ما زلنا مع مرحلة التأسيس السعودي، على يد الملك عبد العزيز، ورجالات الدولة في عهد الغرس، وكل الناس بتلك الحقبة الفريدة من عمر الزمان. هناك قصة كثر الحديث عنها، لكن على المستوى الشفوي، ثم ظلت تردد ببعض المقالات والكتب، دون الإحالة لمصدرها الأساسي. خلاصتها أن الملك عبد العزيز رفض قبول طلب حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان، بفتح فروع للجماعة بالسعودية، وكان رده حصيفا حين قال: كلنا إخوان وكلنا مسلمون. هنا «أحاول» حصر المرجع الأساس للقصة، وأهم تلك المراجع، بنظري، هي قصة الأمير فهد بن محمد بن عبد العزيز، وهو أحد أحفاد عبد العزيز الكبار، المقربين له، وقد نقل الكثير من أخبار جده، مباشرة عنه، حيث كان شابا ملاصقا له. يروي الأمير فهد بن محمد فيقول: «سمعت عن مقابلة الملك عبد العزيز لحسن البنا رئيس جماعة الإخوان المسلمين، وعرض البنا على الملك عبد العزيز فتح مكتب لـ(الإخوان) في المملكة، ووافق الملك عبد العزيز، وقال له (ما يخالف لكن من ستعينون في هذا المكتب؟)، واقترح حسن البنا اثنين من جماعة الإخوان، ورد عليه الملك عبد العزيز وقال: (نسيتوا واحد؟)، وقال حسن البنا (من هو؟)، فرد عليه الملك عبد العزيز (أنا.. أجل حنا (منّا) مسلمين؟ كلنا إخوان مسلمين)». (جريدة «الجزيرة» السعودية. العدد رقم 14969 الأحد 16 ذي القعدة 1434 هجري 22 سبتمبر (أيلول) 2013). قال المرحوم الشيخ محمد أمان الجامي بشريط «توجيهات بعد العشاء». الشريط 4. من دروسه بالمسجد النبوي: «هذا الذي يقال عن الملك عبد العزيز رحمه الله، عندما حجّ حسن البنا فقال له: يا طويل العمر أنا أريد أن أنشئ لي جماعة هنا عندكم. قال له الملك عبد العزيز: يا طويل العمر أنا شعبي كلهم مسلمون أين تحط جماعتك؟، ما لهم مكان، خليهم هناك في مصر». الدكتور محمد الهوشان، وهو من الرعيل الأول من مبتعثي التعليم السعودي (لنا عودة لقصة الملك عبد العزيز مع الابتعاث العلمي الأول)، ذكر في حوار مع مجلة «اليمامة» السعودية، نقلته جريدة «إيلاف»: «أراد حسن البنا من قدومه للحج ذلك العام أن يطلب من الملك عبد العزيز أن يسمح له بإنشاء فرع لـ(الإخوان) في المملكة، فقال له الملك الداهية: ألم تعلم أني وجميع شعبي من الإخوان المسلمين، وأن جميع المملكة فرع من جماعة الإخوان، وهل لا ترضى بي رئيسًا لهذا الفرع؟»، وأضاف الهوشان: «هكذا تغلب دهاء الملك على طموح مؤسس الإخوان». هذه لمحة عن عقل التأسيس.
مشاركة :