ينطلق الباحث والكاتب الإماراتي المهتم بشؤون العمل الثقافي والمسرحي منه بشكل خاص نجيب عبدالله الشامسي في إنجازه موسوعة رأس الخيمة من كون الوثائق التي تتضمنها هذه الموسوعة المؤلفة من ثلاثة أجزاء هي إرث للأجيال الإماراتية في المستقبل معرفة ماضي آبائهم وأجدادهم، وكيف أنهم صبروا وصابروا وكافحوا نوائب الزمان في تلك الحقبة من تاريخ الإمارات العربية المتحدة إلى أن وصل بهم الحال إلى ما هم عليه الآن، ولكي تكون شاهد إثبات لأجيال المستقبل على ما قدمه أسلافنا من تضحيات، وتحمل للمشقات... بهذا الوعي والفهم الثقافي والاجتماعي والوطني اشتغل الشامسي على هذا العمل الكبير بجهده الفردي، ولم يكن متفرغاً لهذا العمل، ومع ذلك جمع مادة توثيقية وتاريخية وصحفية وفوتوغرافية أخذت منه الكثير من الوقت والجهد والبحث والاستقصاء، ودافعه إلى ذلك = كما يقول حبه للكتابة = ولكن، من يقرأ هذه الموسوعة يعرف أن أكثر من دافع وراء هذا (السِفر)، فالشامسي رجل ثقافة وبحوث ودراسات، وهو ناشر، ورجل اقتصاد، وقلبه على الحركة المسرحية في الإمارات، وهذه المكونات في شخصية هذا الرجل العملي من الطبيعي أن تجعله يفكر في عمل كبير، وكان ذلك في هذه الموسوعة التي نعرض ما أمكننا العرض - ولو باختصار - أجزاءها الثلاثة تقديراً لمكانتها . الجزء الأول يتألف الجزء الأول من الموسوعة من أربعة أبواب يتفرع منها عدد من الفصول، وهو المنهج أو (الفهرست) الذي اتبعه نجيب عبدالله الشامسي بوضوح ونظام بحثي مرتب ودقيق. يدلنا الشامسي إلى الموقع الجغرافي، والموقع الطبيعي لإمارة رأس الخيمة، مشيراً إلى بيئاتها الخمس: البيئة الساحلية الشاطئية، الصحراوية البرية، الريفية الزراعية، البيئة السهلية، ثم أخيراً البيئة الجبلية، ويعمد الشامسي في تحليله الديموغرافي لسكان رأس الخيمة على ثلاثة مصادر: (دليل الخليج) للبحاثة الإنجليزي ج.ج لوريمر، والتعداد السكاني في الفترة من 15 مارس إلى 16 إبريل 1968. ينتقل الشامسي بعد ذلك إلى دور رأس الخيمة في مواجهة الأطماع البريطانية. من الأحداث المؤلمة التي مرت على رأس الخيمة (سنة اليوعة) أي سنة الجوع أو سنوات المجاعة في الحرب العالمية الثانية، ويذكر الشامسي بعضاً من الأهازيج التي كان يرددها أبناء رأس الخيمة في تلك السنوات ومنها: زعلان يوم أني أنا جيت قالوا نزل في ساحل عمان وأنا محلك عاد تميت كبوا قدركم صار حليان وحول دور رأس الخيمة في قيام دولة الاتحاد يأتي في الموسوعة.. .. لقد لعبت رأس الخيمة دوراً محورياً في قيام دولة الإمارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر العام 1971 حتى وإن تخلفت في عضوية هذا الكيان الوليد، حيث كان حاكمها ومن ورائه أبناء الإمارة تواقين لقيام كيان اتحادي يجمع شمل أبناء الإمارات، ويوحد صفوفهم ليحققوا انطلاقهم نحو التنمية والتقدم والازدهار... غير سنة الجوع مرت على رأس الخيمة سنة الطموة في العام 1957 حيث شهدت منطقة المعيريض في الإمارة الطوفان حيث ارتفعت المياه إلى رؤوس النخيل، وفي واقعة الطوفان هذه قال ابن ظاهر: تسعين ألف من المعيريض ترهدوا مشروكة ما بين مسلم وقورها وإلى نخيل الحيل جتها مسايل عواوينها قد غرّّق الماء جذورها يذكر الشامسي معلومات مكثفة حول الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية، ويدعم ذلك بصور فوتوغرافية بالأبيض والأسود في منتهى الأهمية التوثيقية والتاريخية، وتزخر الموسوعة أيضاً بشخصيات عربية وأجنبية زارت رأس الخيمة. وزراء قدمتهم رأس الخيمة: الشيخ عبدالله بن حميد القاسمي، سيف سعيد غباش، الشيخ عبدالملك بن كايد القاسمي، الشيخ عبدالعزيز بن حميد القاسمي، د. محمد عبدالرحمن البكر، سعيد أحمد غباش، د. سعيد عبدالله سلمان، سيف بن علي الجروان، الشيخ محمد بن صقر القاسمي، الشيخ فاهم بن سلطان القاسمي، د. علي عبدالعزيز الشرهان، د. خليفة محمد بخيت الفلاسي، حميد محمد القطامي، صقر غباش سعيد، أحمد جمعة الزعابي، محمد حسن عمران الشامسي، د. حجر أحمد بن حجر آل بوطامي