في استطلاع أجرته «الإمارات اليوم»، على موقعها الإلكتروني، حول سؤال ماذا تشاهد من مسلسلات إماراتية؟ تصدر مسلسل «خيانة وطن» النسبة الأعلى للمتابعة، حيث حصل على نسبة 80% من المشاهدين، في المقابل حصل مسلسل «الحرب العائلية الأولى» على أدنى نسبة مشاهدة وصلت إلى 4%، في حين حصل مسلسل «مكان في القلب» على نسبة 10%، وحصل مسلسل «غمز البارود» على نسبة 6%. «خيانة وطن» لم يكن مستغرباً اكتساح مسلسل «خيانة وطن» نسب المشاهدة، فالعمل الذي انجزه المخرج أحمد يعقوب المقلة، وبطولة جاسم النبهان وحبيب غلوم وبدرية أحمد وغيرهم، ومنذ لحظة الإعلان عنه استطاع المراقب، سواء من خلال الاستطلاعات العشوائية، أو من خلال موقع «الإمارات اليوم»، وحتى ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي، التنبؤ بأن هذا العمل ستكون له نسبة كبيرة من المتابعين، خصوصاً أنه يضم مفردتين في عنوانه تمسان القلب والعقل وهما (الخيانة) و(الوطن)، فالخيانة بكل ما تحمل من قسوة وخذلان وخجل بكل ارتباطها مع مفردات الحياة الأخرى، تأتي مفردة الوطن التي لا يحتمل الوقوف أمامها إلا شموخاً وتضحية. تباين مسلسل «غمز البارود»، الذي حصل على نسبة 6% من استحسان الجمهور ومتابعتهم، وهو للمخرج مصطفى رشيد، وبطولة سميرة أحمد، ومنذ المشاهد الأولى لم يستطع جذب المشاهدين، إضافة إلى إخراج متواضع لم يستطع تقديم عمل ناجح حتى من الناحية الفنية، على الرغم من وجود قامة فنية حاضرة بشخص سميرة أحمد، التي تستطيع دائماً أن تؤكد على خصوصيتها وقدرتها على تجسيد كل الأدوار . أما مسلسل «مكان في القلب» للمخرج باسم شعبو، وبطولة جابر نغموش، هدى الغانم، نشوى مصطفى، أحمد الأنصاري وغيرهم، الذي حصل على نسبة مشاهدة 10%، فيدور حول شكل الحياة السابقة في فترة الثمانينات، ويعود بالمشاهدين بطريقة عفوية وعاطفية الى أماكن كان لها وقعها على قلوبهم، وهو مسلسل جيد، البناء الدرامي فيه ملفت، وأداء الممثلين فيه عفوي. هذا العمل الذي يضع يده على جرح بات منتشراً في أقطار عربية كثيرة، نعتاد على سماع المصائب فيها، على عكس دولة فتحت ذراعيها للجميع، ليكونوا جزءاً من بنائها ونهضتها، وعنوانها بناء الانسان الذي لا يجب أن تتوافر فيه مفردة الخيانة، في أي حقل من مكوناتها، فما بالكم إذا كانت الخيانة للوطن. ومن لحظة إعلان شارة المسلسل والأغنية التي يصدح بها الفنان حسين الجسمي، التي تقول كثيراً وتختصره في سؤال دام «شو نقول لو خان الولد؟»