تصدّر هجوم ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» ذات الغالبية الكردية بدعم جوي من التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، واجهة الحرب ضد تنظيم داعش، مع محاصرة المدينة، وفرار قسم من مقاتلي تنظيم داعش المتطرف وعائلاتهم من المدينة. والواقع أن الهجوم الأخير، هو واحد من ثلاث هجمات يتصدى لها «داعش» لحماية طريق إمداده الرئيسي الذي ينطلق من الرقة، مرورا بمدينة الطبقة في المحافظة ذاتها، حيث يواجه من جهة الشمال «قوات سوريا الديمقراطية» ومن الجنوب قوات النظام المدعومة بالطائرات الروسية، وصولا إلى منبج التي تبعد 70 كيلومترا إلى الشرق من مدينة حلب، ومدينة جرابلس التي تبعد 20 كيلومترًا عن منبج إلى الشمال، وتقع على الحدود التركية. منبج، التي كانت تضم أكبر صوامع للحبوب والقمح في شمال سوريا، مدينة تقع في وسط زراعي، وتشكل المركز الإداري لقضاء يضم عشرات القرى والبلدات التي يعمل سكانها بالزراعة. بلغ تعداد سكان المنطقة 408.143 نسمة حسب التعداد السكاني لعام 2004. ويسكن أريافها خليط من العرب والأكراد والتركمان، كما يسكنها بعض الشركس والمسيحيين والأرمن، علما بأن القسم الأكبر من سكان منبج ونواحيها من القبائل والعشائر العربية المختلفة التي هاجرت إليها من ضفاف الفرات واستقرت فيها. ولقد قصدتها في العصر الحديث، عائلات كثيرة من المهنيين والتجار والموظفين والعلماء جاءوا إليها من مدينة حلب ومدينة الباب ومناطق أخرى مجاورة؛ للعمل فيها واختاروها مستقرًا لهم. وبعد سيطرة «داعش» على المدينة وريفها في أواخر عام 2014، شهدت المدينة حركة نزوح ثانية بعد نزوح الأول إثر سيطرة قوات المعارضة عليها، وتقلص عدد السكان إلى نحو 40 ألف نسمة، ما لبثوا أن تقلص عددهم أيضًا إثر الهجمات الأخيرة التي شنتها ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» إلى نحو 20 ألف نسمة، بحسب ما قالت مصادر عسكرية معارضة لـ«الشرق الأوسط». وفر آلاف المدنيين مطلع الأسبوع من مدينة منبج مع اقتراب هذه الميليشيا المدعومة من واشنطن وموسكو إلى مشارفها خوفا من المعارك والغارات الجوية التي يشنها التحالف الدولي. وتاريخيًا اشتهرت منبج بارتباطها بكبار الشعراء. فهي مسقط رأس الشاعرين البحتري (العصر العباسي) وعمر أبو ريشة (العصر الحديث)، كما تولى إمارتها لبعض الوقت شاعر ثالث هو أبو فراس الحمداني إبان حكم الدولة الحمدانية في حلب والموصل.
مشاركة :