تعتبر أمراض الدماغ التنكسية، خصوصًا الزهايمر وباركنسون، من أكثر الأمراض صعوبة في التشخيص والعلاج على حد سواء. لكن العلماء الألمان يتحدثون عن فحص دم يكشف عن المرضين في أولى مراحلهما، ويعين الطب بالتالي في وقف تقدم المرضين عن المصابين بهما. وكتب العلماء الألمان في مجلة «نيورون» العلمية، المتخصصة في الأمراض العصبية، أنهم نجحوا بتطوير فحص للدم يكشف عن بروتين معين تنتجه عملية تنكس الخلايا بسبب مرضي المناعة الذاتية باركنسون والزهايمر. ويمكن لهذا الفحص أن يعد مستقبلاً بعلاج واعد للمرضين، بحسب تعبير العلماء. ومعروف أن المرضين يؤديان إلى تنكس خلايا الدماغ وتحللها، وبالتالي فقدان وظائفها والوظائف الدماغية عمومًا. وتطلق الخلايا عند تنكسها البروتينات الأساسية التي تقرر تكوينها وعملها. والمشكلة هي أن أعراض المرضين لا تظهر إلا بعد مرور وقت طويل، لا يعني سوى تقدم المرض إلى درجة يصعب معها وقفه. توصل مهتاب باشيغلو وزملاؤه من المركز الألماني للأمراض التنكسية إلى أن بعض البروتينات التي تنطلق من الخلايا العصبية عند تنكسها يمكن إثبات وجودها في الدم أيضًا، ونشأت فكرة الفحص من هذه الحقيقة. وفي هذه التجارب فحص العلماء السوائل الدماغية في الفئران المصابة بأمراض دماغ تنكسية، ثم فحصوا هذه السوائل في البشر. عثر الباحثون في السوائل الدماغية للفئران والبشر على بروتينات خاصة، تسمى البروتينات الخيطية تطلقها خلايا الدماغ المتنكسة. وحينما فحصوا نماذج من دماء الفئران والبشر عثروا عليها بنسبة معينة في الدم أيضًا. وتدخل هذه البروتينات في تركيبة الخلية الدماغية وتحافظ على نشاطها الوظيفي. وقال الباحث ينز كوله، من جامعة بازل السويسرية الذي شارك في الدراسات، إن فريق العمل توصل إلى أن نسبة هذه البروتينات الخيطية تزداد في الدم كلما زاد المرض التنكسي تقدمًا. بل إنهم استطاعوا تحديد نسبة معينة يبدأ معها تنكس الخلايا، ويمكن لهذه النسبة أن تكون المقياس المبكر لظهور المرض. وأضاف كوله أن الطب في السابق يتمكن من إثبات وجود هذه البروتينات فقط في سائل النخاع الشوكي، وهو فحص مؤلم، وترافقه كثير من المضاعفات المحتملة، وغالبًا ما يكون متأخرًا. إلا أن الكشف عن هذه البروتينات في الدم لا يسرع عملية الكشف عن المرض فحسب، وإنما يعد بعلاج واعد له، وفق تصوراته.
مشاركة :