، الولد (ذكراً أو أنثى)، هذا الذي يأتي كالحلم لكل عائلة، ترى فيه الأم شخصيات عديدة وأحلاماً كبيرة، ورغبة في أن يعيش عمرها وأكثر، ويرى فيه الأب امتداداً له، وصغرته، وآماله التي لم يحققها يوماً، لكن كلاهما الأم والأب يستعدان دوماً لذخره للوطن، فالخيانة مرفوضة من الفطرة، منذ لحظة صرخته الأولى وإطلاق الاسم عليه ونذره للحياة. لا شك أن الترقب لأحداث العمل حاضر بقوة، والتساؤلات كثيرة في عقل المتلقي من المشاهدين، مع كمية معلومات قد تجعلهم يتنبهون لكل صغيرة وكبيرة من حولهم في الواقع، وحسب ما يقدم العمل نفسه فهو مبني على وقائع معظمها حقيقية، وهذا من شأنه خلق حالة يقظة بشكل مباشر وغير مباشر مع المتلقي، الذي ومع كل حلقة وبشكل أو بآخر تبنى داخله رغبة في أن يكون جزءاً من القضاء على مجموعة صنفت نفسها بإسلامية، لكنها تؤكد بأفعالها أنها مجموعة إرهابية. الخطورة في العمل الذي تلمسه منذ المشاهد الأولى فيه إلى اللحظة، كم هم يشبهوننا، يتحدثون لغتنا، تفاصيل وجوههم تشبه تفاصيل وجوه نعرفها ونصادفها كل يوم، ولا نشك أبداً أنهم يكنون الشر في قلوبهم، وينتظرون اللحظة المناسبة كي ينقضوا على أحلامنا وعلى أمننا واستقرارنا. الفيلم يحمل قيمة وطنية، تؤديها أسماء فنية لها وقعها على المشاهدين، وحضور الفنان الكويتي جاسم النبهان بطلاً في العمل وشخصية مؤثرة ومحركة للأحداث، زاد من قيمة العمل من الناحية الفنية، وأعطى رغبة مضاعفة في معرفة الحكايات وطريقة غزلها. في المقابل، استطاع المسرحي الإماراتي مرعي الحليان، أن يؤكد دائماً على قدرته على مجابهة الكاميرا مهما كان نوعها درامية أو سينمائية، كما ثقته التي يبثها من خلال المسرح فقدم شخصية مهمة ومفصلية، فالمشهد الذي يظهر فيه وهو يحطم لوحات شقيقه الفنية ويتهمه بتحدي الدين كانت من أجمل المشاهد التي تم تقديمها في المسلسل. ومن المشاهد القوية أيضاً التي ظهرت في المسلسل كان في اللقاء الذي جمع الشخصية التي يؤديها حبيب غلوم مع شخصية القيادي من الإخوان المسلمين القادم من مصر، وهما يتفقان على الطرق الملتوية في تحويلات الأموال إلى مصر، دون أن يتنبه الأمن لها، كيف يستغل ابن البلد قوانين البلد كي يمرر مخططاته الإجرامية، في توظيف جماعاته في أهم الوظائف من مهندسين وأطباء، ومعلمين في الجامعات، مهن رواتبها الشهرية عالية وتحويلها إلى مصر لن تثير الشكوك، إضافة الى أن تلك الأعمال تسهل تنقلاتهم، فالمهندسين حسبه يداومون أسبوعين و يأخذون إجازة أسبوعين، يستطيعون أن ينقلوا الأموال معهم بكل سهولة. لكن الأمن حاضر ببزاته الرسمية والمدنية، وطرق المجابهة القوية تعطي شعوراً بالأمان دوماً، والقدرة على تنظيف المجتمع من مثل هؤلاء هي في المقدمة، وأن كان ثمة مجموعة تحاول السيطرة على الأغلبية، فإن طريقها الفشل بكل تأكيد. نكسة فنية في المقابل، ثمة أعمال إماراتية حضرت هذا العام لم تؤثر في المشاهد، وسببت له خيبة أمل بفنانين قدموا في تاريخهم الفني أعمالاً وأدواراً مهمة، وخير دليل هو المسلسل الذي حصل على أدنى نسبة مشاهدة وهو «الحرب العائلية الأولى» للمخرج أحمد العرشي، وهو من تأليف بطله أحمد الجسمي وبطولته، إلى جانب نصر حماد وسعاد علي وغيرهما، فلم يستطع الجسمي فعلاً أن يؤثر في المشاهدين لا من الناحية الكوميدية سمة العمل، ولا من خلال شخصيته.
مشاركة :