سكان مرهقون في منبج يخشون النزوح مجدداً على وقع التهديدات التركية

  • 7/22/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يقول العتمان (43 عاماً) من متجره لبيع الأحذية في سوق وسط مدينة منبج "نعيش بأمن وأمان هنا، ولا نعرف الآن إلى أين يجدر بنا أن نذهب". ويضيف "الشعب هنا تعب جداً". منذ أسابيع، يهدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشن هجوم رابع في سوريا يستهدف هذه المرة قوات سوريا الديموقراطية، وعلى رأسها المقاتلين الأكراد، في مدينتي منبج وتل رفعت. وبرغم تحذير روسيا وإيران لتركيا من شن هجوم خلال قمة جمعت رؤساء الدول الثلاث في طهران الأسبوع الحالي، تصر أنقرة على أنها لا تحتاج إلى "إذن" من أحد. قبل أربع سنوات، نزح العتمان من محافظة إدلب (شمال غرب) هرباً من المعارك المتكررة فيها بين قوات النظام والفصائل المقاتلة، ووجد في مدينة منبج فرصة لبناء حياة جديدة. ويقول، الأب لثمانية أطفال الذي دفعته الحرب للنزوح أكثر من أربع مرات، "لم يعد لدي سوى هذا المتجر ومنزلي الذي بنيته من الصفر هنا، والآن سأضطر إلى أن أنزح مجدداً لأني أخاف على أولادي". ويضيف "لقد دمرتني الحرب... فيما كل ما نريده هو الاستقرار في بلادنا". خلال الأسابيع الماضية، فقدت أسواق مدينة منبج تدريجياً زحمتها المعتادة، وباتت متاجر المواد الغذائية مقصد السكان الأساسي. ويقول العتمان "السوق ميت، ليس هناك حركة أبداً، حتى أننا لم نعد نعرض بضائع جديدة". وبعكس متجر العتمان، يتردد السكان إلى محل حسين حمدوش لشراء المواد الغذائية الأساسية فقط. ويقول حمدوش "الناس تشتري الأرز والسكر والحليب والبرغل". "النزوح خراب" شنّت تركيا بين 2016 و2019 ثلاث عمليات عسكرية في سوريا لتبعد عن حدودها وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لقوات سوريا الديموقراطية المدعومة أميركياً فيما تعدها أنقرة مجموعة "إرهابية". ويحذر محللون من أن أي تحرّك عسكري تركي جديد في منطقة سكانية مكتظة سينتج عنه نزوح جماعي والمزيد من المعاناة، على غرار هجمات سابقة. لا يريد حمدوش الالتحاق بركب آخرين فروا باتجاه مناطق سيطرة الأكراد في محافظة الرقة المجاورة منذ أن تفاقمت التهديدات التركية الأخيرة. ويقول "النزوح خراب.. إلى أين نذهب؟ فلنمت في بيوتنا". وكما هي الحال حين تُقرع طبول الحرب، بدأت أسعار المواد الغذائية بالارتفاع تدريجياً مع ازدياد الطلب عليها. وتقول أم نضال (48 عاماً)، أثناء شرائها بعض المواد الغذائية، "بات لدينا حرب اقتصادية أكثر منها جوية"، لكنها على غرار كثر آخرين تخشى النزوح. وتتساءل الوالدة لأربعة أطفال "هل تتخيل أمًا لا تخاف على أولادها؟ لكني أيضاً أخاف من النزوح". هذه ليست المرة الأولى التي تهدد فيها أنقرة بشن عملية عسكرية ضد منبج، ذات الغالبية العربية والتي طرد المقاتلون الأكراد منها تنظيم الدولة الإسلامية العام 2016. لكن محللين يرجحون أن تكتفي بهجوم محدود أو ضربات جوية ضد المقاتلين الأكراد لعدم حصولها على "ضوء أخضر" من طهران وموسكو لشن هجوم واسع. ويقول المتحدث باسم مجلس منبج العسكري، التابع لقوات سوريا الديموقراطية، شرفان درويش لفرانس برس "التهديدات التركية ليست جديدة بالنسبة لنا في منبج، لكن مستوى التهديدات كان يرتفع وينخفض، وازداد جداً في الفترة الأخيرة". ويشير في الوقت ذاته إلى أن استعدادات القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها، التي تنتشر في مناطق قريبة، "لا توحي بأن هناك حملة وشيكة". "نحن الضحية" وعلى غرار سكان المدينة، تتخذ قوات سوريا الديموقراطية بدورها إجراءات احترازية بينها حفر خنادق عند أطراف المدينة، وفق مراسل لفرانس برس. ويوضح درويش "قمنا بتدريب قواتنا وبنينا قوات دفاعية بناءً على خبراتنا في حربنا السابقة ضد داعش، وإن كانت الحرب ضد القوات التركية تحتاج إلى تكتيكات جديدة". وفي سعى لتفادي الهجوم التركي، لجأت قوات سوريا الديموقراطية مرة جديدة لدمشق. وإثر اتفاق روسي مع الأكراد، تُعزز قوات النظام منذ أيام انتشارها قرب منبج، في سيناريو شبيه بما قامت به سابقاً للحؤول دون توسع تركي، وإن كانت السيطرة الفعلية على الأرض بقيت في يد قوات سوريا الديموقراطية. ويقول درويش إن قوات النظام أتت بـ"بأسلحة ثقيلة وذات نوعية عالية". وعند خطوط التماس مع مناطق سيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها، انتشر مقاتلون من مجلس منبج العسكري في الخطوط الخلفية بين اشجار الزيتون خشية من استهدافات جوية، فيما ارتفعت على الخطوط الأمامية الأعلام السورية. وفي قرى قريبة، انهمك جنود سوريون بوضع خيمهم، وأحاطت بهم متاريس ترابية، فيما رُكنت جانباً ناقلات الجند التي وصلت خلال الأيام القليلة الماضية. يتمنى حمدوش أن يحقق انتشار قوات النظام هدفه بالفصل بين مناطق نفوذ الأكراد والقوات التركية وحلفائها "منعاً لحروب تعبنا منها". لكن علي أبو حسن (50 عاماً) يبدو أكثر حذراً. ويقول "طردنا داعش في السابق وفرحنا، أما اليوم فنترقب التفاهمات الدولية". ويضيف "هذه لعبة دولية، ونحن الضحية".

مشاركة :