجاحها أم فشلها في تقديم الرسالة التي جاءت بها، هو عنوان المرحلة الثانية والتي يجب أن يصدرها الجمهور على كل عمل بعد المشاهدة وليس قبلها. مارلين سلوم marlynsalloum@gmail.com
مشاركة :