البنعلي، وغيرهم الكثير من الشخصيات البارزة والمهمة. الجزء الثاني في الجزء الثاني من الموسوعة يوثق نجيب عبدالله الشامسي حوارات مع جيل من أبناء رأس الخيمة، لينتقل بعد ذلك إلى التركيبة الاقتصادية في الإمارة قبل 1971 مستعرضاً صناعة الغوص ومهنة صيد الأسماك والأهمية الزراعية والصناعية لاقتصاد رأس الخيمة إضافة إلى الصناعات والخدمات الحرفية، وصناعة السفن الخشبية. يفرد الشامسي صفحات وافية حول مجتمع رأس الخيمة التجاري، وفعاليات وانتخابات وأنشطة غرفة التجارة والصناعة والزراعة في رأس الخيمة التي تأسست في العام 1969، كما يفرد مساحة تعريفية بأرشيف غرفة تجارة رأس الخيمة. يشرح الشامسي بدقة وتوثيقية تاريخية واضحة المقومات الزراعية في رأس الخيمة، ويدون أعداد المزارع، والمساحات الزراعية الكلية في المنطقة خلال الفترة من 1998 - 2002، كما يثبت في الموسوعة مسرداً للشركات الغذائية في رأس الخيمة، ويشرح الشامسي، أيضاً، مقومات الصناعة وتنوعها في رأس الخيمة مثل صناعة الأسمنت، والسيراميك، والصناعات الدوائية، كما يضع جدولاً لأعداد ورؤوس أموال الشركات المساهمة العامة في رأس الخيمة، إضافة إلى نماذج من الشركات الصناعية الكبرى. يعرض الشامسي المحطات التاريخية في سجل بلدية رأس الخيمة ورؤساء الدائرة والمديرين الذين تعاقبوا عليها ،كما يؤرخ للمجلس البلدي لرأس الخيمة من 1969 - إلى العام 2000، ويثبت مسرداً طويلاً بأسماء الذين تعاقبوا على رئاسته من شيوخ الإمارة، وبعد ذلك، يثبت الشامسي أرشيف البلدية من لقاءات وتحقيقات صحفية. من المهم القول إن الجزء الثاني من الموسوعة معزز بالكثير من الجداول والاحصائيات والأرقام، وذلك، بالطبع يعود إلى طبيعة المادة الاقتصادية الغزيرة التي اشتغل عليها الشامسي الذي في مادة تالية يضيء على الخدمات المصرفية في رأس الخيمة خلال عقد الستينات من القرن الماضي، ونشاهد في الموسوعة صور الرعيل الأول من أبناء رأس الخيمة الذين عملوا في البنك البريطاني HSBC. يؤرخ الشامسي للتجارة الخارجية في رأس الخيمة في عقد الستينات ومن ربابنة التجارة الخارجية في رأس الخيمة: إسماعيل بن عيسى جكة المنصوري وجاسم بن عبيد بن سالم العبدولي، وعيسى بن علي المفتول آل علي، وعيسى محمد بن سالم المفتول. يضع الشامسي مسرداً طويلاً أيضاً بأسماء التجار القدامى. من المهن التي كانت سائدة قديماً (صانع النعال)، أما أول نجار عرفته رأس الخيمة فهو (بهمن رحمة الله أبو فايز) من أول الوافدين الذين عملوا في مهنة النجارة. يطوف بنا الشامسي (مادة وصوراً) في الجزء الثاني من الموسوعة بأسواق السمك، وسوق الخضار ويذكر أشهر تجارها. الجزء الثالث كتاب وأدباء الثمانينات في رأس الخيمة بحسب الموسوعة: عبدالله الهدية، ثاني السويدي، أحمد العسم، محمد المكي الهاجري، ماجد بن سلطان الخاطري، ومن التراثيين وصنايعية (الغناء) والتراث عبدالله خلفان عسكور، عبدالله خميس راشد الحبسي، خلفان سالم الزيدي. يضيء الشامسي على مسرح رأس الخيمة الوطني الذي يعتبره أول مسرح في الدولة الذي قدم حتى الآن أكثر من 60 مسرحية. رواد المسرح في رأس الخيمة كما جاء في الموسوعة: جابر نغموش، حمد سلطان (أول من كتب مسرحية محلية في رأس الخيمة)، عبدالله محمد الأستاذ، سعيد خلفان بوميان، أحمد سعيد غنيوات، أما الأكاديميون المسرحيون الأوائل فهم: إبراهيم راشد بو خليف (أول خريج مسرحي في الدولة)، د. حبيب غلوم (أول دكتوراه في المسرح في الدولة)، خالد أحمد البناي (ماجستير في المسرح)، وليد عمران (أول خريج في السينوغرافيا)، وليد راشد الزعابي. رواد الغناء في رأس الخيمة: حارب الزعابي، علي بو الروغة، موزة سعيد، محمد سهيل الكتبي، جاسم عبيد، جمعة البقيشي. أما فنانو الثمانينات في رأس الخيمة فهم: سالم عثمان إبراهيم الماس، إبراهيم السكار، يوسف الوهابي، خالد السعدي، عبدالوهاب الوهابي، جمعة الفيروز. الفنانون التشكيليون في رأس الخيمة، عبيد سرور الماس، حميد النعيمي، وهيبة اليهمة، ناصر أبو عفرا، صوغية صراي.
مشاركة :